الحياة أمل ومن فقد الأمل صعبت حياته، وهو المحرك والمحفز للعمل، والأمل هو ما يُميز الإنسان الجاد عن سائر الناس، بل حتى عن سائر المخلوقات الأخرى.
تستغرب عندما ترى شباباً في مقتبل العمر وقد فقدوا الأمل، ودائماً يرددون «راحت علينا»، كناية عن انتهاء الفرص ولم يبقَ لهم أي شيء، وهي أخطر أمراض المجتمع على الإطلاق، وهي نفسية من فقد الأمل من حياته.
من أكبر الأمراض المؤثرة في الحياة أن يفقد الشاب الثقة بنفسه، ولا يعلم هذا المسكين أن ما تفكر فيه تحصَّل عليه، كما يقول علماء الإدارة، ولكن يجب أن يكون لديك شغف ما تعمل به قبل ذلك، وقوة إرادة فولاذية لا تقهر، وتشق طريقك للمستقبل بكل اقتدار، وأن تكون خطواتك مدروسة بعناية وعدم القفز في الهواء والابتعاد عن العواطف والإنصات للعقل والتوكل على الله بعد ذلك.
وهناك شباب تفتخر بهم عندما تشاهد الأمل في نفوسهم وأفعالهم، وطبقوا ذلك على أرض الواقع، جهودهم رائعة ومتميزة، وطموحاتهم تعانق السماء، يكتبون أسماءهم بماء الذهب على جدران التاريخ، إنهم من أمهر صناع التاريخ، وجودهم له هدف ومعنى، فهم يحققون ذواتهم بكل فخر، مبتعدين عن كل السلبيين والمثبطين. وصدق أرسطو عندما قال:«نحن ما نفعله مراراً وتكرارًا، فالتميز ليس بالفعل بل بالعادة».
والحياة فيها مطبات ومتاعب وهي تصيب الجميع، ولكن كيف نستطيع تجاوز كل هذه المنغصات بسلاح الأمل، ومن يسبر حياة النبي صلى الله عليه وسلم يجدها مليئة بالأمل وحب الخير للآخرين حتى المخالفين، خاصة في حادثة الهجرة النبوية الشريفة التي كانت مدرسة الأمل والتفاؤل، ومن نماذج تفاؤله صلى الله عليه وسلم وتسامحه وسماحته ما قالته أمنا عائشة – رضي الله عنها – للنبي صلى الله عليه و سلم: هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً».
كذلك المعرفة من أهم ما يعين الإنسان على الأمل ومواجهة العقبات في حياته، وهي تأتي من مصادر عدة من أهمها قراءة الكتب المتخصصة، ويعتبر الدكتور ستيفن كوفي، من أهم الكُتاب حيث أحدث ثورة هائلة في كيفية تحكم الإنسان بنفسه وأخذ زمامها عبر ما يطرحه في كتبه، وهو من أبرز المدربين والمؤلفين الذين تحدثوا في تطوير الذات، وتمت تسميته من قبل مجلة «تايم» الأميركية ضمن أكثر 25 أميركياً مؤثراً في أميركا، وأبرز الكتب التي ألفها كتاب العادات السبع لأكثر الناس فعالية، وهذه العادات هي الأولى: كن مبادراً، الثانية: ابدأ والنهاية في ذهنك، الثالثة: «ضع الأول أولاً»، الرابعة: فكر بعقلية اربح ويربح الآخرون، الخامسة: احرص على أن تفهم أولاً ثم تفهم الآخرين، السادسة: التعاون الإنمائي، السابعة: اشحذ المنشار.
ومن أهم أسباب تشجيعي لقراءة كتب كوفي، انني أعتقد أن المبادئ الموجودة في الكتاب لا تختلف عن أمور كثيرة موجودة في ديننا الإسلامي الحنيف بل متوافقة معه، وبسبب الجهد البحثي الكبير الذي قام به المؤلف والذي نفتقده كثيراً بالعالم العربي، كما أن العادات السبع تعتبر من أهم ما يبدأ به الشخص الذي يحاول أن يطور من حياته للأفضل. وأعتقد أن مؤلفاته كوفي أن تكون منهجاً يدرس في المدارس والجامعات، وهو نموذج من نماذج التواصل والتكامل الحضاري.
[email protected]