حوار / مدرّس كسول صنع منه واحداً من أهم المؤلفين الدراميين في الخليج

حسين المهدي لـ «الراي»: الدراما الكوميدية أصعب أشكال الكتابة

تصغير
تكبير
• أنا مع عودة السباعيات ... والمسلسلات الخليجية لا تحتمل 30 حلقة

• لن ألهث وراء «سماسرة الدراما» ... أنا كاتب حرّ

• سعيد بالتعاون مع داود حسين ... واعتذرت لـ «بوعدنان»

• لا وجه للمقارنة بين «العم صقر» و«الكيت كات»
لولا مادة اللغة العربية وكراسة التعبير وذاك المعلم الكسول، لما برز اسم حسين المهدي، كواحد من أهم مؤلفي الدراما البحرينية والخليجية في الوقت الحالي.

فالمعلم الذي اغرورقت عيناه بالدموع، تأثراً بقسوة الحياة والطفولة، التي عاشها ورواها الكاتب البحريني الشاب لأقرانه في فصل الدراسة، هو الذي صنع من تلميذه نجماً في عالم الكتابة الدرامية... هكذا روى لـ «الراي» المهدي قصته مع الكتابة التلفزيونية.


ولم يكن طريق المهدي الذي غرد خارج «القوالب الجاهزة» سهلاَ، فقد واجه حروباً وانتقادات بسبب جرأة طرحه، واقترب من حافة الاتهام بالتكفير، عندما دخل عش الدبابير، بمسلسله المثير للجدل «أكون أو لا»، الذي تناول فيه من أسماهم تجار ودجالي الدين، ما أثار عواصف ضده، ومطالبات بوقف عرض المسلسل، الذي تجاوز الخطوط الحمر.

وفي حواره لـ «الراي»، شرّع المهدي أبواب قلبه وعقله، وتحدث عن جديده «العم صقر» مع الفنان القدير داود حسين، وتطرق إلى بداياته وأعماله، وإثارته الدائمة للجدل، كما تحدث عن حال الدراما الخليجية، والعديد من القضايا، وإلى تفاصيل الحوار:

• في البداية حدثنا عن جديدك «العم صقر» مع الفنان داود حسين؟

- مسلسل «العم صقر» يحمل رسالة إنسانية، وهو يتناول معاناة إنسان كفيف البصر، لكنه يرى بعين قلبه وعقله ما لا يراه المبصرون، ويغوص في فلسفة النفس البشرية. والعمل يضم نخبة من النجوم منهم الفنان القدير داود حسين وخالد البريكي وفاطمة الصفي وفؤاد علي وحمد أشكناني ولطيفة المجرن ومحمد المسلم وآخرون، فيما تولى مناف عبدال مهمة الإخراج.

• هناك من يتخوف من أن العمل سيضع الفنان داود حسين في مقارنة مع الفنان المصري محمود عبدالعزيز والشيخ حسني في فيلم «الكيت كات» الشهير؟

• الفرق شاسع بين العملين، وأعتقد ألا مجال للمقارنة على الإطلاق بين شخصية «العم صقر»، التي يجسدها الفنان القدير داود حسين، وشخصية الشيخ حسني في «الكيت كات»... فالشخصيتان مختلفتان تماماً، إذ إن الأول كفيف البصر، لكنه أحدّ رؤية من الكثير من المبصرين، ويتجلى ذلك من خلال إدارته لعائلته بحكمة القائد الصلب وحنان الأب الطيب، فيما الشيخ حسني كفيف يختلق الأكاذيب، ويدعي أنه يرى كل شيء، لكنه يصطدم في نهاية الأمر بصخرة الواقع الأليم، ويضطر إلى الاعتراف بأنه ضرير.

• لاحترافك التأليف والكتابة الدرامية قصة طريفة نود التعرف عليها؟

- نعم هي قصة ربما لا تكون مقنعة للبعض ولكنها حقيقية، فقد كنت في الصف الخامس الإبتدائي، وكان لدينا معلم كسول ومتذمر للغة العربية، وكان دائم الهروب من شرح المنهج الدراسي، عبر التذرع بأننا أغبياء ونعاني عقدة مادة النحو، وكان عندما يدخل الصف يطلب منا أن نكتب تعبيراً، عن أي موضوع يجول في خواطرنا، وكانت موضوعاتي التي أكتبها تمثل الحياة القاسية والمضطربة التي عشتها في طفولتي، حيث الشقاء والحرمان حتى من لعب الأطفال. وفي أحد الأيام دعاني المعلم دون كل التلاميذ، إلى إلقاء ما كتبت في كراسة التعبير، أمام زملائي، وفعلت ما طلب مني، ولم أكد أنتهي، حتى انطلقت عاصفة من التصفيق أشعرتني بالخجل، وعندما التفتت إلى معلمي، لمحت عينيه تلمعان وقد اغرورقتا بالدموع تأثراً وتعاطفاً، ولا أنسى هذه اللحظة التي ولدّت داخلي حب الكتابة، أو فضل معلمي «رضا بوحميد» أستاذ اللغة العربية عليّ.

• وبمن تأثرت من الأدباء العرب أو العالميين؟

- لم أتأثر بأحد، إلا أنني قرأت للكثيرين من الفلاسفة والأدباء. وبالرغم من تعلقي في بداية حياتي بالأديب جبران خليل جبران، ولا سيما رائعته «الأجنحة المتكسرة»، إلا أنني سلكت مساراً أدبياً آخر، هو الكتابة التلفزيونية، ويعجبني أسلوب الرائع أسامة أنور عكاشة، وحواراته البليغة في الدراما، وأعتبره قدوة لكل الكتّاب المتمردين على القوالب الجاهزة، والذين لا يلهثون وراء سماسرة الدراما، وأنا منهم، هذا فضلاً عن إعجابي الشديد بالكاتب اليوناني نيكوس كازانتزاكيس، والفرنسي فيكتور هوغو وغيرهما.

• ما الذي تقصده بالقوالب الجاهزة في الدراما؟

- أقصد الأعمال التي لا تهتم بالمضمون والحبكة الدرامية، وإنما تعتمد على توليفة تجارية من المشهيات، منها بالطبع العناصر النسائية الجميلة والفاتنة.

• تعرضت لهجوم عنيف بعد تناولك رجال الدين في «أكون أو لا»، في نظرك هل كان العمل يستحق الضجة التي أثيرت؟

- لا يخفى أن البعض من رجال الدين تحولوا إلى تابوهات، يثيرون خشية الناس، بينما هم لا يخافون الله، بتطويعهم الدين لأهوائهم ومصالحهم، وتسليط سيف الدين على الرقاب باسم الإسلام، وهؤلاء في نظري مثيرو فتن ومشعلو حرائق، وهم سبب ما نعيشه من فتن بين طوائف المسلمين، وبالطبع هذا لا يمنع أن هنالك رجال دين وعلماء أجلاء، وهؤلاء نكنّ لهم كل الاحترام والتقدير، باعتبارهم نجوم الحياة ومشاعلها الحقيقية.

• هل لذلك ترى أن الدين الإسلامي مظلوم في مجتمعاتنا؟

- بالتأكيد الدين الإسلامي مظلوم، بسبب القتلة المتطرفين الذين عاثوا في الأرض فساداً، وصدّروا للغرب صورة مشوّهة له، وبسببهم يعتقد الكثيرون أن تعاليم ديننا الحنيف هي القتل والسلب والتدمير، في حين أن الإسلام دين تسامح وسلام، ويحثنا على احترام الأديان الأخرى.

• أنت متهم بتعمدك إثارة الجدل في أعمالك الدرامية وأنك تتبع مبدأ «خالف تعرف»؟

- هذا الاتهام غير صحيح، وكل ما أفعله هو أنني أحاول إعادة المشاهد إلى المربع الأول، وهناك دائماً من يخشى هذه العودة.

• يشكل النص الكوميدي صعوبة للعديد من كتاب الدراما... فهل هو كذلك بالنسبة إليك؟

- بصراحة نعم، فقد تعبت من المحاولات الحثيثة لكتابة نص كوميدي، وقدمت مسودات عديدة إلى الفنان القدير عبد الحسين عبد الرضا، إلا أنني لم أستطع استكمالها، ودرءاً للفشل، اضطررت إلى الاعتذار لـ «بوعدنان»، والإنسحاب التكتيكي، عائداً إلى قواعدي الدرامية، وأعترف بأن الكتابة الكوميدية من أصعب أنواع الكتابة.

• برأيك، ما هو سبب الحشو الدرامي والحوارات الركيكة في الأعمال الخليجية الأخيرة؟

- السبب يرجع إلى سيطرة التجار على الدراما، ورغبة بعض المنتجين في الثراء السريع، على حساب سمعة ومكانة الدراما الخليجية.

• وهل أنت مع مبدأ مسلسلات الثلاثين حلقة الخليجية؟

- في هذه المرحلة لست معها، وأتمنى أن تقلص الأعمال.

• وكيف ترى فرص عودة السباعيات التلفزيونية؟

- أرى أن بعض القنوات ربما تلجأ إلى هذه الأعمال، خصوصاً أن الجمهور لم يعد يحتمل مشاهدة 30 حلقة لمسلسل تلفزيوني، في ظل سطوة الإنترنت وسلطان مواقع التواصل الاجتماعي.

• وما الأهم في رأيك، الحوار البليغ أم القصة الجيدة؟

- الأهم هو القصة الجيدة، لكن الحوار البليغ والدقيق والمختصر في الوقت نفسه مهم بالنسبة إلى الدراما.

• وهل تقبل بتغيير في أعمالك إذا كان التغيير يخدم العمل الفني؟

- أقبل لكن بشرط، قبول المخرج أن يتغيّر هو أولاً من أجل النص.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي