تقرير / 11 عاماً على بداية «الزلزال»
جريمة اغتيال الحريري ... باقية وتتمدّد
تحت شعار «الحق معك... واليوم أكثر»، يحيي لبنان اليوم الذكرى الـ 11 لاغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري، التي تحلّ داخلياً في لحظة بالغة الخطورة، وخارجياً وسط بركان تحوّلات، تشي بتغيير الوجه الجيو بوليتيكي للمنطقة.
في 14 فبراير 2005، حين اهتزّ العالم على وقع انفجار الـ 2 طن وأكثر، الذي دوّى عند الواجهة البحرية لبيروت، وانقشع دخانه الأسْود على حقيقة مُرّة، عنوانها اغتيال الرئيس الحريري، واليوم أكثر من أيّ وقت، يتكشّف المسرح الإستراتيجي لشطْب الحريري من المعادلة اللبنانية كجزء من عملية مدّ وصدّ، شكّل صاعقها سبتمبر الأسود الأميركي، الذي بدأت معه طهران تحقق مكاسب ذهبية، لا سيما بعد سقوط نظام «طالبان» في أفغانستان وصدّام حسين في العراق، الى ان ارتسمت المخاوف من موجة حكم أكثريات في المنطقة، تطول سورية وتقطع الطريق على مشروع التمدُّد الإيراني حتى المتوسط.
بعد 11 عاماً، ازداد الاقتناع في بيروت، بين خصوم محور الممانعة، بأن جريمة 14 فبراير 2005 جاءت على نقطة تَقاطُع مصالح إيراني - سوري، له هدفان: الأوّل سوريّ قريب المدى لملاقاة مرحلة ما بعد القرار الدولي الرقم 1559 (سبتمبر 2004) الذي أعطى عملياً «أمر العمليات» الدولي للانسحاب العسكري السوري من لبنان، عبر ترْك «بلاد الأرز» من دون «ذراعها الدولية» اي الرئيس رفيق الحريري، الذي كان بقاؤه لاعباً مؤثّراً سيشكّل عنصر تهديد لنظام الرئيس بشار الأسد حتى داخل حدوده، و«مانعة صواعق» - من خلال لعبة التوازنات الداخلية - أمام انزلاق لبنان الى صراع، بات الآن يدور على «رأس» اتفاق الطائف والصيغة الدستورية التي أرساها والتي تَوزّعت من خلالها «كعكة السلطة» على الطوائف والمذاهب.
أما الهدف الثاني، فإيرانيّ بعيد المدى، ويتمثّل في منْع اي وقف لـ «دومينو» تمدُّد الجمهورية الإسلامية من خلف خطوط «الحرب على الإرهاب» وإفقاد المملكة العربية السعودية عنصر ثقل رئيساً، كان يشكّله الحريري، ومن خلاله لبنان (ولا سيما بعد ان يحصل الانسحاب السوري) في ظل وضْع الرئيس الشهيد نصب عينيْه الفوز في الانتخابات النيابية (صيف 2005) متحالِفاً مع النائب وليد جنبلاط والقوى المسيحية التي كانت تعارض الوجود السوري في لبنان تحت عنوان «تطبيق الطائف».
وثمة من رأى بين خصوم دمشق وطهران أن التطورات التي شهدتها البلاد في الأعوام الـ 11 الأخيرة ولا سيما منذ اندلاع الثورة في سورية، أثبتت ان اغتيال الحريري هو في سياق عملية «ترسيم النفوذ» الخشِنة في المنطقة بين المحاور والتي «انفجرت» بالكامل مع الثورات العربية التي أطاحت بأنظمة، الى ان «وقفت» عند الأسد، الذي يشكّل لبنان ايضاً وعبر «حزب الله» خط الدفاع الأول عنه، وكل ذلك، أتاح لطهران تتويج «انتصاراتها» في إدارة اللعبة في كل من سورية والعراق ولبنان من خلال إبرام الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي مستفيدة من «استماتة» الإدارة الاميركية لإنجاز هذا الاتفاق الذي كرّس ايران قوة «متعدّدة الأذرع» في المنطقة او «قوة اقليمية عظمى» كما وصفها السيّد حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة.
