رسالتي

«أبو رغال»... وخيانة الأوطان

تصغير
تكبير
حب الأوطان لم تخل منه مشاعر الأنبياء، ولا قلوب الأصفياء، هو مما أطلق خيال الشعراء، ودفع لأن تسطر فيه محابر الأدباء.

ولا يختلف عاقلان على مكانة الأوطان في قلوب أبنائها، ولا واجبهم تجاهها، وفي ذلك يقول الشاعر:


وللأوطان في دم كل حر

يد سلفت وديْنٌ مستحق

فهي -الأوطان- وإن لم تعط أحياناً كل ما يتمناه المرء من حقوق، وإن -كذلك- أصابه فيها بعض الضر أو الظلم لكنها تبقى عزيزة على قلب كل حر:

بلادي وإن جارت عليّ عزيزة

وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرام

ولذا كان من أوجب الواجبات على الإنسان أن يعرف للوطن حقه، ويذكر فضله، ولا ينسى معروفه، ومن واجب الحر أن يصون وطنه ويحافظ على سلامته، وأن يقف سداً منيعاً في وجه كل من يريد به السوء، ولا يتخلى عنه في الشدائد:

ومن كان في أوطانه حامياً لها

فذكراه مسك في الأنام وعنبر

ومن لم يكن من دون أوطانه حمى

فذاك جبان بل أخسّ وأحقر

ومن أعظم صور نكران الجميل، أن يكون المرء عنصر تخريب أو إفساد أو تدمير لوطنه، فمن يقدم المصلحة الشخصية أو العائلية أو التجارية، أو الطائفية، أو الحزبية على مصلحة الوطن فهو خائن، ومن يتآمر على وطنه فيفشي أسراره وينقل أخباره، ويخطط لتخريبه فهو خائن، ومن يدل العدو على مواطن القوة والضعف فهو خائن، ومن يجلب السلاح، ويخزّن المتفجرات، ويوالي الأعداء فهو خائن.

إن حب الوطن ليست شعارات ترفع هنا وهناك، وليست احتفالات تقام بين فترة وأخرى، وليست بأهازيج تردد، أو قوافي تنظم، بل هو بذل وعطاء وتضحية.

إن حب الأوطان يجعلك تتبرأ من كل خائن مهما كانت قرابته وصلته، وتقف في وجه كل مفسد مهما كانت لك معهم من ارتباطات ومصالح.

إننا نعيش في سفينة واحدة -هي الكويت- إن سمحنا لأي مفسد في تخريب جزء منها، فلن يغرق وحده بل سنغرق جميعاً، فهل يعي المتعاطفون والحزبيون والمتخندقون ذلك؟

****

أبو رغال

لقد جعلت العرب شخصية «أبو رغال» رمزا للخيانة، ولذلك يوصف كل خائن «بأبو رغال»، وهو الذي دلّ أبرهة الأشرم الحبشي على الطريق المؤدي إلى الكعبة، عندما عزم «أبرهة» على هدمها، ولم يكن للأحباش أن يعرفوا طريق الكعبة لولا ذلك الخائن، فقد عرضوا المال على العديد من الأدلاء لكنهم كانوا يرفضون، ولم يقبل بالخيانة سوى «أبو رغال».

ولعظيم الجرم الذي ارتكبه «أبو رغال» فإنه أصبح عند العرب عادة لكل من أراد أداء الحج تتمثل برجم قبر «أبو رغال».

فكم من «أبو رغال» يحتاجون للرجم في مجتمعاتنا العربية؟

Twitter:abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي