منى فهد عبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي

صنّف همومك...!

تصغير
تكبير
كثير منا ينزعج ويشعر بعدم استقرار ويصاحبه شيء من الخوف، ويحس بالضيق والحرج، ويكون مضطرب البال، إن واجهته مشكلة أسرية أو اجتماعية أو صحية أو تربوية أو...أو...، أو تثاقلت عليه الهموم، أو اعترضه أي عارض من عوارض الحياة، وهذا ما نسميه بالقلق وهو إما أن يكون قلقا عقليا أو قلقا نفسيا.

إن قلق العقل هو ذلك التشجع والتحفز الذهني الذي يولد عند صاحبه الشعور بالمسؤولية، لذا نرى صاحب العقل القلق يصعب عليه الاندماج والانخراط في الواقع والاستسلام للظروف والأوضاع، دائم التفكير في كيفية تعديل وتصحيح وتغيير الواقع للقيام بواجباته وأداء مهامه بإبداع، ويخشى أن يقع في الخطأ والزلل والذنوب، ويفكر في شؤون وأحوال مجتمعه وأمته، يقول علماء النفس.. إن صاحب العقل القلق يرى ما لا يراه الناس ويطمح إلى ما لا يطمحون إليه، لذلك فإنه يشعر بنوع من المعاناة، لا يشعر به الإنسان العادي.


إن هموم الكبار كبيرة وعملاقة، وهموم الصغار صغيرة وضئيلة، الكبار نعرفهم من همومهم، فكل همّ يهتمّون به يولّد لديهم الهمة العالية، والرغبة النهمة، في التخطيط والعمل والانجاز للارتقاء إلى أوج السحاب، وشغلهم الشاغل كيف يؤدون مهامهم بإخلاص؟! وكيف يدنيهم هذا العمل من أسمى غاياتهم وهو رضوان الله سبحانه وتعالى عنهم، والفوز بجنانه؟.

إن قلق النفس هو نوع من التوتر وعدم الاستقرار والثبات الناتج من الخوف من شيء غامض ومبهم موجود، أو شيء في المستقبل غير موجود، القلق مهم في حياة الإنسان ومطلوب لتوازن الشخصية، ولكنه إن زاد عن حده سيصبح مشكلة تحتاج إلى علاج، لأنه سيمنع صاحبه من النوم، أو يُضعف إنتاجيته أو يدفعه إلى العزلة. أحياناً يكون الاستبهام والغموض هو مصدر القلق، وحين نقف على حقيقة ما يُقلقنا يزول القلق، والحياة فرصة عظيمة للرقي، فلا نستهين بها ونرضى بالعيش على هامشها، ولا بد أن نكون على علم ودراية كيف نتعامل معها حتى لا نخطئ فنتنفس أكدارها وشوائبها ومزعجاتها بدلا من صفائها ومهدئاتها.

غيّر نظرتك وفكرتك وانظر للأشياء من حولك بالنظرة الإيجابية التي تجعل عقلك لا يستريح ويستسلم لكل أمر يمر به أو يرضى بواقعه من دون أن يطوره نحو الأفضل، وأبذل جهودا إصلاحية وخيرية واضحة ومؤثرة في مجتمعك وأمتك، واتركها بصمة لمن خلفك، والأهم أن تفهم نفسك وتاريخك وواقعك والعالم من حولك، لأن التصورات والأفكار والمفاهيم العظيمة هي من تجعل عقلك لا يستريح وتجعل همومك هموم الكبار العمالقة الذين لا يقبلون العيش على أطراف الحياة متفرجين على سيناريواتها من دون صياغة وكتابة ذلك السيناريو بعقول ونفوس زكية لا ترضى بالدونية.


[email protected]
twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي