القاتل الاقتصادي أو ما يعرف باللغة الانكليزية بـ Economic Hit Man، هم رجال محترفون يتقاضون أجورا عالية لخداع دول العالم من أجل تحويل مليارات الدولارات إلى البنك الدولي أو منظمات المساعدات العالمية ومن ثم لتصب في الأخير في خزائن الشركات الضخمة وجيوب قلة من الأسر الغنية التي تتحكم بموارد الأرض الطبيعية.
وسبيلهم في ذلك: تقارير مالية محتالة، وانتخابات مزورة، ورشاوى، وابتزاز، وغواية جنس، وجرائم قتل.
ومن أشهر هؤلاء «جون بيركنز» والذي ألّف كتابا بعنوان: «اعترافات قاتل اقتصادي» نُشر عام 2004 ويصف فيه وظيفته كقاتل اقتصادي ويلخص الأسلوب الجديد الذي تستخدمه الولايات المتحدة للسيطرة على دول العالم الثالث.
وقد شاهدت واستمعت لمقطع فيديو يصف فيه «بيركنز» بعض الطرق والأساليب التي تم استخدامها للسيطرة على ثروات بعض الدول، كإقناع الولايات المتحدة مثلا بعض الدول النفطية للحصول على قرض ضخم منها عن طريق البنك الدولي، وهذا القرض لا يتجه في حقيقته نحو هذا البلد وإنما إلى الشركات الأميركية الكبرى التي تقوم بمشاريع البنية التحتية للبلد النفطي من مثل محطات توليد الكهرباء والموانئ وغيرها.
وتعود الفائدة على قلة قليلة من أغنياء البلد نفسه، بينما لا تساعد الأغلبية العامة من الناس، وإنما سيتحملون الدين الضخم الذي سيكون من المستحيل سداده لتراكم فوائده (وهو جزء من الخطة، أي عدم القدرة على السداد).
ومن ثم تتم مقايضة سداد الدين بأشياء عدة منها:
بيع النفط الخام بسعر بخس لشركاتهم النفطية، أو السماح لهم ببناء قواعد عسكرية في البلد النفطي، أو إرسال قوات من الجيش لدعم التواجد الأميركي في مكان ما من العالم، أو التصويت مع أميركا في أي تصويت مقبل في الأمم المتحدة أو مجلس الأمن!!
ومع تراكم الديون وصعوبة سدادها يتم عرض إعادة تمويل الدين، ودفع مزيد من الفائدة، ويكون ذلك أيضا مقابل شروط جديدة ومنها ما يسمّى «بالحكم الصالح»، ويقصد به أن تقوم الدولة ببيع مواردها وبعض خدماتها الاجتماعية وبعض شركات المرافق العامة ونظم التأمين إلى الشركات الأميركية الكبرى، وبذلك تكون قد حققت ضربات مزدوجة ضد هذه الدول.
ويشير «بيركنز» إلى أن طلائع «القاتل الاقتصادي» قد بدأت عملها أوائل الخمسينات وكان ذلك في إيران عام 1953 عندما انتُخب «مصدق» ديموقراطيا، وكان يُنظر إليه كأملٍ للديموقراطية في الشرق الأوسط وحول العالم، وكان رجل العام في مجلة «التايمز».
لكن أحد الأمور التي بدأ «مصدق» في تنفيذها هو فكرة وجوب أن تدفع شركات النفط الأجنبية ثمنا أكبر بكثير للنفط الإيراني، وأن على الشعب الإيراني أن يستفيد من النفط الخاص به.
وهذا الأمر لم يعجب الولايات المتحدة - والتي كانت في الوقت نفسه تخشى من إرسال الجيش - لذلك قامت بإرسال عميل لوكالة المخابرات الأميركية وهو «كيرميت روزفلت» ومعه بضعة ملايين من الدولارات، لتأليب الناس على الرئيس الإيراني وشراء بعض الولاءات، وقد كانت هذه التجربة فعالة جدا في فترة زمنية قصيرة إذ تم إسقاط «مصدق» وتم جلب «شاه إيران» ليحل محله، وليعلن ضباط الجيش أن «مصدق» قد استسلم وأن نظامه الديكتاتوري قد انتهى، وبدأت تظهر في الشوارع صور الشاه كي يتم إيهام الناس بأن الشاه مُرحّب به في بيته.
يقول «بيركنز» ولما رأى المسؤولون في واشنطن أن ذلك كان سهلا ورخيصا، استخدموا هذا الأسلوب في أماكن أخرى.
والتي سنشير إليها في المقال المقبل بإذن الله تعالى.
Twitter: @abdulaziz2002