أجواء سياسية محمومة ومشاورات كثيفة سبقت مؤتمره الصحافي

جعجع «فعلها»... ورشّح عون لرئاسة لبنان

تصغير
تكبير
«المستقبل»

أطلق إشارتيْ

عدم ارتياح...

و«نقزة» لدى «حزب الله»
أمضت بيروت أمس يوماً من «حبْس الأنفاس» السياسية في ملاقاة المواقف التي أعلنها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في مؤتمرٍ صحافي عقده مساءً وفجّر فيه «المفاجأة غير المفاجئة» بإعلان ترشيح منافسه، في الساحة المسيحية وفي الاستحقاق الرئاسي في آن، زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

وطوال يوم امس انشدّت أنظار بيروت الى معراب (حيث مقر جعجع) وسط غموض كثيف وحركة مشاورات محمومة، مردّهما الى الترقب الثقيل لـ «السيناريو الرئاسي» الذي سيخرج به جعجع على الملأ بعد إشاعة أجواء على مدى أسابيع خلت، عن نيّته إعلان ترشيح العماد عون بعد نحو سبعة اشهر من «إعلان النيات» بينهما الذي أرسى خريطة طريق لـ «مصالحة» بين الخصمين اللدوديْن، تُوِّجت في 18 يناير 2016 بانسحاب رئيس «القوات» من السباق الرئاسي لمصلحة «الجنرال».


وعكست التحضيرات الاعلامية - السياسية الكثيفة في مقرّ جعجع في معراب منذ الصباح، وحركة الموفدين المكوكية بين معراب والرابية (مقر عون) والمشاورات المتعددة الاتجاه التي شهدها مقر البطريركية المارونية في بكركي، حمى انتظار الكلام «الاستثنائي» الذي أطلّ به رئيس «القوات»، بعدما كان التزم الصمت العميق منذ إفشاء سرّ المبادرة غير الرسمية لحليفه زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري، بترشيح خصمهما في «8 آذار» النائب سليمان فرنجية للرئاسة.

ما طبيعة خلط الأوراق التي يؤسس لها تفاهم القطبين المسيحيين اللذين سبق ان تَعاركا طويلاً منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي؟ وتالياً اي مصير للاستحقاق الرئاسي في ضوء هذا الحِراك غير المسبوق منذ الفراغ في القصر الجمهوري على مدى نحو 20 شهراً؟

هذان السؤالان شغلا بيروت حتى قبل ان يعلن جعجع تأييد الأخير للرئاسة، في تطوّرٍ سيُحدِث بلا شك «هزة» سياسية رئاسية، وربما أبعد في ظل الترقب لارتدادات هذا الحدَث على العلاقة بين مكوّنات قوى 14 آذار وتحديداً بين «القوات» وتيار «المستقبل»، الذي كان استبق ترشيح «الحكيم» لعون بمواقف لبعض أركانه عكست ان ما بعد هذا الترشيح لن يكون كما قبله، وسط ترقُّب لما سيكون عليه موقف «حزب الله» الذي يقارب بـ «نقزة» مكتومة العلاقة المستجدة بين جعجع وعون.

وقبل ان تعطى الإشارة للعدسات بنقل «الكلام المباح» من المؤتمر الصحافي لجعجع، كانت القراءات تتوالى حيال خلفية لعب رئيس «القوات» «ورقة الاحتياط» هذه بما تحمله من «مخاطر» على وحدة 14 آذار وحتى على علاقة رئيس «القوات» بالمملكة العربية السعودية، في ظلّ ملاحظة دوائر سياسية ان «الحكيم» حرص على تظهير ترشيح عون على انه ليس موجهاً ضدّ تيار «المستقبل» في شكل خاص.

وكان بارزاً ان «المستقبل» أطلق اشارتين استباقيتين لمؤتمر جعجع الصحافي عبّرتا عن حال من «عدم الارتياح». الأولى جاءت من رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة الذي اعلن بعد زيارة لافتة نهاراً للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن «انتخاب الرئيس شأن لبناني وليس مسيحياً (...) ويجب التنبه لعدم التسرع في اي مواقف بما يجعل من هذه المواقف غير قابلة للتراجع عنها بعد ذلك».

أما الإشارة الثانية فعبّر عنها بيان بارز للنائب عمار حوري الذي «استغرب الأجواء الإعلامية المتداولة بأن الدكتور جعجع ينوي الاشتراط على العماد عون أن يكون الرئيس الحريري رئيساً للحكومة كشرط لإعلان دعم محتمل من (القوات اللبنانية) لترشيح العماد عون»، مؤكداً «أن قرار عودة الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة ملكه شخصياً ويخضع للقواعد الديموقراطية المنصوص عليها في الدستور، وليس بأي حال من الأحوال هدفاً في أي مسعى قام أو يقوم به الرئيس الحريري لملء الفراغ الرئاسي».

وأحيط اليوم الطويل في معراب امس بمظاهر «بروتوكولية» استعداداً لاستقبال العماد عون للمرة الاولى، قبل ان يقوم جعجع بتلاوته كلمة مكتوبة امام الاجتماع الموسع لكوادر حزبه بحضور عون الذي ردّ على التحية بمثلها، قبل ان يفجّر اعلان «الحكيم» دعم «الجنرال» للرئاسة مظاهر ابتهاج بين مناصري الفريقيْن.

وفي حين بقيت تفاصيل الاتفاق السياسي الذي وافق على اساسه جعجع على ترشيح عون طي الكتمان، استحضرت دوائر سياسية في بيروت محطتين مفصليتين أظهر فيهما رئيس «القوات» قدرته على إحباط تفاهمات لا يريدها على غرار ما فعل في 15 يناير 1986 حين أسقط مع عون (كان قائداً للجيش حينها) الاتفاق الثلاثي الذي أبرم بين «القوات» برئاسة إيلي حبيقة آنذاك وبين الحزب «التقدمي الاشتراكي» وحركة «أمل» برعاية سوريّة بعدما اعتبر جعجع انه يتيح للنظام في سورية الهيمنة على لبنان. اما المحطة الثانية فكانت العام 1988 حين «دفن» مع عون تفاهم ريتشارد مورفي - حافظ الأسد على خيار مخايل الضاهر لرئاسة الجمهورية «او الفوضى».

ريفي أحال رئيس محكمة التمييز العسكرية على التفتيش القضائي

«هبّة» الاعتراض على تخلية سماحة «حطّت» في طرابلس

| بيروت - «الراي» |

أطلّ الأسبوع اللبناني أمس، على تزخيم لهبّة الاعتراض على إطلاق محكمة التمييز العسكرية الوزير السابق ميشال سماحة، بكفالة مالية قدرها 100 ألف دولار، في ملفّ نقله متفجرات بسيارته، من سورية الى لبنان، سلّمه اياها مدير مكتب الامن الوطني السوري اللواء علي مملوك، لاستخدامها في تفجيرات إرهابية - فتنوية، كان من المخطّط أن تستهدف شمال لبنان صيف العام 2012.

وشهد هذا الملف الذي دهم الساحة السياسية في لبنان منذ الخميس الماضي، اندفاعة على مستوييْن، إجرائي وشعبي، بما كرّس عدم تراجُع قوى «14 آذار» عن موقفها، بالتصدّي لقرار تخلية سماحة، الذي كان عند توقيفه في اغسطس 2012 مستشاراً للرئيس السوري بشار الاسد، والذي تعاد محاكمته امام محكمة التمييز العسكرية، بعد نقض مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر (بناء على طلب وزير العدل اللواء أشرف ريفي) الحكم الذي صدر بحقه في مايو 2015 بالسجن لمدة اربع سنوات ونصف السنة، عقب ادانته بـ «محاولة القيام بأعمال إرهابية والانتماء الى مجموعة مسلحة». وانتهت هذه المحكومية في 23 ديسمبر الماضي (السنة السجنية في لبنان 9 أشهر)، وشكّل انقضاؤها واحداً من الحيثيات التي ارتكزت عليها محكمة التمييز لتخلية الوزير السابق واستكمال إعادة محاكمته وهو طليق.

فعلى المستوى الأول، باغت وزير العدل الوسطيْن السياسي والقضائي بقرار إحالة رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي طاني لطوف (رئيس هذه المحكمة قاض مدني وفي عضويتها 4 مستشارين عسكريين عمداء) على التفتيش القضائي، للتحقيق معه بشأن قرار تخلية الوزير السابق، الذي وصفته «14 آذار» بانه «عار» وبمثابة «جريمة»، وسط اعتبارها ان إطلاق سماحة يشكّل امتداداً للحكم المخفَّف الذي كان صدر بحقّه، خلافاً للقرار الاتهامي الموثّق، الذي طلب في بعض مواده الإعدام لسماحة، المثبتة جريمته بالصوت والصورة (كيف سلّم المتفجرات الى المخبر ميلاد كفوري).

أما على مستوى الشارع، فبرز تحركان. أوّلهما نهاراً اذ نفّذ محامو «14 آذار» اعتصاماً صامتاً، مدته عشر دقائق، احتجاجاً على إطلاق سماحة، قبل ان تشهد عاصمة الشمال طرابلس مساءً اعتصاماً حاشداً دعت اليه المنظمات الطلابية والحزبية في تحالف «ثورة الأرز» اعتراضاً على «القرار التآمري».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي