رأي قلمي

طرفا المثلث!

تصغير
تكبير
في حالات الخوف، والعجز عن اتخاذ قرار، والتباس الأمور، غالبا ما تجد الناس يندفعون إلى الحلول والآراء الوسط، والابتعاد عن الآراء والحلول المتطرفة، وليس هذا شأن الناس العاديين فقط، بل هو ما يصير اليه كثير من الأحيان، المصلحون والمحققون والقضاة والمفكرون والعلماء و...و...و، حرصا على الوصول إلى الحقيقة، حيث يلجأون إلى الصلح والذي يقوم أساساً على مبدأ الحل الوسط، وهم يفعلون ذلك غالباً عند التباس النتائج وغموض المواقف وانعدام الأدلة.

لا نقول ان الحلول المتوسطة هي حلول خاطئة دائماً على المستوى النظري وعلى المستوى الأخلاقي، لكننا نريد أن نوضح أن هناك انطباعاً سائداً لدى كثير من الناس بأن الحلول الوسط هي دائماً حلول جيدة وعادلة، وهذا شيء غير مقبول، لأنه ليست الحلول المتوسطة دائماً صحيحة، قد نتعرض لموقف ما، ويتم عرض ثلاثة آراء لعلاج الموقف، وتكون الثلاثة خاطئة، الوسط والطرفان، لأن هناك رأياً رابعاً هو الصحيح، لكن لم يتم الاهتداء إليه، أو لم يتم عرضه.


قد يكون الحق الصريح والعلاج الناجع في أحد الطرفين، وهنا اللجوء إلى الحل الوسط يمكن أن ينطوي على نوع من الخطأ السلوكي، أو التنازل عن أمر لا يصح التنازل عنه. لا يكون اللجوء إلى حل وسط بين حلال صريح وحرام صريح، أو بين واجب صريح ومحظور صريح، الا في حالات الضرورة والإكراه المعتبرة شرعاً. يمكن في حالة اللجوء إلى الحلول الوسط أن نأخذ أفضل ما في الطرفين وأسوأ ما فيهما، فحين يكون أضلاع الموقف أو المشكلة أو القضية متساويين، فإن قمة الأضلاع تشكل أفضل الوسط، وإذا أردنا أن نأخذ أفضل الطرفين، فعلينا أن نحاول الارتقاء في اتجاه قمة الأضلاع خصوصا إن كانت تستند على بعضها، كما أن الذين يتجهون نحو قاعدة الأضلاع يأخذون أسوأ ما في الطرفين، وكل منهما يمكن أن يسمى حلاً وسطاً.

هناك أشخاص ينحازون للقديم، ويرفضون الجديد، وهناك غيرهم انسلخوا عن القديم وغرقوا في الجديد، وهناك فريق ثالث أخذ أسوأ ما في القديم وأسوأ ما في الجديد، وثمة فريق رابع يحاول أن يأخذ أفضل ما في القديم وأفضل ما في الجديد، إذاً من الممكن للحل المتوسط أن يمثل قمة الصواب والصلاح، كما يمكن له أن يشكل قمة الخطأ والفساد. وبهذا يتضح أن انجذاب الناس الى الحلول المتوسطة بناءً على انطباع خاطئ ينص على أن «خير الأمور أوسطها» على نحو ساذج ومتعجل، كثيراً ما ينطوي على أخطاء فادحة ونتائجه وخيمة.

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي