عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي

الكاتب والضمير؟

تصغير
تكبير
لا تكاد تمر بك بضعة أيام إلا وتقرأ «انتقل إلى رحمة الله تعالى الكاتب الفلاني أو الإعلامي العلاني» ثم تحاول أن تسترجع بعض كتاباتهم أو تصريحاتهم، والتي تضمنت في غالبها العداء للإسلام وأهله، أو المناصرة لطاغية أو ظالم، أو تبريرا لقتل أبرياء، أو تحريضا سافرا على من اختلفوا معه في الرأي، فتقول في نفسك: ماذا أخذ هؤلاء معهم في قبورهم؟ وهل نفعتهم كتاباتهم؟ ومن سيدافع عنهم؟

أعتقد أن هناك وقفة محاسبة ومراجعة ينبغي أن يحرص عليها كل من تصدر لتوجيه الناس (إعلامي، سياسي)، كاتب، خطيب مسجد،.... ويسأل نفسه هل ما أكتبه يمثل قناعتي؟ وهل أنا مستعد أن ألقى الله تعالى بما خطته يداي أو نطقه لساني؟


لا أريد أن أحول المقال إلى موعظة دينية، لكنني أعتقد أنه بالفعل لا بد من المراجعة والمحاسبة.

هل ينفع أن أخسر ديني من أجل دنيا غيري؟ وبماذا سأجيب ربي إذا وقفت بين يديه؟

وماذا سأصنع بكلمات التمجيد للظالم وأنا أعلم أنه مجرم، وبعبارات الثناء على المسؤول وأنا أعلم أنه خائن؟

هل يمكن أن أُنكر بعض ما قلت؟ كيف ولديّ رقيب عتيد؟ وأنفاسي كلها محسوبة علي؟

إذا أردتم مثالا على تقلب أحوال البعض، وانتقال خط قلمه، ومنهج برامجه، بحسب تغير الحاكم أو المسؤول، فتأمل فقط أحوال بعض الإعلاميين والكتاب في مصر الشقيقة.

كم مجّدوا الرئيس الأسبق حسني مبارك وسياساته وحاربوا الإخوان، فلما تولى الحكم الرئيس مرسي، أخذوا يكيلون المدح على اعتدال فكر الإخوان ومنهجهم، وأنه لا يزايد على وطنيتهم أحد، ثم لما حدث الانقلاب وانتقل الحكم إلى العسكر، قلبوا على الإخوان ظهر المجن، وجعلوا كل مصائب العالم - وليس مصر فقط - من وراء رأس الإخوان، حتى قال قائلهم إن سقوط الأندلس كان سببه الإخوان!!!

لن ينفعك الحاكم ولا المسؤول، ومن أعجبته كتاباتك اليوم ربما سخط عليك غدا، لذلك اجعل رضا الله تعالى نصب عينيك دائما، واعلم أنه من ابتغى رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن ابتغى رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه، وأرضى عنه الناس.

الرحيل قادم، والسعيد من خطت يداه ما ينفعه عند لقاء ربه:

وما من كاتب إلا سيفنى.. ويبقى الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بخطك غير شيء.. يسرك في القيامة أن تراه

Twitter :@abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي