الكويت الاشتراكية! 102 شركة تساهم فيها الحكومة وتهيمن بها على الاقتصاد
إلى متى تستمر هيمنة الدولة على الاقتصاد؟ (تصوير أسعد عبد الله)
عادل الوقيان
صالح السلمي
خليفة حمادة:
- لا أقول حان وقت الخصخصة... بل تأخرنا كثيراً
- بيع المساهمات الحكومية يعزّز التنافسية ولا يثير المخاوف
- المساهمة الحكومية في الناتج المحلي 19 مليار دينار... هيمنة غير صحية على الاقتصاد
علي رشيد البدر:
- سياسة «هيئة الاستثمار» أن كل استثماراتها متاحة للبيع متى وجدت العرض المناسب
- على الدولة تسريع الخصخصة لما لها من قيمة مضافة في تحريك الاقتصاد
- مساهمة «الهيئة» في بعض الاستثمارات جاءت بسبب ضعف السوق... وتخارجها يجب أن يراعي ذلك
عادل الوقيان:
بداية الخصخصة بالقطاعات المستهلكة للدعم ... الكهرباء والإسكان والصحة والتعليم
صالح السلمي:
بقاء الدولة في الشركات يتعين أن يقتصر على الظروف الاستثنائية
- لا أقول حان وقت الخصخصة... بل تأخرنا كثيراً
- بيع المساهمات الحكومية يعزّز التنافسية ولا يثير المخاوف
- المساهمة الحكومية في الناتج المحلي 19 مليار دينار... هيمنة غير صحية على الاقتصاد
علي رشيد البدر:
- سياسة «هيئة الاستثمار» أن كل استثماراتها متاحة للبيع متى وجدت العرض المناسب
- على الدولة تسريع الخصخصة لما لها من قيمة مضافة في تحريك الاقتصاد
- مساهمة «الهيئة» في بعض الاستثمارات جاءت بسبب ضعف السوق... وتخارجها يجب أن يراعي ذلك
عادل الوقيان:
بداية الخصخصة بالقطاعات المستهلكة للدعم ... الكهرباء والإسكان والصحة والتعليم
صالح السلمي:
بقاء الدولة في الشركات يتعين أن يقتصر على الظروف الاستثنائية
تحمل الهيئة العامة للاستثمار عبئاً ثقيلاً في متابعة مساهماتها في 102 شركة كويتية مساهمة، بدءاً من تعيين أعضاء في مجالس إداراتها، ووصولاً إلى متابعة أدائها التشغيلي والمالي في مكانٍ آخر، يحمل القطاع الخاص عبء الحضور الحكومي الثقيل في هذه الشركات. الحل السهل الممتنع: لماذا لا تبيع الدولة بعض أو كل مساهماتها؟
ففي ظل حقيقة أن الكويت تعدّ أصعب بيئة استثمارية للقطاع الخاص في الخليج، نظراً لهيمنة الدولة على الأراضي ومحدودية الموارد المتاحة للاستثمار، تصبح مساهمة الدولة في أكثر من 100 شركة عامل هيمنة إضافي لا مثيل له في الدول الأكثر تبنياً للاشتراكية!
وفي حين ترفع الحكومة شعار تشجيع القطاع الخاص، فإن شلل برامج الخصخصة يطرح علامات استفهام كثيرة.
ويقول العضو المنتدب الأسبق للهيئة العامة للاستثمار، رئيس لجنة التحول الكلي في سوق البورصة علي رشيد البدر ان على الدولة ان تسرع عملية الخصخصة، لما لذلك التوجه من قيمة مضافة في تحريك الاقتصاد، الا انه ينبّه إلى أن «أي تحرك للدولة نحو انجاز تخارجات من دون أن يقابله طلب حقيقي من المستثمرين قد يكون مزعجا للسوق».
وأضاف البدر أن «العنوان العريض لسياسة هيئة الاستثمار الاستثمارية ان كل استثمارتها متاحة للبيع متى وجدت العرض المناسب لشراء اصولها يمكن التفاهم على بيعها، ومن ثم تكون الهيئة حفزت المستثمرين على شراء اي من حصصها من خلال ابدائها النية المسبقة».
أما المطالبات بأن تتخذ الدولة مبادرات لعرض حصصها للمستثمرين، فيرى البدر أن «من شأن ذلك ان يحمل مؤشرات غير ايجابية للسوق، خصوصا في ظل تراجع مستويات السيولة الجاهزة للاستثمار وضعف السوق عموما». ويشير إلى أن «مساهمة (الهيئة) في بعض الاستثمارات جاءت بسبب ضعف السوق وعدم مناسبته من حيث السيولة ولذلك لا ينبغي ان يكون تخارجها خلال المعطيات نفسها التي دفعتها للاستثمار».
ولفت البدر إلى ان «التخارج الحكومي الامثل يكون عندما يوجد الطلب، وعندما يكون المستثمرون مرتاحين نفسيا، اما اتخاذ اي خطوة إضافية فقد يقلق السوق والمستثمرين، ويزيد المخاوف من توجه الحكومة نحو الخصخصة».
تغذية التنافسية
إلا أن وكيل وزارة المالية خليفة حمادة يعتقد أن عرض المساهمات الحكومية للخصخصة لا يحمل رسائل مزعجة بقدر ما يحمله من فرص استثمارية جيدة للقطاع الخاص، خصوصا ان غالبية المساهمات الحكومية، ان لم يكن جميعها، عبارة عن اصول مليئة، ومن ثم فان خصخصتها يغذي التنافسية في السوق ويحرك الاقتصاد بمحفزات فنية، وأضاف: «لا أقول إنه آن الآوان لتحريك الخصخصة بل ارى اننا متأخرون».
وقال حمادة : «لا اتفق مع مسألة عدم ارتياح السوق في حال عرضت هيئة الاستثمار ملكيات معينة للبيع من دون تلقيها عرضا، ففي النهاية لدى المستثمر القدرة على تقييم الاستثمار المطروح للبيع، وما دامت تحمل فرصة جيدة فلن يكون هناك داع للقلق».
والأهم من وجهة نظر وكيل المالية لتبديد اي مخاوف متوقعة لدى المستثمرين «أن تنظر الدولة إلى مسألة الخصخصة بنظرة شاملة، فاطلاق عجلة الخصخصة يتعين ان يتزامن مع تحرك الدولة لتحسين بيئة الاعمال، سواء لجهة الاعمال الجيدة مثل سهولة التراخيص وتقليص الدورة المستندية وغيرها من الممارسات المستحقة منذ فترة طويلة، ووقتها لن تعطي الدولة اي رسائل سلبية بخصوص خصخصة استثماراتها».
وكشف حمادة ان إجمالي المساهمات المحلية في الناتج المحلي تبلغ نحو 19 مليار دينار، ما يعكس اتساع هيمنة القطاع العام على مختلف الانشطة الاقتصادية، حيث اصبح القطاع العام المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي من خلال الانفاق الجاري والاستثماري الذي بلغت نسبته نحو 37.6 في المئة من الناتج المحلي الاسمي للسنة 2012 /2013، منوها إلى ان هذه الأرقام تعكس محدودية وتواضع دور القطاع الخاص على نحو ملحوظ.
وشدد حمادة على ان منظور هيمنة القطاع العام على اقتصاد البلد بالمعدل الحالي وضع غير صحي، ومن الاهمية بمكان ان يلعب القطاع الخاص دورا رئيسيا في الاقتصاد، ومن ثم يتعين توجه الدولة السريع ليس إلى خصخصة الشركات فحسب بل لخصخصة الخدمات ايضا، مبينا ان تقليص حجم المساهمات الحكومية صاحب النمو المضطرد في الميزانية سيسهم في تخفيف حدة الضغوطات التي تتعرض لها الموازنة العامة.
وأضاف حمادة ان إقبال العمالة الوطنية على العمل بالقطاع الحكومي تزايد حتى بات يشكل نحو 78.2 في المئة إجمالي القوى العاملة الكويتية تعمل في هذا القطاع لما يوفره من مرتبات ومزايا مجزية، موضحا ان هذه الحالة إدت إلى تضخم حجم الجهاز التنفيذي للحكومة، وانعكس سلبا على كفاءة الاداء والانتاجية المترتبة على البطالة المقنعة وما يصاحبها من مظاهر التسيب.
الملكية العامة
من جهته، قال الامين العام للمجلس الاعلى للتخطيط الدكتور عادل الوقيان ان الكويت تواجه مشكلة لجهة تجذر الملكية العامة مقابل الملكية الخاصة، وان ذلك اثر بشكل ملحوظ على قدرة القطاع الخاص المنخفضة في توليد الناتج المحلي، لافتا إلى ان الحكومة، (عبر مختلف أجهزتها ومؤسساتها) تساهم في 62 شركة مدرجة.
وعزا الأمين العام للتخطيط السبب وراء ذلك إلى سيطرة الانفاق الحكومي، وتقديم الدولة خدمات بشكل موسع فيما تنافس باسعارها المدعومة اي فرصة للقطاع الخاص، إلى الحدود التي تضخمت معها الادارة الحكومية وقلت كفاءتها وقدرتها على إدارة مواردها.
ولفت الوقيان إلى انه بالنسبة لجدول الخصخصة المطلوب، فانه يتعين على الحكومة ان تبدأ بالقطاعات التي تستهلك حجم دعم كبير بحيث تكون في مقدمة اللائحة الخصخصة، على ان يشمل ذلك 3 مراحل، الأولى لتخصيص محطات الانتاج والثانية لتخصيص التوزيع، والثالثة تتعلق بادارة شؤون المستهلكين «الامور المالية والادارية-التحصيل والصيانة»، مضيفا ان ترتيب القطاعات التي تحتاج إلى خصخصة يتعين ان تنطلق بالترتيب من الكهرباء ومن ثم الاسكان ومن ثم تنتقل إلى قطاعي الصحة والتعليم، وبقية القطاعات في مراحل لاحقة.
واضاف الوقيان ان القطاع الخاص يجتهد من اجل تحقيق اعلى كفاءة تشغيل وانتاج حتى يستطيع تحقيق هوامش ربحية، كما ان في ظل المنافسة يستطيع المستهلك ان ينتقي من اختيارات عديدة.
وحول الآلية الامثل لتنفيذ خصخصة الدولة لاستثماراتها، قال الوقيان انه «بالنسبة للشركات القائمة فان الآلية الافضل تكون من خلال تقييم الاصول المتاحة للبيع وبعدها يتم احتساب قيم الاستثمارات الاضافية المطلوبة لتحديد القيم العادلة لانجاز الطرح عبر المزاد العلني، معربا عن اعتقاده بان على الحكومة الا تتخارج من الاستثمارات الناجحة، خصوصا اذا كانت الجهة الحكومية غير مؤثرة في صناعة قرارات إدارة الاستثمار».
ويرى الوقيان ان خصخصة المساهمات الحكومية يتعين ان تتضمن اقرار حصة للجهات المعنية بالقطاع او الخدمة، بمعنى انه لو تمت خصخصة الخطوط الكويتية على سبيل المثال فانه يتعين ان تتملك هيئة الطيران المدني حصة السهم الذهبي لضمان عدم تصفية الشركة.
اما بالنسبة للشركات الجديدة، فيجب التفريق بين نوعين، الأول بالنسبة للشركات منخفضة الربحية فعلى الدولة ان تخصص حصصاً للمواطنين على ان تدفع مساهمتهم نيابة عنهم، اما الشركات عالية الربحية فالدولة تتحمل جزءاً من الكلفة، وفي النهاية يتم تحديد حصة المواطنين حسب حجم رأسمال كل شركة ونشاطها.
دور الخاص
من ناحيته، قال رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في شركة الاستشارات المالية الدولية «ايفا» صالح السلمي ان استمرار تملك الجهات الحكومية في الشركات على النحو الحالي فإنه يعاكس توجهات الدولة في الخصخصة، التي تستهدف ابراز دور القطاع الخاص وترك قيادة هذه الاستثمارات بآلياته الخاصة التي تتفق مع آليات السوق.
وأضاف السلمي ان هناك قانونا للخصخصة، لكن على ارض الواقع هناك تباطؤ في تنفيذ عمليات الخصخصة المستحقة بسبب بيروقراطية العمل، لافتا إلى انه يتعين ان تكون مساهمة الدولة في الشركات في حالة الطوارئ مثلما حدث في أزمة بنك الخليج حيث تدخلت الهيئة العامة للاستثمار عندما اقتضت الحاجة لانقاذ البنك من ازمته، ما مثل جراءة مطلوبة من الدولة وهو الدور نفسه الذي ادته الولايات المتحدة في أزمة شركاتها الرئيسية مثال جنرال موتورز وسيتي بنك، لكن استمرار مساهمة الدولة في الشركات بالاوقات الاعتيادية لا يستقيم مع توجهات الدولة والمأمول منها في ان يكون تدخلها عند الطوارئ.
واشار السلمي إلى ان «طرح المساهمات الحكومية للخصخصة يجب ان يرتبط بتوقيت مناسب وجودة اصول الشركة، والتجربة الناجحة على سبيل المثال في شركتي المخازن العمومية وايفا، التي تخارجت الحكومة منهما وتركتهما بالكامل لادارة القطاع الخاص، مضيفا ان اداء الشركتين يعكس نجاح التجربة وفوائدها للقطاع الخاص».
وأكد السلمي على «أهمية تسريع الدولة في تنفيذ متطلبات الخصخصة الصحية، وليس اقلها تحسين مزاج المستثمرين بتنمية بيئة الاستثمار المحلي، وبتطويرها إلى الحدود التي تلعب فيها الدولة صانع سوق للقطاع الخاص عبر طرحها الفرص الاستثمارية الجيدة المدعومة بالبيئة الاستثمارية الجيدة لجهة سهولة الأعمال وغيرها من المحفزات الرئيسية الضرورية».
لا بد من خصخصة الهاتف الثابت
دلل حمادة على أهمية الخصخصة بقطاع الاتصالات «الذي يتضمن 3 شركات، تتنافس جميعها والمستفيد المستهلك في الوقت الذي تحقق فيه الشركات الثلاثة ربحية على نشاطها»، مشيرا إلى ان «خدمة الهاتف الثابت يتعين ان تنتقل إلى القطاع الخاص وتتبع الدولة فقط لجهة التنظيم».
وقال حمادة ان «هيمنة الدولة على قطاعات الخدمات وما تقدمه من مزايا حصرية عطل من فوائد هذه المساهمات التي تفتقد في استثمارها كما ينبغي إلى التنافسية التي يمكن ان يحققها القطاع الخاص لو تولى إدارة هذه الخدمات»، وأضاف «ان القطاع العام متحكم في عملية الصرف وهذا يؤثر على تطوير الخدمة، بعكس إدارة القطاع الخاص التي تهتم بالكلفة والاداء في الوقت نفسه».
ففي ظل حقيقة أن الكويت تعدّ أصعب بيئة استثمارية للقطاع الخاص في الخليج، نظراً لهيمنة الدولة على الأراضي ومحدودية الموارد المتاحة للاستثمار، تصبح مساهمة الدولة في أكثر من 100 شركة عامل هيمنة إضافي لا مثيل له في الدول الأكثر تبنياً للاشتراكية!
وفي حين ترفع الحكومة شعار تشجيع القطاع الخاص، فإن شلل برامج الخصخصة يطرح علامات استفهام كثيرة.
ويقول العضو المنتدب الأسبق للهيئة العامة للاستثمار، رئيس لجنة التحول الكلي في سوق البورصة علي رشيد البدر ان على الدولة ان تسرع عملية الخصخصة، لما لذلك التوجه من قيمة مضافة في تحريك الاقتصاد، الا انه ينبّه إلى أن «أي تحرك للدولة نحو انجاز تخارجات من دون أن يقابله طلب حقيقي من المستثمرين قد يكون مزعجا للسوق».
وأضاف البدر أن «العنوان العريض لسياسة هيئة الاستثمار الاستثمارية ان كل استثمارتها متاحة للبيع متى وجدت العرض المناسب لشراء اصولها يمكن التفاهم على بيعها، ومن ثم تكون الهيئة حفزت المستثمرين على شراء اي من حصصها من خلال ابدائها النية المسبقة».
أما المطالبات بأن تتخذ الدولة مبادرات لعرض حصصها للمستثمرين، فيرى البدر أن «من شأن ذلك ان يحمل مؤشرات غير ايجابية للسوق، خصوصا في ظل تراجع مستويات السيولة الجاهزة للاستثمار وضعف السوق عموما». ويشير إلى أن «مساهمة (الهيئة) في بعض الاستثمارات جاءت بسبب ضعف السوق وعدم مناسبته من حيث السيولة ولذلك لا ينبغي ان يكون تخارجها خلال المعطيات نفسها التي دفعتها للاستثمار».
ولفت البدر إلى ان «التخارج الحكومي الامثل يكون عندما يوجد الطلب، وعندما يكون المستثمرون مرتاحين نفسيا، اما اتخاذ اي خطوة إضافية فقد يقلق السوق والمستثمرين، ويزيد المخاوف من توجه الحكومة نحو الخصخصة».
تغذية التنافسية
إلا أن وكيل وزارة المالية خليفة حمادة يعتقد أن عرض المساهمات الحكومية للخصخصة لا يحمل رسائل مزعجة بقدر ما يحمله من فرص استثمارية جيدة للقطاع الخاص، خصوصا ان غالبية المساهمات الحكومية، ان لم يكن جميعها، عبارة عن اصول مليئة، ومن ثم فان خصخصتها يغذي التنافسية في السوق ويحرك الاقتصاد بمحفزات فنية، وأضاف: «لا أقول إنه آن الآوان لتحريك الخصخصة بل ارى اننا متأخرون».
وقال حمادة : «لا اتفق مع مسألة عدم ارتياح السوق في حال عرضت هيئة الاستثمار ملكيات معينة للبيع من دون تلقيها عرضا، ففي النهاية لدى المستثمر القدرة على تقييم الاستثمار المطروح للبيع، وما دامت تحمل فرصة جيدة فلن يكون هناك داع للقلق».
والأهم من وجهة نظر وكيل المالية لتبديد اي مخاوف متوقعة لدى المستثمرين «أن تنظر الدولة إلى مسألة الخصخصة بنظرة شاملة، فاطلاق عجلة الخصخصة يتعين ان يتزامن مع تحرك الدولة لتحسين بيئة الاعمال، سواء لجهة الاعمال الجيدة مثل سهولة التراخيص وتقليص الدورة المستندية وغيرها من الممارسات المستحقة منذ فترة طويلة، ووقتها لن تعطي الدولة اي رسائل سلبية بخصوص خصخصة استثماراتها».
وكشف حمادة ان إجمالي المساهمات المحلية في الناتج المحلي تبلغ نحو 19 مليار دينار، ما يعكس اتساع هيمنة القطاع العام على مختلف الانشطة الاقتصادية، حيث اصبح القطاع العام المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي من خلال الانفاق الجاري والاستثماري الذي بلغت نسبته نحو 37.6 في المئة من الناتج المحلي الاسمي للسنة 2012 /2013، منوها إلى ان هذه الأرقام تعكس محدودية وتواضع دور القطاع الخاص على نحو ملحوظ.
وشدد حمادة على ان منظور هيمنة القطاع العام على اقتصاد البلد بالمعدل الحالي وضع غير صحي، ومن الاهمية بمكان ان يلعب القطاع الخاص دورا رئيسيا في الاقتصاد، ومن ثم يتعين توجه الدولة السريع ليس إلى خصخصة الشركات فحسب بل لخصخصة الخدمات ايضا، مبينا ان تقليص حجم المساهمات الحكومية صاحب النمو المضطرد في الميزانية سيسهم في تخفيف حدة الضغوطات التي تتعرض لها الموازنة العامة.
وأضاف حمادة ان إقبال العمالة الوطنية على العمل بالقطاع الحكومي تزايد حتى بات يشكل نحو 78.2 في المئة إجمالي القوى العاملة الكويتية تعمل في هذا القطاع لما يوفره من مرتبات ومزايا مجزية، موضحا ان هذه الحالة إدت إلى تضخم حجم الجهاز التنفيذي للحكومة، وانعكس سلبا على كفاءة الاداء والانتاجية المترتبة على البطالة المقنعة وما يصاحبها من مظاهر التسيب.
الملكية العامة
من جهته، قال الامين العام للمجلس الاعلى للتخطيط الدكتور عادل الوقيان ان الكويت تواجه مشكلة لجهة تجذر الملكية العامة مقابل الملكية الخاصة، وان ذلك اثر بشكل ملحوظ على قدرة القطاع الخاص المنخفضة في توليد الناتج المحلي، لافتا إلى ان الحكومة، (عبر مختلف أجهزتها ومؤسساتها) تساهم في 62 شركة مدرجة.
وعزا الأمين العام للتخطيط السبب وراء ذلك إلى سيطرة الانفاق الحكومي، وتقديم الدولة خدمات بشكل موسع فيما تنافس باسعارها المدعومة اي فرصة للقطاع الخاص، إلى الحدود التي تضخمت معها الادارة الحكومية وقلت كفاءتها وقدرتها على إدارة مواردها.
ولفت الوقيان إلى انه بالنسبة لجدول الخصخصة المطلوب، فانه يتعين على الحكومة ان تبدأ بالقطاعات التي تستهلك حجم دعم كبير بحيث تكون في مقدمة اللائحة الخصخصة، على ان يشمل ذلك 3 مراحل، الأولى لتخصيص محطات الانتاج والثانية لتخصيص التوزيع، والثالثة تتعلق بادارة شؤون المستهلكين «الامور المالية والادارية-التحصيل والصيانة»، مضيفا ان ترتيب القطاعات التي تحتاج إلى خصخصة يتعين ان تنطلق بالترتيب من الكهرباء ومن ثم الاسكان ومن ثم تنتقل إلى قطاعي الصحة والتعليم، وبقية القطاعات في مراحل لاحقة.
واضاف الوقيان ان القطاع الخاص يجتهد من اجل تحقيق اعلى كفاءة تشغيل وانتاج حتى يستطيع تحقيق هوامش ربحية، كما ان في ظل المنافسة يستطيع المستهلك ان ينتقي من اختيارات عديدة.
وحول الآلية الامثل لتنفيذ خصخصة الدولة لاستثماراتها، قال الوقيان انه «بالنسبة للشركات القائمة فان الآلية الافضل تكون من خلال تقييم الاصول المتاحة للبيع وبعدها يتم احتساب قيم الاستثمارات الاضافية المطلوبة لتحديد القيم العادلة لانجاز الطرح عبر المزاد العلني، معربا عن اعتقاده بان على الحكومة الا تتخارج من الاستثمارات الناجحة، خصوصا اذا كانت الجهة الحكومية غير مؤثرة في صناعة قرارات إدارة الاستثمار».
ويرى الوقيان ان خصخصة المساهمات الحكومية يتعين ان تتضمن اقرار حصة للجهات المعنية بالقطاع او الخدمة، بمعنى انه لو تمت خصخصة الخطوط الكويتية على سبيل المثال فانه يتعين ان تتملك هيئة الطيران المدني حصة السهم الذهبي لضمان عدم تصفية الشركة.
اما بالنسبة للشركات الجديدة، فيجب التفريق بين نوعين، الأول بالنسبة للشركات منخفضة الربحية فعلى الدولة ان تخصص حصصاً للمواطنين على ان تدفع مساهمتهم نيابة عنهم، اما الشركات عالية الربحية فالدولة تتحمل جزءاً من الكلفة، وفي النهاية يتم تحديد حصة المواطنين حسب حجم رأسمال كل شركة ونشاطها.
دور الخاص
من ناحيته، قال رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في شركة الاستشارات المالية الدولية «ايفا» صالح السلمي ان استمرار تملك الجهات الحكومية في الشركات على النحو الحالي فإنه يعاكس توجهات الدولة في الخصخصة، التي تستهدف ابراز دور القطاع الخاص وترك قيادة هذه الاستثمارات بآلياته الخاصة التي تتفق مع آليات السوق.
وأضاف السلمي ان هناك قانونا للخصخصة، لكن على ارض الواقع هناك تباطؤ في تنفيذ عمليات الخصخصة المستحقة بسبب بيروقراطية العمل، لافتا إلى انه يتعين ان تكون مساهمة الدولة في الشركات في حالة الطوارئ مثلما حدث في أزمة بنك الخليج حيث تدخلت الهيئة العامة للاستثمار عندما اقتضت الحاجة لانقاذ البنك من ازمته، ما مثل جراءة مطلوبة من الدولة وهو الدور نفسه الذي ادته الولايات المتحدة في أزمة شركاتها الرئيسية مثال جنرال موتورز وسيتي بنك، لكن استمرار مساهمة الدولة في الشركات بالاوقات الاعتيادية لا يستقيم مع توجهات الدولة والمأمول منها في ان يكون تدخلها عند الطوارئ.
واشار السلمي إلى ان «طرح المساهمات الحكومية للخصخصة يجب ان يرتبط بتوقيت مناسب وجودة اصول الشركة، والتجربة الناجحة على سبيل المثال في شركتي المخازن العمومية وايفا، التي تخارجت الحكومة منهما وتركتهما بالكامل لادارة القطاع الخاص، مضيفا ان اداء الشركتين يعكس نجاح التجربة وفوائدها للقطاع الخاص».
وأكد السلمي على «أهمية تسريع الدولة في تنفيذ متطلبات الخصخصة الصحية، وليس اقلها تحسين مزاج المستثمرين بتنمية بيئة الاستثمار المحلي، وبتطويرها إلى الحدود التي تلعب فيها الدولة صانع سوق للقطاع الخاص عبر طرحها الفرص الاستثمارية الجيدة المدعومة بالبيئة الاستثمارية الجيدة لجهة سهولة الأعمال وغيرها من المحفزات الرئيسية الضرورية».
لا بد من خصخصة الهاتف الثابت
دلل حمادة على أهمية الخصخصة بقطاع الاتصالات «الذي يتضمن 3 شركات، تتنافس جميعها والمستفيد المستهلك في الوقت الذي تحقق فيه الشركات الثلاثة ربحية على نشاطها»، مشيرا إلى ان «خدمة الهاتف الثابت يتعين ان تنتقل إلى القطاع الخاص وتتبع الدولة فقط لجهة التنظيم».
وقال حمادة ان «هيمنة الدولة على قطاعات الخدمات وما تقدمه من مزايا حصرية عطل من فوائد هذه المساهمات التي تفتقد في استثمارها كما ينبغي إلى التنافسية التي يمكن ان يحققها القطاع الخاص لو تولى إدارة هذه الخدمات»، وأضاف «ان القطاع العام متحكم في عملية الصرف وهذا يؤثر على تطوير الخدمة، بعكس إدارة القطاع الخاص التي تهتم بالكلفة والاداء في الوقت نفسه».