فرنسا على خط التفاوض بين بيروت والرياض في شأن هِبة تسليح الجيش
لبنان لاقى «الغضبة» السعودية بتصويب ٍ صعب ٍ لمسار سياسته الخارجية
بري: بعد مهاجمة سفارة السعودية سارعت طهران للاستنكار فهل لبنان أقوى من إيران ليفتح كلّ منّا «على حسابو»؟
تَجاوَز لبنان امس وبـ «شقّ النفس» العصْف الداخلي لـ «الغضبة» السعودية - الخليجية التي كان فجّرها إعلان الرياض قبل أربعة ايام إجراء مراجعةٍ شاملةٍ لعلاقاتها مع بيروت، شكّل «اول الغيث» فيها وقف العمل بمساعدات الـ 4 مليارات دولار للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، من دون ان يعني ذلك إطفاء «الحريق الديبلوماسي» الذي أحدثتْه الخطوة السعودية «الصادمة»، التي جاءت على خلفية ما اعتبرته المملكة «مصادرة حزب الله لإرادة لبنان» والمواقف المناهضة لها على المنابر العربية والدولية وخروج «بلاد الأرز» عبر وزير الخارجية جبران باسيل عن الاجماع العربي المتضامن مع السعودية بعد الاعتداء على سفارتها في طهران.
فبعد جلسة طارئة «ماراتونية» عقدها مجلس الوزراء امس برئاسة الرئيس تمام سلام، نجحت الحكومة في الاستيلاد «القيصري» لتسويةٍ في ما خصّ السياسة الخارجية للبنان قامت على المواءمة بين مقتضيات حفظ الوحدة الوطنية من جهة والالتزام بالإجماع العربي وميثاق جامعة الدول العربية من جهة أخرى، وفي الوقت نفسه الإبقاء على سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية ورفْض وسم «حزب الله» بالإرهاب.
وتخلّلت الجلسة، التي خلصت الى تأكيد ان لبنان عربي الهوية والانتماء والتشديد على الوقوف الى جانب مصلحة الدول العربية، مناقشات وتجاذبات لم تخلُ من الحدّة وتركّزت على 3 نقاط انطوت على اعتراضات متبادلة بين فريقيْ 14 آذار و 8 آذار: الأولى رفْض «حزب الله» ذكر عبارة الإجماع العربي في البيان الذي تلاه الرئيس سلام إلا من زاوية ربْط هذا الاجماع بحق الفيتو لأي طرف لبناني، والثانية عدم الموافقة على إدراج عبارة رفْض المسّ بأيّ مكوّن من مكوّنات الحكومة وتصنيفه إرهابياً، والثالثة الاعتراض على إيراد موقف يتعلق بتكرار الإدانة للاعتداءات على البعثات الديبلوماسية في طهران.
وجرتْ مداولات مجلس الوزراء على وقْع ارتفاع منسوب الاحتقان السياسي في لبنان نتيجة القرار السعودي الذي راوحت القراءات له بين اعتباره تمهيداً لانسحابٍ من المشهد اللبناني بفعل التسليم بطغيان النفوذ الايراني، وبين التعاطي معه على انه في سياق تفعيلٍ للمواجهة مع هذا النفوذ، وفي ظل تلويح قوى 14 آذار عقب اجتماع قادتها ليل الاحد في دارة الرئيس سعد الحريري بـ «كلام آخر»، ما لم تتخذ الحكومة موقفاً «يؤكد التزام لبنان بالتضامن والإجماع العربي ورفض اي تعرض او انتهاك لسيادة اي دولة عربية».
واذا كان تحديد الحريري منذ ليل اول من امس موعد مؤتمره الصحافي الذي عقده مساء امس اعتُبر في سياق «الضغط الاستباقي» على الحكومة لحمْلها على تصويب مسار السياسة الخارجية وإنقاذ علاقة لبنان مع السعودية ودول الخليج، فإن اللافت كان ان جلسة مجلس الوزراء التي كانت تنخرط في محاولات تدوير الزوايا دهمتها 3 مواقف: الاول سعودي وحمل أوّل تبنّ رسمي لما كان اعلنه مصدر سعودي لوكالة «واس» يوم الجمعة عن قرار وقف العمل بالمساعدات العسكرية للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي وموجبات هذا القرار. وقد جاء التبني على أعلى مستوى من خلال ما صدر عن مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعه امس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والذي تمسّك بحرفية ما جاء على لسان المصدر السعودي باستثناء عدم ورود عبارة «ان المملكة قامت بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية بما يتناسب مع هذه المواقف ويحمي مصالح المملكة».
وتجلّى الموقف الثاني في ما أعلنه وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة لقناة «سي ان ان» عن دعم بلاده للسعودية في قرارها «بقطع المساعدات عن لبنان إثر مواقف حزب الله العدائية»، لافتاً الى أن «السعودية وقفت على الدوام مع لبنان وكذلك فعلنا نحن وساندناه في جميع المجالات السياسية والاقتصادية، وهذا ما كنا نتوقعه بالمقابل من دولة عربية شقيقة مثل لبنان»، مشدداً على أنه «سيكون على لبنان الآن الاختيار بين أن يكون جزءاً من أمّته العربية أو أن يكون متحالفاً مع منظمة إرهابية».
اما الموقف الثالث فتمثّل في صدور اول تعليق فرنسي على القرار السعودي الذي يشتمل في شقه المتعلق بالجيش اللبناني وقف العمل بهبة الـ 3 مليارات دولار المخصصة لتسليحه من فرنسا. اذ اعلن الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال ان باريس «ملتزمة حماية لبنان من نتائج الوضع في المنطقة. وهذا الالتزام جزء من استراتيجيتها في الشرق الاوسط»، موضحاً ان «البرنامج الذي موّلته السعودية هدفه المساهمة في تجهيز القوى العسكرية اللبنانية للتمكن من حماية البلد بكل استقلالية»، ومشيراً الى «ان باريس تتابع حوارها مع السلطات اللبنانية والسعودية للتوصل الى هذا الهدف».
وجاء الإخراج «المدوْزن» لبيان الحكومة اللبنانية بعد اتصالات مكوكية منذ ليل الأحد شارك فيها كل من رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط في محاولة لتفادي «كأس» تفجير الحكومة في ظلّ الفراغ الرئاسي ولا سيما بعد «الهزة» التي نجمت عن الاستقالة المفاجئة لوزير العدل اللواء اشرف ريفي والتي قدّمها خطياً امس للرئيس سلام، وبعد بيان 14 آذار الذي دعا الحكومة إلى «رفض أي تعرُّض أو انتهاك لسيادة أي دولة عربية»، مكرّراً «التأييد الكامل للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، ورفض تحويل لبنان قاعدة يتم استخدامها من أجل معاداة أي دولة عربية أو التدخُّل في شؤونها»، مع تحميل «حزب الله وحلفائه مسؤولية افتعال هذه المشكلة الخطيرة وغيرها».
على ان «كلمة السرّ» الأهمّ حملها الرئيس بري من خلال ما نقله عنه زواره مساء أول من أمس من انه يؤيد انعقاد جلسة مجلس الوزراء «وتثبيت سياسة لبنان الخارجية على قاعدة التمسك بالاجماع العربي في القضايا المشتركة وتطبيق سياسة النأي بالنفس في ما يتعلق بسورية»، وقوله تعليقاً على كل الردود التي انطلقت على قرار السعودية وقف الهبتين الماليتين ان من الافضل «الحد من الثرثرة في هذا الموضوع لان الوضع لا يحتمل»، لافتاً الى «ان إيران بما تمثله من قوّة اقليمية تؤكد في كلّ مناسبة حرصَها على إقامة علاقات جيّدة مع السعودية، فعندما هوجمَت السفارة السعودية في طهران سارعت القيادة الإيرانية الى الاستنكار وتوقيف المرتكبين، فهل لبنان أقوى من إيران حتى يفتح كلّ منّا على حسابو؟».
فبعد جلسة طارئة «ماراتونية» عقدها مجلس الوزراء امس برئاسة الرئيس تمام سلام، نجحت الحكومة في الاستيلاد «القيصري» لتسويةٍ في ما خصّ السياسة الخارجية للبنان قامت على المواءمة بين مقتضيات حفظ الوحدة الوطنية من جهة والالتزام بالإجماع العربي وميثاق جامعة الدول العربية من جهة أخرى، وفي الوقت نفسه الإبقاء على سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية ورفْض وسم «حزب الله» بالإرهاب.
وتخلّلت الجلسة، التي خلصت الى تأكيد ان لبنان عربي الهوية والانتماء والتشديد على الوقوف الى جانب مصلحة الدول العربية، مناقشات وتجاذبات لم تخلُ من الحدّة وتركّزت على 3 نقاط انطوت على اعتراضات متبادلة بين فريقيْ 14 آذار و 8 آذار: الأولى رفْض «حزب الله» ذكر عبارة الإجماع العربي في البيان الذي تلاه الرئيس سلام إلا من زاوية ربْط هذا الاجماع بحق الفيتو لأي طرف لبناني، والثانية عدم الموافقة على إدراج عبارة رفْض المسّ بأيّ مكوّن من مكوّنات الحكومة وتصنيفه إرهابياً، والثالثة الاعتراض على إيراد موقف يتعلق بتكرار الإدانة للاعتداءات على البعثات الديبلوماسية في طهران.
وجرتْ مداولات مجلس الوزراء على وقْع ارتفاع منسوب الاحتقان السياسي في لبنان نتيجة القرار السعودي الذي راوحت القراءات له بين اعتباره تمهيداً لانسحابٍ من المشهد اللبناني بفعل التسليم بطغيان النفوذ الايراني، وبين التعاطي معه على انه في سياق تفعيلٍ للمواجهة مع هذا النفوذ، وفي ظل تلويح قوى 14 آذار عقب اجتماع قادتها ليل الاحد في دارة الرئيس سعد الحريري بـ «كلام آخر»، ما لم تتخذ الحكومة موقفاً «يؤكد التزام لبنان بالتضامن والإجماع العربي ورفض اي تعرض او انتهاك لسيادة اي دولة عربية».
واذا كان تحديد الحريري منذ ليل اول من امس موعد مؤتمره الصحافي الذي عقده مساء امس اعتُبر في سياق «الضغط الاستباقي» على الحكومة لحمْلها على تصويب مسار السياسة الخارجية وإنقاذ علاقة لبنان مع السعودية ودول الخليج، فإن اللافت كان ان جلسة مجلس الوزراء التي كانت تنخرط في محاولات تدوير الزوايا دهمتها 3 مواقف: الاول سعودي وحمل أوّل تبنّ رسمي لما كان اعلنه مصدر سعودي لوكالة «واس» يوم الجمعة عن قرار وقف العمل بالمساعدات العسكرية للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي وموجبات هذا القرار. وقد جاء التبني على أعلى مستوى من خلال ما صدر عن مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعه امس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والذي تمسّك بحرفية ما جاء على لسان المصدر السعودي باستثناء عدم ورود عبارة «ان المملكة قامت بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية بما يتناسب مع هذه المواقف ويحمي مصالح المملكة».
وتجلّى الموقف الثاني في ما أعلنه وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة لقناة «سي ان ان» عن دعم بلاده للسعودية في قرارها «بقطع المساعدات عن لبنان إثر مواقف حزب الله العدائية»، لافتاً الى أن «السعودية وقفت على الدوام مع لبنان وكذلك فعلنا نحن وساندناه في جميع المجالات السياسية والاقتصادية، وهذا ما كنا نتوقعه بالمقابل من دولة عربية شقيقة مثل لبنان»، مشدداً على أنه «سيكون على لبنان الآن الاختيار بين أن يكون جزءاً من أمّته العربية أو أن يكون متحالفاً مع منظمة إرهابية».
اما الموقف الثالث فتمثّل في صدور اول تعليق فرنسي على القرار السعودي الذي يشتمل في شقه المتعلق بالجيش اللبناني وقف العمل بهبة الـ 3 مليارات دولار المخصصة لتسليحه من فرنسا. اذ اعلن الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال ان باريس «ملتزمة حماية لبنان من نتائج الوضع في المنطقة. وهذا الالتزام جزء من استراتيجيتها في الشرق الاوسط»، موضحاً ان «البرنامج الذي موّلته السعودية هدفه المساهمة في تجهيز القوى العسكرية اللبنانية للتمكن من حماية البلد بكل استقلالية»، ومشيراً الى «ان باريس تتابع حوارها مع السلطات اللبنانية والسعودية للتوصل الى هذا الهدف».
وجاء الإخراج «المدوْزن» لبيان الحكومة اللبنانية بعد اتصالات مكوكية منذ ليل الأحد شارك فيها كل من رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط في محاولة لتفادي «كأس» تفجير الحكومة في ظلّ الفراغ الرئاسي ولا سيما بعد «الهزة» التي نجمت عن الاستقالة المفاجئة لوزير العدل اللواء اشرف ريفي والتي قدّمها خطياً امس للرئيس سلام، وبعد بيان 14 آذار الذي دعا الحكومة إلى «رفض أي تعرُّض أو انتهاك لسيادة أي دولة عربية»، مكرّراً «التأييد الكامل للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، ورفض تحويل لبنان قاعدة يتم استخدامها من أجل معاداة أي دولة عربية أو التدخُّل في شؤونها»، مع تحميل «حزب الله وحلفائه مسؤولية افتعال هذه المشكلة الخطيرة وغيرها».
على ان «كلمة السرّ» الأهمّ حملها الرئيس بري من خلال ما نقله عنه زواره مساء أول من أمس من انه يؤيد انعقاد جلسة مجلس الوزراء «وتثبيت سياسة لبنان الخارجية على قاعدة التمسك بالاجماع العربي في القضايا المشتركة وتطبيق سياسة النأي بالنفس في ما يتعلق بسورية»، وقوله تعليقاً على كل الردود التي انطلقت على قرار السعودية وقف الهبتين الماليتين ان من الافضل «الحد من الثرثرة في هذا الموضوع لان الوضع لا يحتمل»، لافتاً الى «ان إيران بما تمثله من قوّة اقليمية تؤكد في كلّ مناسبة حرصَها على إقامة علاقات جيّدة مع السعودية، فعندما هوجمَت السفارة السعودية في طهران سارعت القيادة الإيرانية الى الاستنكار وتوقيف المرتكبين، فهل لبنان أقوى من إيران حتى يفتح كلّ منّا على حسابو؟».