الإشارة الخضراء لإجراء الانتخابات البلدية في لبنان أُعطيت... فهل تبقى طريقها سالكة؟

فرنجية أحرج الحريري وعون يحاول ترميم الجسور مع السعودية

تصغير
تكبير
باسيل يصوّب موقفه: ندين الاعتداء على سفارة السعودية في إيران ونقف مع المملكة ضدّ أي تدخل في شؤونها
إذا كانت القاعدة القائلة إن «الشيطان يكمن في التفاصيل» اكثر ما تنطبق على الواقع اللبناني، فإن ذلك يعني ان الخطوة الأولى في التحضيرات لإجراء الانتخابات البلدية في هذا البلد، المعتاد على آفة التمديد، لا تكفي وحدها، لضمان إجراء هذه الانتخابات في موعدها في مايو المقبل.

وبدا أمس، ان ثمة حدثاً استثنائياً حصل مع إقرار الحكومة، في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء، رصْد الاعتمادات المالية لإجراء انتخابات المجالس البلدية والاختيارية في مايو، ما يعني صدور القرار السياسي الذي أجمع عليه الافرقاء السياسيون والحزبيون بإجراء هذا الاستحقاق وعدم إلحاقه بالتمديد لمجلس النواب.


وعكَس هذا القرار (ترافق مع موافقة على تمويل إجراء الانتخابات الفرعية في جزّين عن المقعد الشاغر بوفاة النائب ميشال حلو) تطوراً مهماً لجهة التوافق المبدئي، ولو من منطلقات وحسابات مختلفة، على تجنُّب سقوط لبنان مجدداً في صورة الإمعان في ضرب الأصول الديموقراطية، من خلال ظاهرة التمديد، التي باتت تضع لبنان في مصاف الدول الفاشلة، كما قالت مصادر وزارية معنية لـ «الراي».

واضافت المصادر انه «من الناحية العملية فإن الإشارة الخضراء لإجراء الانتخابات البلدية أضيئت، ولن يكون هناك مبدئياً حائل يمنع إجراءها او يعرقلها في ظل اعتبارات عدة، من أبرزها: تَوافُر القرار السياسي والحكومي بدليل إقرار التمويل امس، وعدم وجود اي مشكلة أمنية تمنع اجراء الانتخابات التي ستحصل على مدى اربعة أسابيع وفي كل يوم أحد في محافظة، بما يسهّل كثيراً على الجيش والقوى الامنية ضبط أمن العملية الانتخابية، وانطلاق التحضيرات الاولية لدى القوى السياسية والمحلية في الإعداد للانتخابات».

ولكن المصادر نفسها لم تشأ الجزم بأن كل الأمور سائرة الى إنجاح هذا الاستحقاق في انتظار الخطوات الإجرائية الأخرى وتَلمُّس بعض المناخات في الأسابيع المقبلة حيال ارتداد بعض الصراعات الداخلية على أجواء التحضيرات لهذه الانتخابات، ولو انها لا تخفي ان لكثيرين مصلحة في «إلهاء» الناس في الفترة المقبلة باستحقاق شعبي من هذا النوع، فيما يشكّل الأمر اختباراً مزعجاً لآخرين، ولكن احداً لا يمكنه ان يعارض هذا الاستحقاق، وسط موجة الرفض العارمة للتمديد.

وسط هذه الأجواء، بدا ملف الاستحقاق الرئاسي متجهاً بقوة نحو مزيد من الانسداد والتعقيد، مع تراجُع اي احتمال لحصول تطور ايجابي، من شأنه تأمين النصاب لجلسة مجلس النواب في 8 الجاري، المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية.

وأعربت أوساط معنية بالاتصالات التي جرت في الساعات الثماني والاربعين الاخيرة، وتناولت تداعيات السجالات، التي حصلت على خلفية مواقف إعلامية أعلنها النائب المرشح سليمان فرنجية، عن اعتقادها بأن «فرنجية ارتكب خطأ في طريقة تسويق هذه المواقف وفي توقيتها ايضاً، فضلاً عن بعض مضامينها التي تتعلّق بإعادة رفع التوتر بينه وبين المرشح الثاني لقوى 8 آذار، اي العماد ميشال عون، اضافة الى رفع التوتر ايضاً مع حزب القوات اللبنانية (تدعم عون)، في وقت بدا كأن فرنجية أحرج ايضاً حليفه الأساسي في ترشيحه، اي الرئيس سعد الحريري، من خلال رمي كرة الحل والربط عنده، عبر القول انه مستعدّ للانسحاب بمجرّد ان يعلن الحريري تأييده عون».

وأشارت الاوساط الى ان «ذلك لا يعني ان واقع المرشّح المنافس عون هو أفضل من فرنجية، بل ان الاسبوعين الاخيرين اللذين مرا بعد اعلان تفاهم معراب في 18 يناير الماضي، لم يسجلا واقعياً قفزة نوعية او عددية لعون، رغم ترشيحه على يد رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع».

ولفتت الاوساط الى ان «الأنظار ستتركز في الايام المقبلة على محطة 14 فبراير، وهي الذكرى الحادية عشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري التي يُنظر اليها هذه السنة من أبعاد ثلاثة جديدة: الخلاف المتصاعد بين افرقاء 14 آذار، ولا سيما بين الرئيس الحريري و جعجع، وضْع تيار المستقبل إزاء التحديات السياسية والمالية الصعبة التي يجتازها، ومضمون الكلمة التي سيلقيها الحريري في الاحتفال الذي سيقام في مجمع البيال ككل سنة».

وكان لافتاً في سياق متّصل، الزيارة التي قام بها وزير التربية إلياس بوصعب (من فريق عون) للسفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري، والتي أدرجت في خانة توضيح موقف لبنان الذي عبّر عنه وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) من الاعتداء على السفارة السعودية في إيران. علماً ان هذا التطور رُبط بحرص عون على محاولة مدّ الجسور مع الرياض في إطار الرغبة في تعزيز حظوظه الرئاسية.

وكان ملف العلاقات اللبنانية - السعودية حضر في بيروت، من خلال جولة وفد من مجلس العمل والاستثمار اللبناني في المملكة على كبار المسؤولين، وبينهم باسيل، الذي عاود تصويب الموقف، الذي اعتُبر خروجاً على الإجماع العربي، خلال اجتماعيْ وزراء الخارجية العرب في القاهرة والمؤتمر الاسلامي، اذ ابلغ الوفد ان «لبنان يدين الاعتداء على سفارة وقنصلية المملكة في إيران»، مؤكداً ان «لبنان يرفض التدخل بأي شأن داخلي لأي من الدول العربية، أكان ذلك التدخل بين الدول العربية، أم من غير الدول العربية، وبالتالي فإن أي تدخل في شؤون الدول العربية هو مرفوض ومسٌّ بسيادتها، وتحديداً في حالة الاعتداء الأخير على المملكة، التي نقف الى جانبها ضد أي تدخل في شؤونها الداخلية»، ومشدداً على ان «لبنان حريص على علاقاته مع كل دولة عربية، وخصوصاً مع السعودية».

وخلال استقباله الوفد اللبناني، اكد وزير الداخلية نهاد المشنوق «تأييد الإجماع العربي والوقوف ضد أي تدخل إيرانياً كان أم غير إيراني»، لافتاً الى انه «من غير المقبول قول بعض الفرقاء الداخليين إن الاعتبارات الداخلية هي الأهم، ذلك أن عروبة لبنان ليست موضع نقاش أو تساؤل، وموقف وزير الخارجية لم يكن حكيماً، وأخذ في الاعتبار شؤوناً محلية أمام مصير المنطقة كلها».

الإفراج عن 5 تشيكيين في لبنان مقابل إطلاق براغ لبنانياً

| بيروت - «الراي» |

بعد نحو ستة أشهر ونصف شهر على خطْفهم في البقاع اللبناني، طويت صفحة التشيكيين الخمسة الذين «سُرّحوا» مساء أول من أمس بموجب صفقة تبادل شملت اللبناني علي طعان فياض الذي يحمل الجنسية الأوكرانية والذي كان مستشاراً لوزير الدفاع الأوكراني لشؤون الشرق الأوسط في عهد الرئيس السابق فكتور يانوكوفيتش، والذي أوقف في تشيكيا قيد التحقيق منذ العام 2014 بتهمة المتاجرة بالسلاح (محاولة بيع أسلحة إلى منظمة «فارك» الكولومبية المدرجة اميركياً على لائحة الإرهاب) والتآمر على الولايات المتحدة التي طالبت بتسلّمه.

وأفاد مصدر أمني لبناني ان اطلاق سراح التشيكيين الخمسة، وهم مارتين بيسك (32 سنة) وكوفون بافيل (54) والمترجم آدم حمصي، وجان سفارك برافنيك (محامي فياض وعمره 54 سنة) وميروسلاف دوبس (47 سنة)، جاء ثمرة اتفاق تبادل يتضمن الافراج عن علي طعان فياض الموقوف في براغ.

وتقاطعت المعلومات في بيروت عند ان وفداً من المخابرات التشيكية حضر الى بيروت أكثر من مرة وأجرى محادثات مكوكية مع المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم الذي تمكن من التواصل مع الخاطفين الذين أبرزوا مطلباً محدداً يتمثل بالإفراج عن علي فياض، وان تعهُّد السلطات التشيكية بعدم تسليمه للأميركيين شكّل مفتاحاً في حلّ هذه القضية.

وكان الامن العام اللبناني تسلم التشيكيين ومرافقهم فياض عند السابعة من مساء اول من امس قبل ان يتم نقلهم الى مقره في المتحف على وجه السرعة بإيعاز مباشر من اللواء ابراهيم.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي