على خلفية التعلامات المالية مع «حزب الله»

القطاع المصرفي اللبناني في مرمى العقوبات الأميركية

تصغير
تكبير
• أحد البنوك حاول إغلاق حساب يعود لأحد نواب الحزب

• البنوك الفرنسية والأوروبية أصبحت أكثر حذراً في التعاطي مع مصارف بيروت

• دخول التجاذبات السياسية على خط البنوك قد يستنزف مالية الدولة
لم يكن عابراً أن يسهب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، في الحديث عن القرار الذي وقّعه الرئيس الاميركي باراك أوباما أخيراً، وقضى بتوسيع العقوبات على الحزب والذراع الإعلامية التابعة له المتمثلة بقناة «المنار» وفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل معه.

وورأت مصادر أن تشديد الإدارة الاميركية الخناق على الشرايين المالية للحزب، وفرْض عقوبات على مَن يتعامل مع المؤسسات التابعة له من البنوك والمؤسسات المصرفية والتجارية مع تصنيفه «منظمة إجرامية عابرة للحدود» وربْطه بتجارة المخدرات وتبييض الأموال والإتجار بالبشر، يشكّل رسالة لم تعد تحتمل التأويل بان الاتفاق النووي مع ايران لن يغيّر في موقف واشنطن من «حزب الله» الذي تدرجه منذ العام 1995 على لائحة المنظمات الإرهابية، كما يُسقِط كل التوقعات التي كانت سادت بإمكان حصول انفراج أميركي تجاه الحزب بعد «النووي».


كما توقفت المصادر عند مسألتين، الأولى عكست أن القرار الأميركي «موجع» بالنسبة الى «حزب الله» وبيئته، رغم كلام نصرالله عن «اننا لا نملك ودائع في مصارف العالم وليست لدينا أموالاً في المصارف اللبنانية، ولا داعي عند البنك المركزي أو مديري المصارف أن يصيبهم هلع» واعتباره أن «الاهتمام الاميركي بنا هو اعتراف بدورنا وتأثيرنا وبأن حزب الله يلعب دوراً إقليمياً».

أما المسألة الثانية، فتثير الخشية من ان تكون البلاد مقبلة على تجاذُب محوره القطاع المصرفي اللبناني الذي تناوله نصرالله بلغة غير مسبوقة، حين دعا الحكومة ومسؤولي الدولة والقطاع المصرفي لأن يكونوا «رجالا ولو لمرة واحدة» وأن «يقفوا بوجه المطالب الأميركية وأن لا يعمدوا إلى تنفيذها من دون تردد (...) فالدولة أن تحمي مواطنيها وتجارها وشركاتها»، محذّراً من «الانصياع للإرادة الاميركية».

وفيما حذّرت المصادر من تعريض القطاع المصرفي إلى أي ضغوط سياسية او إدخاله على خط التجاذبات المحلية الطابع أو ذات البُعد الإقليمي، مذكّرة بأن المصارف تبقى «صمام الأمان» في لبنان الذي يعاني «إفلاساً سياسياً» وشللاً مؤسساتياً يستنزف الدولة وماليّتها، كان لافتاً موقفان مباشران في هذا السياق، الاول لمنسّق الامانة العامة لهذه القوى الدكتور فارس سعيْد الذي اعتبر ان نصر الله دعا القطاع المصرفي اللبناني «الى الالتحاق بمنظومة المقاومة الإسلامية في مواجهة التدابير الاميركية»، داعياً «جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان إلى التمايز عن دعوات"حزب الله"، والالتزام حَرفياً بالقوانين التي ترعى القطاع المصرفي وعلاقاته مع الخارج، لأنّ القطاع المصرفي إذا اهتزّ ستهتزّ كلّ عائلة في لبنان».

والموقف الثاني عبّر عنه النائب مروان حماده الذي أبدى خشيته من «أن يكون الحزب صمَّم، أن يمدّ يده إلى ما تبقّى من الأمن المالي، ظالماً بيئتَه بالدرجة الأولى وعمومَ اللبنانيين وسائر العرب الذين بقوا على ثقتِهم بلبنان كمركز مصرفي».

وفي موازاة ذلك، لاقت وسائل الإعلام القريبة من «حزب الله» كلام نصر الله بإشاعة أجواء تعزّز الانطباع بأن القطاع المصرفي قد يكون مقبلاً على مناخ من الاستقطاب، واضعة هذا الملف تحت عنوان رفض إجراءات «تمس بمبدأ القانون ومنطق السيادة الوطنية»، ومشيرة الى ان ثمة تأكيداً في «حزب الله» على التعاون مع المصارف في الأمور التي يمكن أن تؤثر فعلاً على القطاع المصرفي في لبنان، بحيث يمكنه أن يتفهم على سبيل المثال أن لا يكون بإمكان مؤسسات الحزب إجراء التحويلات أو فتح الحسابات بالدولار، لكن نقطة الخلاف مع المصارف تتركز عند سعي بعضها «أن تكون ملكية أكثر من الملك»، بحيث تطبق إجراءات تتفوق حتى على ما هو مطلوب منها.

وكشفت صحيفة «السفير» ان مراجع رسمية وحزبية انشغلت قبل أشهر بمعالجة قرار أحد المصارف الكبرى القاضي بإغلاق حسابات بعض نواب «حزب الله»، ناقلة عن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تابع هذه القضية مباشرة، أن هؤلاء النواب هم ممثلون للشعب اللبناني ويقبضون رواتبهم من الخزينة اللبنانية، وبالعملة الوطنية لا بالدولار، أضف إلى أن حساباتهم شخصية لا حزبية أو تجارية، ولافتة الى ان المصرف لم يتراجع حينذاك إلا بعدما سمع تحذيراً جدياً له بأن «المقاومة» ستضطر للدفاع عن نفسها أمام من يسعى لمواجهة جمهورها، وستدعو كل المناصرين والمؤيدين إلى مقاطعته.

كما أشارت الى ما وصفته بـ"إجراءات تعسفية"مثل طلب مصرف كبير آخر من عملاء لديه تسديد قروض إسكانية كانوا قد حصلوا عليها بواسطته، من المؤسسة العامة للإسكان، لأنه يريد إغلاق حساباتهم، ورفْض مصرف ثالث فتح حساب توطين للرسوم المدرسية الخاصة بأبناء أحد النواب.

وفي غمرة هذا التجاذب، برزت تقارير صحافية من باريس، أفادت أن المصارف الفرنسية والأوروبية أصبحت حذرة جداً من العمل في الشرق الأوسط، وانها لم تعد ترغب في التوجه والعمل في لبنان لأنها لا تعرف إذا كان هناك في مصرفٍ لبناني معيّن أموال لـ"حزب الله" وفي مثل هذه الحال يتدخل القضاء الأميركي لفرض عقوبة مالية على هذه المصارف.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي