حديث الأيام

أوباما بين النووي الإيراني ونار الحزب الجمهوري؟

تصغير
تكبير
منذ أيام وفي الجامعة الأميركية ألقى الرئيس الأميركي خطاباً مؤثراً، حث فيه الأميركيين على الضغط على ممثليهم في الكونغرس للموافقة على الاتفاق النووي الذي سيوقعه مع الإيرانيين، وكان فيه الكثير من المؤشرات على طبيعة السياسة الأميركية الخارجية.

وأنا أعترف أن هذه المقالة طويلة، ولكن الخطاب كان طويلاً جداً، ويبدو أن أوباما كان مشحوناً مما يدور حوله أو يحاك ضده في الكونجرس الأميركي، فمن خطابه اكتشفت أن السياسة الأميركية ليست بيده وقد تخرج من يد الأميركيين في يوم ما، والسبب كما يقول أوباما بعض العقليات التي تؤمن بالعقيدة العسكرية والمقصود هنا بالطبع الجمهوريون، حتى أن الرئيس سخر منهم وسمى بعضهم ووصفهم بأوصاف مقذعة وعيرهم بفشلهم في الحرب على العراق.


ويبدو أن الشعب الأميركي حاله كحالنا ويعاني من تضليل الإعلام، ولذا حذرهم أوباما قائلا: إنكم ستسمعون الكثير من التهويل والكذب عن الاتفاقية، وستبدأ الملايين بالتدفق على بعض وسائل الإعلام، وستسمعون بعض الأصوات المألوفة، والمقصود هنا القنوات التي يدفع لها الجمهوريون- ولكن تذكروا أنها نفس الأصوات التي قادتنا إلى الحرب الفاشلة في العراق.

ولم يدخر أوباما جهدا في تفنيد كل الادعاءات والتساؤلات التي أثيرت حول الاتفاقية ورد عليها بجواب عن كل سؤال، وفي النهاية قال لمعارضيه إن وجدتم حلاً أفضل للمشكلة فأنا مستعد للقيام به، ولكنكم لن تجدوه.

والواضح من الخطاب أن الأمور ليست كلها بيد الرئيس أو حتى حزبه، ويبدو أن التباعد بين الجمهوريين والديمقراطيين يزداد يوماً بعد يوم خصوصاً في السياسة الخارجية، وهذا مؤشر على حدة النزاع داخل أروقة الكونغرس، وقد يؤدي إلى تدهور في قوة تأثير السياسة الأميركية عالمياً.

والخطاب عامر بالشواهد على تأثير اللوبي الصهيوني على السياسة الأميركية، والعلاقة الكاثوليكية بين إسرائيل وأميركا، وكأن شغله الشاغل في الخطاب هو إقناع أصدقائه الإسرائيليين، ويعتب على صديقه رئيس الوزراء الإسرائيلي (نيتنياهو) ويقول عنه إنه الزعيم الوحيد في العالم الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب.

وتأكيداً لطبيعة العلاقة بين الدولتين، يقول أوباما إن إسرائيل بين الجفن والعين الأميركي، وأنه فعل لإسرائيل ما لم يفعله رئيس أميركي سابق، وهم ملتزمون بأمنها وكشف أنه عقد اتفاقيات أمنية عدة مع إسرائيل لعشر سنوات مقبلة، وهو على استعداد لتعميق العلاقة.

أما كيف يجد أوباما هذا الاتفاق حلاً منصفاً لمشكلة النووي الإيراني فيقول: إنه أفضل فرصة لمنع الإيرانيين من صنع القنبلة النووية، وعلى ذمته فإن الاتفاقية ستشترط على الإيرانيين إغلاق 98 في المئة من مفاعلاتهم للطرد المركزي، وستحرمهم من اليورانيوم، وفوق ذلك سيتم إخراج اليورانيوم والوقود النووي الموجود حالياً في إيران منها، كما ستحرم هذه الاتفاقية إيران ولمدة عقد من الزمن من اليورانيوم ولو تحت ذريعة البرامج السلمية، أما مفاعل أراك فسيتم إغلاقه وتعبئته بالكونكريت.

ولم يدع الرئيس مجالاً للشك حول جدوى عمليات التفتيش ويقول: إنه في ظل المراقبة المقررة على إيران، فإنه وعبر التاريخ لم يكن لأي دولة كانت أن تفلت من هذا النوع من الرقابة، فهي مستمرة لأربعة وعشرين ساعة وطوال أيام الأسبوع. ما يعني أن عملية إخفاء المحظورات عن عملية التفتيش ستكون شبه مستحيلة.

وبحسب خطاب أوباما فإن الإيرانيين لديهم دوافع قوية للموافقة على الاتفاقية، ومن ناحيتنا لن نرفع العقوبات مالم تبدأ إيران بالتنفيذ.

والرئيس الأميركي كان واضحاً جداً في خطابه للأميركيين، ويقول إننا لسنا الدولة القوية والوحيدة في العالم فهناك آخرون، وحلفاؤنا اليوم تحملوا معنا عبء العقوبات الاقتصادية على إيران، ولا نستطيع إقناعهم بالاستمرار في حالة رضوخ إيران للاتفاقية، والشرط كان بيننا وبينهم هو منع إيران من إنتاج القنبلة النووية فقط، وهذه الاتفاقية تقوم بالمطلوب، أما إذا كان ما تريدون هو فرض حصار أو عقوبات من طرف الولايات المتحدة منفردة، فإننا في هذه الحالة سوف نأمر بنوكنا في العالم بذلك، ولكنها مربوطة مع دول العالم وخصوصا الصين، وعندها سيتضرر اقتصاد الصين، ومن ثم سينتقل الضرر إلى الشعب الأميركي وفي النهاية قد نخاطر بمستقبل الدولار كعملة عالمية، فهل تريدون ذلك؟

وفي نهاية خطابة جدد اعتذاره إلى الرئيس الإسرائيلي وقال بالحرف الواحد «بصفتي رئيساً للولايات المتحدة سيكون في رفض هذه الاتفاقية إلغاء لصلاحياتي الدستورية التي تحتم علي العمل بحسب قناعاتي الموضوعية، ولن أفعل ذلك بسبب توتر موقت في علاقة مع حليف وصديق عزيز».

fheadpost@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي