كنت ممتطياً صهوة القنفة، متسلحاً بـ «الريموت كنترول»، سلاح الفرسان في القرن الواحد والعشرين، مقاتلاً القنوات الفضائية منتقلاً من معركة إلى أخرى حتى حط بي الرحال على قناة محلية!
شلت يدي، وتصلبت عضلاتي ولم أستطع أن أقلب القنوات، فقد تصورت للوهلة الأولى انني أشاهد «برد بوعود»- ايس كريم – بلونيه الأحمر والأبيض يتمشى بين الأشجار، ثم تصورته مكوك فضاء مستعداً للانطلاق، ثم راجعت عقلي أو ما تبقى منه، فاكتشفت أنني أمام رجل بحذاء اسود، ودشداشة بيضاء، وبشماغ أحمر!
فصرخت بعد الصدمة كـ «أرخميدس» «يوريكا يوريكا»، «وجدتها وجدتها»، ها هو الشيء الذي يقال عنه «مظاهر دخيلة»، لماذا دخيلة؟ سأقول لكم:
الدخيلة الأولى، لأن مقدم البرنامج كان يلبس شماغا احمر سويسريا مكويا بحجم XXL -هذا حجم شماغه- ودون عقال، وهو لبس دخيل ما لبسه الكويتيون من قبل بهذه الطريقة وكأنه شرشف طاولة في مطعم اللينوتر!
الدخيلة الثانية، فهي لبسه لحذاء ايطالي أسود، مع جورب اسود، في عز الصيف (يعني كاشخ)!
والدخيلة الثالثة، انه كان يتحدث عن المقابر والموت، وكان يقول للمشاهدين «راح تموتون، وفي النهاية أكيد تموتون، لا تفكر بالدنيا راح تموت...» واستمر في تهديده وهو يخرج بين الأشجار مع موسيقى أفلام دراكولا، وهذه دخيلة ما سمعتها من قبل من كبار مشايخنا ورجال الدين!
الدخيلة الرابعة، هي استخدام كاميرات يابانية حديثة، وأجهزة بث أميركية متطورة من اجل بث التخلف!
الدخيلة الخامسة، أن ثقافة الموت لم تكن يوما ثقافتنا، ولم أكن ادري ان الشباب الكويتي عنده مشكلة واحدة، وهي انه لا يعرف كيف يموت، فساهم هذا البرنامج في تعريفه بموتته ويستطيع أن يموت الآن وهو مرتاح!
كيف نريد للشباب أن يزرع، ويصنع، وينتج، ويخترع، ويبدع، ويكتب، ويرسم، ويبني... ثم نرسله إلى المقابر، وندخله الحفر...يا قوم، الله يعوض علينا وعليكم بهكذا ثقافة وبرامج!
جعفر رجب
[email protected]