أجرت جامعة (ييل) في الولايات المتحدة الأميركية دراسة على مجموعة من الطلاب، وقد تبين من تلك الدراسة.. أن (3 في المئة) منهم لهم أهداف واضحة، وأن (1 في المئة) فقط قد كتبوا أهدافهم. وأعيدت تلك الدراسة بعد عشرين سنة على المجموعة نفسها، فتبين.. أن الثلاثة في المئة الذين حددوا أهدافهم، قد حققوا إنجازات في حياتهم العملية بمقدار ما حققه السبعة والتسعون مجتمعين! فالمتميزون دائماً قلة قليلة، والمتميزون جداً نادرون جداً.
ماذا يحدث إذا لم يخطط الواحد منّا حياته؟
بالتأكيد سوف نفقد السيطرة على أوقاتنا، وجهودنا من غير خطة جيدة ستظل مبعثرة وضائعة، وبالتالي سيصبح الكسل هو سيد الموقف، وتنخفض درجة الإنتاجية إلى أدنى مستوى، والذين لا يخططون لشؤونهم يخطط لهم غيرهم، أي يجدون أنفسهم ضمن تأثير خطط الآخرين، فيُستغلّون أسوأ استغلال، ويكون الكثير من جهدهم مسخّراً لمصلحة غيرهم، والتجربة علّمتنا أن حاضرنا يضيع، وأوقاتنا تذهب هباءً، إذا لم نضغط عليها بأهداف مستقبلية.
نحن مقبلون على شهر رمضان، الشهر الفريد في السنة الذي يهيىء للإنسان الأرض الخصبة ليخطط ويخرج من الظروف الصعبة التي يحيا فيها، بالتخطيط وحده يمكن أن يتولّد وعياً بالإمكانات الكامنة لكل واحد منّا، كما أن من شأن التخطيط أن يعلمنا كيف نجعل من الأعمال الصغيرة أعمالاً تراكمية، تصب في خط واحد، مما يجعلنا نشعر بالتقدم والتحسن. وهذا ما سنجده في رمضان إن بدأنا بالتخطيط له من الآن، حتى لا تهدر إمكاناتنا وأوقاتنا من دون أن نفوز بشهر العطايا والبركات. لاحظ أحد الباحثين أن الإنسان بمجرد أن يحدد هدفاً واضحاً لنفسه، تقفز إمكاناته قفزة إلى الأعلى، ويزداد نشاطه، ويتيقظ عقله، وتتحرك دافعيته، وتتولد لديه الأفكار التي تخدم أغراضه.
يجب أن يكون واضحاً.. أن كل الأهداف التي سنحققها في هذه الدنيا مهما عظمت، فإنها ستظل صغيرة، لأن الاستمتاع بها سيظل مؤقتاً ومحدوداً، وقد تشكل هذه عقبة للكثير من الناس، ولتجاوزها لابد أن نجعل أهدافنا وطموحاتنا وتطلعاتنا الدنيوية مرتبطة على نحو ما بالفوز بما عند الله - تعالى - في الآخرة، وذلك من خلال قصد الاستعانة بتقوى الله، ونفع العباد، ومن خلال الحرص الشديد على أن يكون نشاطنا في دائرة المباح، وفي إطار التوازن بين حاجاتنا اليومية، وحقوق الآخرين علينا، وبين ما نسعى إلى تحقيقه في المستقبل.
[email protected]twitter: @mona_alwohaib