نردد هذه العبارة كثيراً كلما سمعنا عن موت شخص، أو أتى الناس على سيرته بعد وفاته، وسيأتي اليوم الذي يقولها الناس عنا إذا جاءنا القضاء المحتوم.
والسؤال: هل بالفعل سيترحم علينا الناس بعد رحيلنا؟ وهل سيذكرون محاسننا؟ وهل سيْدعون بالخير لنا؟
هل صنعنا من الخير ما يبقى أثره بعد رحيلنا؟ فإن عجزنا عن فعله كنا دلائل للناس عليه؟ وهل نحن ممن كان يكره الفساد وينهى عنه ويحذّر منه؟
يا تُرى كيف كان تعاملنا مع الناس؟ هل نحن ممن يحب الناس الاقتراب منه، أم من أولئك الذين وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة مَنْ تركه الناس اتقاء فُحشه»؟
إن الناس تُبغض سليط اللسان وبذيء الألفاظ، وتجتنب مجالسة سيئ الأخلاق سيئ السمعة.
الناس تكره مَنْ تعود لسانه السباب والشتم، ولا تصاحب مَنْ طبعه تتبع العورات وتصيّد الزلات.
الناس تنبذ مَنْ يفجُر في خصومته، وتستهجن مَنْ يُجاهر بمعصيته وفجوره.
الناس تحب عفيف اللسان، طاهر الأردان، وتحب مجالسة مَنْ ينتقي أطايب الكلام كما ينتقى الناس أطايب الطعام.
الناس تحب ذلك الذي يألف ويُؤلف، المتواضع المتسامح، الإنسان الذي يسعى في الخير للآخرين، ويكون كالمطر أينما وقع نفع.
لذلك إذا ما جاءت لحظة الفراق والوداع تسابق الناس للصلاة على جنازته والدعاء له والثناء عليه وطلب الرحمة له.
الناس هم شهداء الله في أرضه، فقد مرّت على النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جنازة فأَثنى الناس عليها خيرًا، فقال: وَجَبَتْ وَجَبَتْ، ومرَّت عليه جنازة فتكلم الناس عليها شَرًّا، فقال: وَجبتْ وَجَبَتْ ـ قالوا: يا رسولَ الله! ما قولك وَجَبتْ؟ قال: «هذه الجنازة أثنيتُم عليها خيرًا فقلتُ وَجَبَتْ لها الجَنَّةُ، وهذه الجنازة أثنيتُم عليها شَرًّا فقلتُ وَجَبَتْ لها النَّارُ، أنتُم شُهَدَاءُ الله في الأرض».
بالفعل نحن بحاجة إلى مراجعة سريعة مع النفس، وأن نسألها من أي الأنواع أنتِ؟ وهل تفكرت بتلك اللحظة التي سترحلين بها عن هذه الدار؟ وهل أنتِ ممن سيشهد لك الناس بالخير، أم سيشهدون بنقيض ذلك؟
مرّت جنازة بالنبي عليه الصلاة والسلام فقال: «مستريح ومُستراح منه» ثم قال: «العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله عز وجل، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب».
فهنيئا لمَنْ ترحم الناس عليه بعد فراقه، وذكروا المحاسن التي كانت له في حياته، ويا شؤم مَنْ فرح الناس بموته وسعدوا برحيله.
اللهم إنا نسألك إخلاص النية وحسن العمل والخُلُق والخاتمة.
Twitter: @abdulaziz2002