رأي قلمي

أمان المبادئ... !

تصغير
تكبير
إن استعراض تاريخنا الخاص يعني التأمل والتبصر بكل مواقف وأحداث حياتنا الشخصية، والمراجعة الشخصية تفتح لنا آفاق التعلم والاعتبار مما مضى، ويزداد نضجنا أكثر إن تمكنا من النظر في تاريخ الآخرين وسيرهم الخاصة. لتصبح لدينا فهارس وقواميس حياتية نرجع إليها متى ما شعرنا بالحاجة. سجل حياة الإنسان مملوء بالمؤشرات ذات الدلالات الكبيرة والجلية، ولديه مجموعة رؤى تشكل نظرته للحياة، وبعض من رؤانا قد تشكل وتحول إلى معتقدات ومسلّمات راسخة لا يمكن التنازل عنها أو التفريط فيها.

إن المراجعة الشخصية تحفّزنا على أن نُحسن من أوضاعنا على المستويين الشعوري والسلوكي، وتزيد من وعينا بأنفسنا، وتدفعنا نحو مدارج الصلاح والارتقاء، وتقوي من عزائمنا لنقوم بدورنا التربوي تجاه أنفسنا وتجاه أولادنا في الجوانب السلوكية والعقلية والروحية. ومن خلال التبصر الذاتي سندرك أن كثيراً من الأخطاء التي وقعنا فيها كان بسبب فصل أنفسنا عن تاريخنا الشخصي، أو تجميد مبادئنا وقناعاتنا بحيث تكون مناقضة ومخالفة لسلوكياتنا.


الغالبية من الناس المحيطين بنا يحاولون اقناعنا أن نفصل مبادئنا عن حياتنا العامة! خصوصا إن كان الحوار والنقاش لإحدى الثقافات الخاطئة السائدة بالمجتمع والتي تحتاج بحزم أن نستأصلها من جذورها، منها التهاون والتساهل في اختراق القوانين ابتداءً من نواة المجتمع الأسرة وانتهاءً بالحرم المدرسي والوظيفي والأماكن العامة والطرقات.

إن الإنسان الذي توجهه المنافع والمصالح والأفكار والمعلومات بعيداً عن المبادئ، فإنه خائف دائما، متلجلج متناقض، لأنه محروم من نور البصيرة الذي تُشعّه المبادئ والقناعات والثقافات الصحيحة الراسخة. أما إنسان المبادئ يتحلى بالجرأة والإقدام على التغيير والتطوير، لأن مبادئه توفّر له الأرضية الصلبة للحركة بكل ثقة وثبات، لذلك نجده يشعر بالاطمئنان والارتياح تجاه ما يقوم به، ويخضع لرؤية واحدة، وهو إنسان قابل للفهم وللتفسير دائماً وأبداً لتوافق وتطابق مبادئه مع عقله وشعوره وسلوكه. المسلم الحق لا يستمد قوته إلا من ثقته بربه وعونه له على السير في الطريق الصحيح الذي يؤدي إلى النجاح والفلاح، ومن ثم إحساسه بالمسؤولية تجاه هويته واحترامه لذاته وثقته بإمكاناته وقدراته.

إن توظيف المبادئ في حياتنا باتت أمانة على عواتقنا، لنكثر من سواد أصحاب المبادئ، لأن صاحب المبدأ حين يأتي لتحقيق ما يطمح إليه، فإنه يبحث عن الأساليب المشروعة لذلك، فلا يكذب، ولا يغش، ولا يخدع، ولا يرتشي، ولا يفوّت الفرائض والواجبات، أو يتنازل عن كرامته في سبيل الوصول إلى ما يريده. إن مبادئه تضبط مشاعره، كما تضبط تطلعاته وتحركاته وشأنه كله.

[email protected]

mona_alwohaib@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي