في ختام شهر رمضان المبارك لهذا العام اختُتِمت معه سلسلة مواسم من برنامج تلفزيوني شهير عُرِض على أكثر من ثلاث قنوات تلفزيونية، برنامج «خواطر» الذي ابتدأ بحلقة لا تتعدى العشر دقائق في موسمه الأول انتهى في موسمه الحادي عشر بحلقة لا تتجاوز خمساً وعشرين دقيقة، تلك الدقائق بسيطة بعددها مركزّة في كم المعلومات والفوائد المستخرجة منها، يعرِض من خلالها الأستاذ أحمد الشقيري أفكاراً وقيماً وأخلاقيات غفل عنها بعضنا فاحتجنا للتذكير بها أو جهلناها فعرّفنا بها بطريقة إبداعية مميزة وفريدة من نوعها، هذا البرنامج حرص على تحسين الفرد العربي المسلم من خلال غرس القيم والمبادئ من ثم يتحسن المجتمع شيئاً فشيئاً وتباعاً لإصلاح الإنسان من ذاته وما حوله.
هو كغيره من المشاريع يخضع للخطأ والصواب كونه عملاً بشرياً، ففيه من الإيجابيات الكثير منها تحفيز الشباب للقيام بمشاريع تطوعية خيرية على مستوى بلدانهم، وعرض واستجلاب الفائدة من الغرب لتطبيقها في البلدان العربية، بالإضافة إلى تصحيح مفهوم وغرس قيمة في نفوس المتابعين، وغيرها من الإيجابيات على مدى الأحد عشر عاماً الماضية، كذلك هناك سلبيات.. مساوئ.. أخطاء.. بعضها يرجع لأساس شرعي والبعض لاختلاف البيئات والمجتمعات.
أياً كانت تلك السلبيات فلست بصدد عرضها وتفنيد كل واحدة منها لأن لكل فرد منا رأيه الموافق أو المخالف لتلك النقاط، وكل رأي يرجع لفهم مختلف وشخصية متباينة وبيئة مغايرة للأخرى، وعلى الرغم من هذا الاختلاف الواسع والكبير إلا أنه لا يحق لأحدنا تسفيه عمل بأكمله لوجود خطأ أو عدد من الأخطاء، بل إنه من منطلق الاحترام بيننا على الواحد منا إبداء رأيه من دون استطراد أو تعميم، ومن مبدأ التعاون المجتمعي علينا قبول محاولة شخص في تحسين أحوالنا للأفضل على أن نردها ونرفضها بإيجابياتها وسلبياتها بالكلية، فأولئك الذين لا يرون إلا المساوئ والأغلاط قد تكون عمت أبصارهم عن رؤية آثار هذا البرنامج الجمّة على بناء الإنسان، إذ إنني من الجيل الذي كبُر مع برنامج خواطر وله من الأثر على نفسي وشخصيتي الكثير، فكم فكرة غُرِست في عقل مراهق لتكبر معه؟، وكم حلقة دعمت مبدأً متزعزعاً في نفس شابة احتاجت لمن يقوي ذلك المبدأ فيها؟، ويكفينا أحياناً مجرد الشعور بالمسؤولية تجاه قضية أو مشكلة ما، فإحياء الإحساس بالمسؤولية في نفوس الناس بات صعباً ومفقوداً في زمننا الحالي.
من أجل ذلك كله وددت تقديم الشكر والعرفان لفريق عمل برنامج (خواطر) وعلى رأسهم الأستاذ أحمد الشقيري، نعم... شعرت بالحزن لإنهاء مواسم البرنامج، فهو من البرامج التي تستحق الاستمرارية بدلاً من كمّ البرنامج الهادمة للأخلاقيات والقيم الإنسانية، لكن نحترم قرارهم في ذلك ونقدر جهودهم المبذولة، (خواطر) لم ينتهِ حقاً لأنه يعيش في نفوس جيل من الشباب والشابات، فالحمد لله أولاً وآخراً أن سخّر لنا إنساناً مخلصاً تملؤه الدافعية والاهتمام بالآخرين.