«واليوم أكثر» من أي وقت، يتضح لمَن يدقّق في مجمل المشهد الذي ارتسم في لبنان منذ الـ 2005 الخلفيات الفعلية الخارجية - الداخلية لجريمة 14 فبراير التي أدخلت البلاد في صراع مكشوف على التوازنات بلغ مرات عدة درجة الصِدام بين فريقيْ «8 آذار» و «14 آذار» وطبعتْه اغتيالات (لـ 12 شخصية سياسية وإعلامية وأمنية) سابقت مسار قيام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وبدء عملها (في 1 مارس 2009) وصولاً الى انطلاق المحاكمات الغيابية في يناير 2014.
اليوم «يطلّ» الرئيس رفيق الحريري مجدداً بطيْفه على جمهوره، في لحظة إقليمية - دولية دراماتيكية، حققت معها ايران التي كانت جزءاً من «محور الشرّ» (وفق التصنيف الاميركي) مصالحة تاريخية مع «الشيطان الأكبر» (وفق التصنيف الايراني)، وبدا معها ان «المارد الايراني» خرج من «القمم» وانه يمسك «بخيوط - فتائل» في أكثر من ساحة.
اليوم يحلّ 14 فبراير، فيما المواجهة الايرانية - السعودية باتت «بلا قفازات» وربما تتّجه لتتحوّل «وجهاً لوجه» في سورية، حيث تضع طهران وموسكو ثقلهما العسكري لإعادة عقارب الثورة الى الوراء وجعْل إسقاط النظام «أمراً من الماضي»، في حين يبدو لبنان الذي كان من اول «حلبات» هذه المواجهة «معلَّقاً» على الملف الرئاسي الذي يدور في «حلقة فراغ» مستمرّ منذ 21 شهراً ونيف، والذي بات كل يوم إضافي من «عمره» يأكل من زمن الطائف الذي يواجه أكبر انتكاسة منذ ولادته قبل نحو 26 عاماً، في ظل شبه التسليم بأن «الفدية» التي ستُدفع لـ «حزب الله» و ايران لفك أسْر الاستحقاق الرئاسي ستكون من «جيْب» هذا الاتفاق، ولو في شكل تعديل في قواعد الحكم، يحرّر الطائفة الشيعية من الحاجة الى «متممات» سياسية لجعل «الفيتو» على القرار... مقرِّراً.
في 14 فبراير 2005، حين اهتزّ العالم على وقع انفجار الـ 2 طن وأكثر، الذي دوّى عند الواجهة البحرية لبيروت، وانقشع دخانه الأسْود على حقيقة مُرّة، عنوانها اغتيال الرئيس الحريري، واليوم أكثر من أيّ وقت، يتكشّف المسرح الإستراتيجي لشطْب الحريري من المعادلة اللبنانية كجزء من عملية مدّ وصدّ، شكّل صاعقها سبتمبر الأسود الأميركي، الذي بدأت معه طهران تحقق مكاسب ذهبية، لا سيما بعد سقوط نظام «طالبان» في أفغانستان وصدّام حسين في العراق، الى ان ارتسمت المخاوف من موجة حكم أكثريات في المنطقة، تطول سورية وتقطع الطريق على مشروع التمدُّد الإيراني حتى المتوسط.
بعد 11 عاماً، ازداد الاقتناع في بيروت، بين خصوم محور الممانعة، بأن جريمة 14 فبراير 2005 جاءت على نقطة تَقاطُع مصالح إيراني - سوري، له هدفان: الأوّل سوريّ قريب المدى لملاقاة مرحلة ما بعد القرار الدولي الرقم 1559 (سبتمبر 2004) الذي أعطى عملياً «أمر العمليات» الدولي للانسحاب العسكري السوري من لبنان، عبر ترْك «بلاد الأرز» من دون «ذراعها الدولية» اي الرئيس رفيق الحريري، الذي كان بقاؤه لاعباً مؤثّراً سيشكّل عنصر تهديد لنظام الرئيس بشار الأسد حتى داخل حدوده، و«مانعة صواعق» - من خلال لعبة التوازنات الداخلية - أمام انزلاق لبنان الى صراع، بات الآن يدور على «رأس» اتفاق الطائف والصيغة الدستورية التي أرساها والتي تَوزّعت من خلالها «كعكة السلطة» على الطوائف والمذاهب.
أما الهدف الثاني، فإيرانيّ بعيد المدى، ويتمثّل في منْع اي وقف لـ «دومينو» تمدُّد الجمهورية الإسلامية من خلف خطوط «الحرب على الإرهاب» وإفقاد المملكة العربية السعودية عنصر ثقل رئيساً، كان يشكّله الحريري، ومن خلاله لبنان (ولا سيما بعد ان يحصل الانسحاب السوري) في ظل وضْع الرئيس الشهيد نصب عينيْه الفوز في الانتخابات النيابية (صيف 2005) متحالِفاً مع النائب وليد جنبلاط والقوى المسيحية التي كانت تعارض الوجود السوري في لبنان تحت عنوان «تطبيق الطائف».
وثمة من رأى بين خصوم دمشق وطهران أن التطورات التي شهدتها البلاد في الأعوام الـ 11 الأخيرة ولا سيما منذ اندلاع الثورة في سورية، أثبتت ان اغتيال الحريري هو في سياق عملية «ترسيم النفوذ» الخشِنة في المنطقة بين المحاور والتي «انفجرت» بالكامل مع الثورات العربية التي أطاحت بأنظمة، الى ان «وقفت» عند الأسد، الذي يشكّل لبنان ايضاً وعبر «حزب الله» خط الدفاع الأول عنه، وكل ذلك، أتاح لطهران تتويج «انتصاراتها» في إدارة اللعبة في كل من سورية والعراق ولبنان من خلال إبرام الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي مستفيدة من «استماتة» الإدارة الاميركية لإنجاز هذا الاتفاق الذي كرّس ايران قوة «متعدّدة الأذرع» في المنطقة او «قوة اقليمية عظمى» كما وصفها السيّد حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة.
«واليوم أكثر» من أي وقت، يتضح لمَن يدقّق في مجمل المشهد الذي ارتسم في لبنان منذ الـ 2005 الخلفيات الفعلية الخارجية - الداخلية لجريمة 14 فبراير التي أدخلت البلاد في صراع مكشوف على التوازنات بلغ مرات عدة درجة الصِدام بين فريقيْ «8 آذار» و «14 آذار» وطبعتْه اغتيالات (لـ 12 شخصية سياسية وإعلامية وأمنية) سابقت مسار قيام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وبدء عملها (في 1 مارس 2009) وصولاً الى انطلاق المحاكمات الغيابية في يناير 2014.
اليوم «يطلّ» الرئيس رفيق الحريري مجدداً بطيْفه على جمهوره، في لحظة إقليمية - دولية دراماتيكية، حققت معها ايران التي كانت جزءاً من «محور الشرّ» (وفق التصنيف الاميركي) مصالحة تاريخية مع «الشيطان الأكبر» (وفق التصنيف الايراني)، وبدا معها ان «المارد الايراني» خرج من «القمم» وانه يمسك «بخيوط - فتائل» في أكثر من ساحة.
اليوم يحلّ 14 فبراير، فيما المواجهة الايرانية - السعودية باتت «بلا قفازات» وربما تتّجه لتتحوّل «وجهاً لوجه» في سورية، حيث تضع طهران وموسكو ثقلهما العسكري لإعادة عقارب الثورة الى الوراء وجعْل إسقاط النظام «أمراً من الماضي»، في حين يبدو لبنان الذي كان من اول «حلبات» هذه المواجهة «معلَّقاً» على الملف الرئاسي الذي يدور في «حلقة فراغ» مستمرّ منذ 21 شهراً ونيف، والذي بات كل يوم إضافي من «عمره» يأكل من زمن الطائف الذي يواجه أكبر انتكاسة منذ ولادته قبل نحو 26 عاماً، في ظل شبه التسليم بأن «الفدية» التي ستُدفع لـ «حزب الله» و ايران لفك أسْر الاستحقاق الرئاسي ستكون من «جيْب» هذا الاتفاق، ولو في شكل تعديل في قواعد الحكم، يحرّر الطائفة الشيعية من الحاجة الى «متممات» سياسية لجعل «الفيتو» على القرار... مقرِّراً.