إقرار دفعة من القوانين خلال الجلسة التشريعية وتَرقُّب لـ «توصية» قانون الانتخاب
الانفراج السياسي في لبنان... هدنة أم فاتحة حلول؟
متظاهرون من «حزب الكتائب» اللبناني يعتصمون أمام البرلمان في بيروت (أ ف ب)
للمرة الأولى منذ أكثر من سنة، اي منذ الجلسة التي مدّد فيها ولايته لنفسه حتى السنة 2017، شهد مجلس النواب اللبناني، أمس، اول جلسة تشريعية مكتملة النصاب الدستوري لم يغب عنها سوى نواب حزب «الكتائب اللبنانية» الذي ظلّ وحيداً في مقاطعته للجلسة عقب التسوية التي تم التوصل اليها الاربعاء، باعتبار ان «الكتائب» تتمايز عن الأفرقاء المسيحيين الآخرين بأنها تعارض أساساً، ومن منطلق دستوري محض مبدأ تشريع الضرورة وأيّ تشريع قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
وعكست المشاركة النيابية في الجلسة التشريعية صورة التسوية السياسية التي سبقتها وشكلت «كاسحة الألغام» التي مهّدت لانعقادها من خلال الحضور الكثيف لسائر الكتل النيابية بما فيها كتلتا «تكتل التغيير والاصلاح» (العماد ميشال عون) و«القوات اللبنانية» (الدكتور سمير جعجع) بعد موافقتهما على المشاركة في الجلسة في ظل التسوية التي تولّى زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري، إخراجها من خلال تعهده تمرير هذه الجلسة بجدول أعمالها المحدد من دون ايّ تعديل، وإقرار قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني (مطلب حيوي للقوى المسيحية)، في مقابل التزامه عدم المشاركة في اي جلسة تشريعية اخرى لا تُخصص لطرح قانون الانتخابات النيابية الذي طالب به الفريقان العوني والقواتي.
وفي الوقت الذي نظّمت منظمة الطلاب في «الكتائب» اعتصاماً امام البيت المركزي للحزب في منطقة الصيفي ثم تظاهرة الى مقربة من «ساحة النجمة» (حيث مقر البرلمان) في وسط بيروت بالتزامن مع انعقاد الجلسة لمطالبة النواب بانتخاب رئيس للجمهورية، بدأ مجلس النواب مناقشة وإقرار رزمة مشاريع قوانين يتسم غالبيتها بطابع مهمّ على الصعيد المالي والاقتصادي، ولا سيما التشريعات الدولية المتصلة بمكافحة الارهاب وتبييض الاموال والتهريب الضريبي، وايضاً القروض والهبات الملحة المتصلة بمشاريع انمائية حيوية وتوفير التشريعات الضرورية للانفاق العام، الى جانب مشروع استعادة الجنسية الذي نالت فيه القوى المسيحية، ما رغبت به بعدما بادر «تيار المستقبل» الى سحب تعديلات كان طرحها على المشروع تتصل بإعطاء المرأة اللبنانية المتزوجة من اجنبي حق منح أولادها جنسيتها، وذلك استجابة للمطالب المسيحية التي تخوفت من ان يؤدي هذا التعديل الى منح عشرات الآلاف من الفلسطينيين والسوريين الجنسية اللبنانية، ما يؤدي الى إخلال في التوازن الديموغرافي.
في اي حال شكل انعقاد الجلسة التشريعية عنوان مرحلة تهدئة داخلية كان من شأنها ان أشاعت انفراجاً سياسياً عاماً، بعدما سُحب فتيل المواجهة التي كان شبحها قائماً بقوة في حال عدم التوصل الى التسوية التي قيل فيها انها «أخرجت الكلّ رابحاً» على الطريقة اللبنانية التي تراعي ماء الوجه للجميع.
وقالت اوساط نيابية ووزارية من اتجاهات عدة لـ «الراي» ان ثمة مناخاً يجري العمل عليه لجعل التسوية التي أنقذت الجلسة التشريعية وأنقذت معها لبنان من خطر عزلة مصرفية ومالية دولية كان محدقاً بقوة في حال عدم إقرار المشاريع المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال والتهرب الضريبي، وحتى أنقذت الميثاقية اللبنانية والتحالفات داخل فريقيْ 8 و 14 آذار، تتسع لتشمل تفعيل العمل الحكومي في المرحلة المقبلة واستثمار الزخم الذي وفّرته التسوية قبل حصول تعقيدات جديدة تحبط هذا الزخم.
وأشارت هذه الاوساط الى انه لا يمكن إنكار الطابع الإيجابي الذي واكب ولادة التسوية التي ربح فيها الحريري صورته كـ «منقذ» كما وصفه جعجع، ولم يخسر بري موقعه ودوره، لافتة الى ان التسوية لحظت مهلة شهرين من اجل طرح ملف قانون الانتخابات على جلسة تشريعية جديدة كتعهد مبدئي، لكن ثمة لغطاً واسعاً يثار في شأن هذه المهلة او نتائج عمل لجنة فرعية تعمل على استخلاص مشروع او اثنين من مجموعة اقتراحات تتجاوز الـ 17، بما يعني ان تحديد اي مهلة لا يجدي حيال استمرار الانقسامات والخلافات حول هذا الملف بما يبقيه مجمّداً.
وتوقّعت الأوساط نفسها ان تبلور المناقشات في الجلسة التشريعية التي تمتد الى اليوم، الكثير من الغموض المتصل بالمهلة والالتزامات التي قُطعت في ملف قانون الانتخاب واجتراح صيغة للتراجع عن التوصية السابقة في البرلمان، التي كانت حدّدت الاولوية لانتخاب رئيس للجمهورية وعدم بت قانون الانتخاب قبل ذلك، من دون السقوط في فخّ تكريس قانون الانتخاب أولوية على انتخاب الرئيس.
وأكدت ان التسوية التي أمكنها ان تزيل الألغام من طريق الجلسة والتي كسرت مشروع مواجهة حادة وخطرة، كانت تنذر بعودة الاستقطابات الطائفية الى البلد، تبدو أوسع من موضوع الجلسة التشريعية فقط وربما تنسحب بمفاعيلها على الوضع الحكومي في وقت قريب، من بوابة التوافق الذي تحقق حول الجلسة التشريعية.
على ان مصادر سياسية أخرى اعتبرت عبر «الراي» ان الجلسة التشريعية التي قوبلت بارتياح كبير لدى سفراء الدول الغربية والعربية، قد تكون الأخيرة قبل انتخاب رئيسٍ باعتبار ان تعهُّد الحريري عدم المشاركة في اي جلسة مقبلة ما لم تتضمّن مناقشة قانون الانتخاب، شكّل عملياً إقفالاً لباب التشريع مستقبلاً قبل التوافق على قانون الانتخاب الذي لا يمكن فصله عن مجمل مسار الصراع في لبنان، بطبقتَيْه الداخلية والخارجية، باعتبار انه يرسم التوازنات ويحدد أحجام القوى السياسية وتالياً المسار السياسي في البلاد ومواقع التحكّك فيه، علماً ان القانون الذي أجريت على أساسه آخر انتخابات نيابية (العام 2009) لم يولد الا بعد مفاوضات مضنية في الدوحة من ضمن السلّة المتكاملة التي أفضت الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة مع ثلث معطّل لقوى «8 آذار».
حتى ان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله رسم البُعد الاستراتيجي لقانون الانتخاب الذي اعتبر في كلمته في «يوم الشهيد» ان هذا «القانون هو العامل الأساسي في إعادة تكوين السلطة وهو يعني مصير البلد ولمن تسلّم مصيرك ودمك وعرضك ووجودك ومستقبلك وسيادتك وحريتك واستقلالك».
كما كان بارزاً في خطاب نصر الله ربْط هذا القانون بـ «المبادرة السياسية» التي أطلقها والتي تدعو الى تسوية على قاعدة حلّ «السلّة الواحدة» لمجمل الواقع اللبناني المأزوم دون انتظار الخارج، موضحاً انه «عندما أقول تسوية يعني الناس بدها تأخذ وتعطي، من أجل مصلحة البلد (...) وتعالوا لنتحدث في رئاسة الجمهورية، الحكومة المستقبلية، رئيس الحكومة، تركيبة الحكومة، عمل المجلس النيابي، وقانون الانتخاب. وفي الرئاسة، لا أحد يطلع غداً ويقول إننا نحن نتخلى (عن العماد عون)، لا، لا، يمكن يكون النقاش في التسوية أنه يا أخي هذا مرشح فريقنا لرئاسة الجمهورية ونحن نصرّ على هذا الترشيح، لكن نفتح باب نقاش حتى تقبلوا به، يا أخي ماذا تريدون، تعالوا لنتحدث، أو هم يمكن أن يتصرفوا بهذه الطريقة».
وعكست المشاركة النيابية في الجلسة التشريعية صورة التسوية السياسية التي سبقتها وشكلت «كاسحة الألغام» التي مهّدت لانعقادها من خلال الحضور الكثيف لسائر الكتل النيابية بما فيها كتلتا «تكتل التغيير والاصلاح» (العماد ميشال عون) و«القوات اللبنانية» (الدكتور سمير جعجع) بعد موافقتهما على المشاركة في الجلسة في ظل التسوية التي تولّى زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري، إخراجها من خلال تعهده تمرير هذه الجلسة بجدول أعمالها المحدد من دون ايّ تعديل، وإقرار قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني (مطلب حيوي للقوى المسيحية)، في مقابل التزامه عدم المشاركة في اي جلسة تشريعية اخرى لا تُخصص لطرح قانون الانتخابات النيابية الذي طالب به الفريقان العوني والقواتي.
وفي الوقت الذي نظّمت منظمة الطلاب في «الكتائب» اعتصاماً امام البيت المركزي للحزب في منطقة الصيفي ثم تظاهرة الى مقربة من «ساحة النجمة» (حيث مقر البرلمان) في وسط بيروت بالتزامن مع انعقاد الجلسة لمطالبة النواب بانتخاب رئيس للجمهورية، بدأ مجلس النواب مناقشة وإقرار رزمة مشاريع قوانين يتسم غالبيتها بطابع مهمّ على الصعيد المالي والاقتصادي، ولا سيما التشريعات الدولية المتصلة بمكافحة الارهاب وتبييض الاموال والتهريب الضريبي، وايضاً القروض والهبات الملحة المتصلة بمشاريع انمائية حيوية وتوفير التشريعات الضرورية للانفاق العام، الى جانب مشروع استعادة الجنسية الذي نالت فيه القوى المسيحية، ما رغبت به بعدما بادر «تيار المستقبل» الى سحب تعديلات كان طرحها على المشروع تتصل بإعطاء المرأة اللبنانية المتزوجة من اجنبي حق منح أولادها جنسيتها، وذلك استجابة للمطالب المسيحية التي تخوفت من ان يؤدي هذا التعديل الى منح عشرات الآلاف من الفلسطينيين والسوريين الجنسية اللبنانية، ما يؤدي الى إخلال في التوازن الديموغرافي.
في اي حال شكل انعقاد الجلسة التشريعية عنوان مرحلة تهدئة داخلية كان من شأنها ان أشاعت انفراجاً سياسياً عاماً، بعدما سُحب فتيل المواجهة التي كان شبحها قائماً بقوة في حال عدم التوصل الى التسوية التي قيل فيها انها «أخرجت الكلّ رابحاً» على الطريقة اللبنانية التي تراعي ماء الوجه للجميع.
وقالت اوساط نيابية ووزارية من اتجاهات عدة لـ «الراي» ان ثمة مناخاً يجري العمل عليه لجعل التسوية التي أنقذت الجلسة التشريعية وأنقذت معها لبنان من خطر عزلة مصرفية ومالية دولية كان محدقاً بقوة في حال عدم إقرار المشاريع المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال والتهرب الضريبي، وحتى أنقذت الميثاقية اللبنانية والتحالفات داخل فريقيْ 8 و 14 آذار، تتسع لتشمل تفعيل العمل الحكومي في المرحلة المقبلة واستثمار الزخم الذي وفّرته التسوية قبل حصول تعقيدات جديدة تحبط هذا الزخم.
وأشارت هذه الاوساط الى انه لا يمكن إنكار الطابع الإيجابي الذي واكب ولادة التسوية التي ربح فيها الحريري صورته كـ «منقذ» كما وصفه جعجع، ولم يخسر بري موقعه ودوره، لافتة الى ان التسوية لحظت مهلة شهرين من اجل طرح ملف قانون الانتخابات على جلسة تشريعية جديدة كتعهد مبدئي، لكن ثمة لغطاً واسعاً يثار في شأن هذه المهلة او نتائج عمل لجنة فرعية تعمل على استخلاص مشروع او اثنين من مجموعة اقتراحات تتجاوز الـ 17، بما يعني ان تحديد اي مهلة لا يجدي حيال استمرار الانقسامات والخلافات حول هذا الملف بما يبقيه مجمّداً.
وتوقّعت الأوساط نفسها ان تبلور المناقشات في الجلسة التشريعية التي تمتد الى اليوم، الكثير من الغموض المتصل بالمهلة والالتزامات التي قُطعت في ملف قانون الانتخاب واجتراح صيغة للتراجع عن التوصية السابقة في البرلمان، التي كانت حدّدت الاولوية لانتخاب رئيس للجمهورية وعدم بت قانون الانتخاب قبل ذلك، من دون السقوط في فخّ تكريس قانون الانتخاب أولوية على انتخاب الرئيس.
وأكدت ان التسوية التي أمكنها ان تزيل الألغام من طريق الجلسة والتي كسرت مشروع مواجهة حادة وخطرة، كانت تنذر بعودة الاستقطابات الطائفية الى البلد، تبدو أوسع من موضوع الجلسة التشريعية فقط وربما تنسحب بمفاعيلها على الوضع الحكومي في وقت قريب، من بوابة التوافق الذي تحقق حول الجلسة التشريعية.
على ان مصادر سياسية أخرى اعتبرت عبر «الراي» ان الجلسة التشريعية التي قوبلت بارتياح كبير لدى سفراء الدول الغربية والعربية، قد تكون الأخيرة قبل انتخاب رئيسٍ باعتبار ان تعهُّد الحريري عدم المشاركة في اي جلسة مقبلة ما لم تتضمّن مناقشة قانون الانتخاب، شكّل عملياً إقفالاً لباب التشريع مستقبلاً قبل التوافق على قانون الانتخاب الذي لا يمكن فصله عن مجمل مسار الصراع في لبنان، بطبقتَيْه الداخلية والخارجية، باعتبار انه يرسم التوازنات ويحدد أحجام القوى السياسية وتالياً المسار السياسي في البلاد ومواقع التحكّك فيه، علماً ان القانون الذي أجريت على أساسه آخر انتخابات نيابية (العام 2009) لم يولد الا بعد مفاوضات مضنية في الدوحة من ضمن السلّة المتكاملة التي أفضت الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة مع ثلث معطّل لقوى «8 آذار».
حتى ان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله رسم البُعد الاستراتيجي لقانون الانتخاب الذي اعتبر في كلمته في «يوم الشهيد» ان هذا «القانون هو العامل الأساسي في إعادة تكوين السلطة وهو يعني مصير البلد ولمن تسلّم مصيرك ودمك وعرضك ووجودك ومستقبلك وسيادتك وحريتك واستقلالك».
كما كان بارزاً في خطاب نصر الله ربْط هذا القانون بـ «المبادرة السياسية» التي أطلقها والتي تدعو الى تسوية على قاعدة حلّ «السلّة الواحدة» لمجمل الواقع اللبناني المأزوم دون انتظار الخارج، موضحاً انه «عندما أقول تسوية يعني الناس بدها تأخذ وتعطي، من أجل مصلحة البلد (...) وتعالوا لنتحدث في رئاسة الجمهورية، الحكومة المستقبلية، رئيس الحكومة، تركيبة الحكومة، عمل المجلس النيابي، وقانون الانتخاب. وفي الرئاسة، لا أحد يطلع غداً ويقول إننا نحن نتخلى (عن العماد عون)، لا، لا، يمكن يكون النقاش في التسوية أنه يا أخي هذا مرشح فريقنا لرئاسة الجمهورية ونحن نصرّ على هذا الترشيح، لكن نفتح باب نقاش حتى تقبلوا به، يا أخي ماذا تريدون، تعالوا لنتحدث، أو هم يمكن أن يتصرفوا بهذه الطريقة».