عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي

الخائن المحترم

تصغير
تكبير
شاهدت فيلما وثائقيا عن حياة القائد المغولي الشهير «جنكيز خان»، وكان من غريب ما عرض فيه أنه جيء لجنكيز خان بأحد قادة السرايا وقد أسره بعض الجنود بسبب خيانته وتعاونه مع العدو، فما كان من جنكيز خان إلا أن أمر بإطلاق القائد وقتل الجنود لأنهم لم يكونوا مخلصين لقائدهم!

هذا الموقف الغريب في معاقبة المخلصين وإكرام الخائنين يتكرر للأسف في عالمنا العربي كثيرا.


رأينا مثلا كيف يتهم أبطال المقاومة - حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية في فلسطين - بأنهم إرهابيون ومخربون وهم الذين يقفون سدا منيعا في حماية المسجد الأقصى ويسعون لتحرير الأرض من أيدي اليهود الغاصبين، في الوقت الذي يُكرَّم فيه من يتعامل مع العدو من قبل بعض الدول العربية.

تابعنا خبر تسليم حكومة الانقلابيين في مصر لوثائق تاريخية إلى الحكومة البريطانية تثبت مشاركة الإخوان المسلمين في عمليات فدائية قتالية ضد القوات البريطانية فترة احتلالها لمصر، ويأتي تسليم هذه الوثائق بعد قرار الحكومة البريطانية بمراجعة أنشطة الجماعة في بريطانيا.

ثم نجد بعد ذلك من يصف هؤلاء الانقلابيين بأنهم وطنيون ومخلصون، ويسعى إلى تلميعهم ومدحهم، ويقوم بدعمهم ماديا ومعنويا.

في تركيا قام بعض الخونة بتسريب اجتماع سري تم بين وزير الخارجية التركي وبعض قيادات الجيش حول الأوضاع في سورية، ما يعتبر خيانة عظمى، وأيضا وجدنا من يهاجم أردوغان لأنه وصف هؤلاء بالعملاء والخونة، وكأن المطلوب من الحكومة التركية تكريم هؤلاء أو تمجيدهم.

في الكويت قام بعض العملاء بتفجير موكب الأمير الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد رحمه الله، ومع ذلك وجدنا من يصف تلك الأعمال بأنها تمت من منطلقات وطنية!!! وغير ناقص إلا أن يطالب بأن نجعل لأولئك الخونة نصبا تذكارية!!

لماذا في وطننا العربي يعاقب المخلص والصادق والحريص على مصلحة البلد بأن يعتقل ويسجن، وقد تُسحب جنسيته، بينما من ينهب ثروات البلد لمصالحه الخاصة هو الذي يعزز ويكرم، فهل نحن نعيش بالفعل تلك السنوات الخدّاعات التي أخبر عنها النبي عليه الصلاة والسلام والتي يُصدّق فيها الكاذب ويُكذّب فيها الصادق ويُؤمّن فيها الخائن ويُخوّن فيها الأمين؟

twitter : @abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي