عون يتحكّم بالنصاب وفرنجية يملك الأكثرية

«الصُداع» الرئاسي في لبنان يزيد ... التصدّع السياسي

تصغير
تكبير
«تيار المستقبل» و«حزب الله» إلى تعويم حكومة «الوقت الضائع»
مع ان المشهد الداخلي والخارجي يحفل بحيوية كبيرة من التحركات المتصلة بملف الانتخابات الرئاسية في لبنان، تَبرز مفارقة لافتة يتصاعد معها منسوب التشاؤم حيال إمكان تحقيق أي انفراج قريب في أزمة الفراغ الرئاسي.

ولم يكن أدلّ على ذلك من تأكيد أوساط سياسية لبنانية وثيقة الصلة بمجمل الملف الرئاسي لـ «الراي» انها لا تتوقع نتائج ايجابية ملموسة للزيارة التي قام بها الرئيس الايراني حسن روحاني للفاتيكان امس حيث التقى البابا فرانسيس الاول على ان ينتقل اليوم الى فرنسا في زيارة سيجتمع خلالها بالرئيس فرانسوا هولاند، وهما المحطتان اللتان يشكل الملف اللبناني أحد محاورهما من منطلق تحميل ايران ضمناً مسؤولية تسهيل اجراء الانتخابات الرئاسية والطلب اليها القيام بذلك في أقرب وقت.


وقالت أوساط مطلعة ان «الخشية تصاعدت اخيراً من إحكام ربْط الأزمة الرئاسية اللبنانية بالملف السوري، الأمر الذي ترجمه الموقف غير المفهوم وغير المبرر إطلاقاً لحزب الله من ترشيح حليفيْه الاساسييْن زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية للرئاسة من قبل كل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والرئيس سعد الحريري».

وبعد إصرار الحزب على اتباع سياسة الصمت والتجاهل حيال الترشيحيْن، ولو مع ترداد لازمة دعم عون للرئاسة، اشارت الأوساط نفسها الى ان «ثمة قناعة باتت تظلل الجميع من ان الحزب يربط الاستحقاق بأجندة اقليمية أوسع من الواقع الداخلي، ولذا فان ايران ليست في وارد تسهيل الاستحقاق الآن». ولاحظت الأوساط في هذا السياق «ان رئيس مجلس النواب نبيه بري اندفع في شكل لافت قبل يوميْن وفي سياق سجاله مع جعجع، لتأكيد موقفه المناهض لانتخاب عون رئيساً، فيما لم يكن في حاجة الى ركوب هذا الموقف راهناً، بما يعني ان بري كان يلمح ضمناً الى ما يريد حزب الله تأكيده، ولو على غير لسانه، من ان الحزب ليس في وارد الضغط على حلفائه حالياً لحسم الموقف لمصلحة عون او فرنجية، وتاليا لا يزال الوقت مفتوحاً امام بت الاستحقاق الى أمد طويل».

واضافت الأوساط ان الحمى التي تنتاب محوريْ الدعم لعون وفرنجية ستتواصل على الأرجح الى حين حلول موعد 8 فبراير المقبل للجلسة النيابية الـ 35 المحددة لانتخاب رئيس الجمهورية، وهي حمى تنطلق من حسابات لدى كل من المحوريْن حول امتلاك كل من المرشحيْن الأكثرية في نهاية المطاف.

ومع ان الفريق الداعم لعون بات يؤكد ان ترشيح جعجع لـ «الجنرال» وفّر له الأكثرية المطلوبة، فانه يؤكد ان عون ليس في وارد التوجه الى جلسة انتخابية ما لم يكن وحده مرشحاً فيها اي بعد انسحاب فرنجية له. وفي المقابل يتشدد محور فرنجية بأنه ليس في وارد الانسحاب لزعيم «التيار الحر»، وخصوصاً انه يملك أكثرية كبيرة ولا يحتاج انتخابه الا الى توفير نصاب الجلسة اي 86 نائباً من اصل 128 يتألف منهم البرلمان.

وفي ظل هذه المعطيات، تؤكد الاوساط ان لا جلسة 8 فبراير ولا سواها ستكون كفيلة بحسم الملف الرئاسي ما دام النصاب السياسي للاستحقاق مختلاًّ وما دام «حزب الله» في موقع النأي عن الحسم، متوقّعة تبعاً لذلك ان تدبّ البرودة مجدداً في مجمل التحركات الرئاسية بعد 8 فبراير خصوصاً، بحيث يتحوّل ترشيح عون الى نسخة مطابقة عن ترشيح فرنجية ويذهب الترشيحان الى جمود طويل. ولذا عادت الجهود تتحرّك بقوة لإعادة تفعيل النصاب السياسي في مجلس الوزراء انطلاقاً من حلٍّ لموضوع التعيينات في المجلس العسكري، بما يرضي العماد عون ويعيد وزراءه ووزراء «حزب الله» الى جلسات مجلس الوزراء ابتداء من غد الخميس.

وكان لافتاً في هذا السياق ان «تيار المستقبل» و«حزب الله» شددا في جولة الحوار الاخيرة بينهما مساء الاثنين على ضرورة «تفعيل عمل الحكومة وإعطاء الفرصة لمعالجة قضايا الناس»، موضحيْن انه «جرى بحث النقاط الخلافية بين الأطراف وسبل معالجتها في اطار النقاش السياسي الهادئ والمسؤول بما يحفظ السلم الأهلي».

وفي ظلّ مؤشرات «إنعاش» الحال الانتظارية في لبنان، تبرز محاولات للجم أضرار «الصداع» الرئاسي الذي تسبب بتصدّعات سياسية داخل فريقيْ 8 و 14 آذار وسط انطباع بأن حجم «التشققات» في تحالف «ثورة الأرز» بات أكبر من إمكان ترميم العلاقة بين أبرز مكونيْن فيه اي «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، وهو ما يشي بانهيار قوى 14 آذار مع ما يعنيه ذلك من اختلال كلي في التوازن السياسي.

وكانت لافتة أمس زيارة وزير السياحة ميشال فرعون لرئيس «القوات» منوّهاً بالخطوة الرئاسية التي قام بها جعجع «ولاسيما ان كل خطواته تصب دائماً في مصلحة البلد»، معتبراً ان «ما يجمع الرئيس الحريري والدكتور جعجع أكثر مما يُفرقهما، وكلاهما يقومان بخطوات جدية في سبيل مصلحة البلد».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي