حركة الحريري الرئاسية على محكّ جلسة الانتخاب في 2 مارس

النفايات تصيب لبنان السياسي بـ «هزيمة جديدة»

تصغير
تكبير
وفد من «المستقبل» يجول على المرشحين الثلاثة وعون يستعدّ لزيارة موسكو
خطفت العاصفة الجديدة المتصاعدة على نحو واسع في لبنان، والمتعلقة بأزمة النفايات المستمرة منذ 7 اشهر، من دون اي حل ظرفي او دائم لها، الأضواء عن المشهد السياسي، الذي شهد تحريكاً ملحوظاً، منذ عودة الرئيس سعد الحريري الأحد الماضي، الى بيروت.

وبدأت العاصفة الجديدة التي انفجرت قبل ايام، مع افتضاح قضية تزوير مزعومة في وثائق روسية، تتناول موافقة السلطات الروسية المعنية على ترحيل النفايات من لبنان الى منطقة في روسيا، بإثارة تداعيات حادة على مختلف الصعد، في وقت بدت الحكومة ورئيسها تمام سلام ووزير الزراعة المكلف ملف النفايات أكرم شهيب ومجلس الإنماء والإعمار المولج بتنفيذ قرار مجلس الوزراء المتعلق بترحيل النفايات، في موقع بالغ الحرج، في الأيام الأخيرة، نظراً الى عدم امتلاكهم الوقائع والحقائق الحاسمة والواضحة، التي ادت الى تعثر عملية ترحيل النفايات عبر شركة «شينوك» البريطانية.


ولعلّ أشد ما أَحرج المسؤولين المعنيين بالملف ان اي اجوبة رسمية مثبتة من الجانب الروسي في شأن الموافقة على ترحيل النفايات او في شأن ما يثار عن تزوير في وثائق الموافقة لم تظهر بعد، الأمر الذي حدا برئيس الحكومة اللبنانية الى تحديد مهلة نهائية للشركة التي تَقرر تلزيمها هذه العملية، تنتهي اليوم، لإبراز المستندات الرسمية الروسية، تحت طائلة إلغاء العقد معها والعودة الى البحث في حلّ بديل، يتردد انه سيكون العودة الى اعتماد مطامر في عدد من المناطق اللبنانية.

ووسط أجواء آخذة بالاحتدام، كانت انعكست اول من امس، على جولة الحوار النيابي الأخيرة، التي عُقدت في مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري، وطغت فيها أزمة ترحيل النفايات على كل المواضيع السياسية، بدت الحكومة امام اختبار شديد الحساسية مع انفجار هذه العاصفة واقتحامها مجلس الوزراء في جلسته العادية امس، حيث عادت نبرة المزايدات السياسية تعلو بقوة، وتدفع بالحكومة ورئيسها الى التعجيل في حسم الموقف.

ولكن الأسوأ من ذلك، ان هذا التطور واكبته مطالبات سياسية ومدنية وبيئية بمحاسبة المسؤولين عما آلت اليه الأزمة ونزْع الصلاحية من مجلس الإنماء والإعمار في متابعة الفصول التنفيذية للقرارات الحكومية، كما بدأت تتصاعد اتهامات حول تورطات مزعومة في عمولات وما شابهها وعن أدوار لـ «مافيات» لبنانية وروسية وتمليح وسائل إعلام في بيروت الى تَورُّط وزراء في البلدين في فضيحة «شينوك». وتقدم وزراء «حزب الكتائب» عاصفة الاحتجاجات، قي ظل تلويح بالانسحاب من جلسة مجلس الوزراء ما لم تتخذ الحكومة قراراً حاسماً وتتم العودة الى خطة سابقة وضعها الوزير شهيب، تلحظ إقامة مطامر صحية واستحداث معامل للفرز.

ورغم هذه الأجواء الصاخبة، فإن أوساطاً وزارية بارزة لم تُبْد مخاوف جدّية من اي تطورات غير محسوبة حول الوضع الحكومي، الذي قالت ان جميع القوى تلتزم المضي في الحفاظ عليه ومنْع اي اهتزاز جدي، من شأنه ان يعيد شلّ جلسات الحكومة.

ولكن الأوساط نفسها اعترفت بأن «ما طرأ في ملف النفايات شكّل تراكماً إضافياً يُثقل على الحكومة ويعرّضها لمزيد من الهلهلة في صورتها امام الرأي العام الداخلي والخارجي، الى حدود، يبدو معها لبنان في أسفل سلّم الدول الفاشلة». وتبعاً لذلك، أشارت الاوساط الى «أهمية إعادة التركيز على المساعي المحمومة التي تجري على المسار السياسي والرئاسي، باعتبار ان أزمات البلاد الخدماتية والاجتماعية والاقتصادية باتت تنذر بأن زمن الانهيارات بدأ واقعياً، ولم يعد الأمر مجرّد توقعات مضخّمة او تهويلاً».

وفي هذا السياق، تشير الأوساط المواكِبة لتحرك الرئيس سعد الحريري في الملف الرئاسي، الى انه «يبدو واضحاً ان الرجل نجح في إقامة أجواء سياسية حيوية افتقدها الواقع الداخلي طويلاً، ولكن ذلك لا يعني ضمان تحقيق اختراق وشيك في العقبات التي تحول دون إنهاء أزمة الفراغ الرئاسي».

وأفادت هذه الاوساط «الراي» بأن «لقاءات الحريري، والتي كان من أبرزها أوّل من امس، استقباله النائب سليمان فرنجية ثم زيارته الرئيس بري، تركت انطباعات قوية حول مدى جدية تمسّك الحريري بدعم فرنجية مرشحاً للرئاسة من جهة، والدفع من جهة ثانية نحو التوافق مع سائر القوى على مبدأ النزول الى مجلس النواب في 2 مارس المقبل، لخوض معركة تنافسية بين ثلاثة مرشحين هم عون، المدعوم من رئيس حزب (القوات اللبنانية) سمير جعجع و(حزب الله)، وفرنجية وهنري حلو (مرشح النائب وليد جنبلاط). وقد بدأ وفد نيابي من كتلة (المستقبل) يضم النائبين احمد فتفت وعاطف مجدلاني امس، جولة على المرشّحين الثلاثة، لشرْح موقف الكتلة والرئيس الحريري من هذا الموضوع».

ولكن الأوساط استبعدت اي تبديل في صورة المأزق الرئاسي قبل الثاني من مارس المقبل، موعد الجلسة الجديدة لانتخاب رئيس الجمهورية، إلا اذا طرأت عوامل ليست في الحسبان، وهو امر مستبعد الى حدود كبيرة، ولا سيما في ظل تأكيد فرنجية انه ليس في وارد القيام بأي خطوة، بمعنى النزول الى البرلمان، من دون التنسيق مع «حزب الله».

وفي حين يُنتظر ان يتوجّه عون الأسبوع المقبل الى موسكو، حيث سيعقد لقاءات تتناول الوضع في سورية ولبنان والملف الرئاسي، في ضوء الانطباع بان موسكو تدعم وصول فرنجية، وعلى وقع تلميحات الى ان عون يتعاطى مع جلسة 2 مارس، على ان ما بعدها ليس كما قبلها، وانه قد يلجأ الى وسائل ضغط مفاجئة لضمان عدم القفز فوق «ميثاقية» ترشيحه وانتخابه بعدما تبنّته «القوات اللبنانية»، تعتقد الأوساط المواكِبة لتحرّك الحريري ان الأخير «لن يغادر بيروت قبل هذا الموعد على الاقل وانه يرجح ان يحضر بنفسه جلسة 2 مارس، للتدليل على الجدية القصوى لمطالبته بالاحتكام الى الانتخابات والتنافس الديموقراطي، وبعد ذلك ليتحمّل كل فريق مسؤوليته في تعطيل هذا المسعى».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي