عندما تولى وزير الأوقاف السابق شريدة المعوشرجي مقاليد الوزارة كتبنا مقالا تمنينا فيه من الوزير أن يدير الوزارة بروح العدل والإنصاف لا بروح الحزبية والفئوية، وعدم اتباع مبدأ الاستئصال لمخالفيه والذي دعاه له أحد المقربين من الكتاب ممن يحملون نفس توجه الوزير، والذي حرض صراحة على تطهير الأوقاف من الإخوان المسلمين.
وكنت أظن أن الوزير المعوشرجي لن يستجيب لهذا التحريض بناء على الثناء عليه من بعض من تعاملوا معه والذين عرفوا فيه دماثة الأخلاق وحسن المعشر، إلا أن واقع الحال أثبت أننا إنما كنا نتطلع لسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
فقد تمت إزاحة بعض القيادات ممن لا ينتمون لنفس توجه الوزير في بيت الزكاة وإدارة الدراسات والهيئة العامة للعناية بطباعة ونشر القرآن والسنة النبوية وبعض إدارات المساجد في المحافظات ليحل محلهم مديرون ووكلاء مساعدون من المنتمين للتجمع السلفي أو المقربين له، ومن كثرة هذه التعيينات كدنا نسميها وزارة الأوقاف فرع إحياء التراث الإسلامي.
ومع كل احترامي وتقديري للإخوة المنتمين لجمعية إحياء التراث، والذي لا ينكر دورهم في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا جاحد، إلا أنني عنيت بأن أكثر التعيينات كانت لمن يحملون فكر غلاة الطاعة والفكر الجامي.
يأتي الوزير الجديد الدكتور نايف العجمي لوزارة مثقلة بالتحديات مثقلة بالفساد الإداري والمالي، وزارة عانت من الحزبية، وعانت من التنفيع عبر الدورات والمؤتمرات والمهمات الخارجية، وتحولت إلى هرم مقلوب، فبدلا من أن تكون وزارة لتوجيه الناس إلى القيم والأخلاق أصبحت وزارة ينخر فيها الفساد من الداخل، فأصبحت بالفعل كالهرم المقلوب.
أتطلع كإمام وخطيب متطوع في الوزارة إلى أن نرى نهجا جديدا من وزير غير منتمٍ لجماعة أو حزب معين، يجعله أكثر تحررا في اتخاذ قراراته دون ضغوط من هنا أو هناك.
وزير يعيد للوزارة حياتها ويصلح قلبها من الداخل قبل تجميل مظهرها من الخارج، وزير يعيد كل قيادي تمت إزاحته من منصبه بغير وجه حق، ويُعامل الجميع وفق مسطرة واحدة، وهي الكفاءة لا الانتماء، والعطاء لا الولاء.
وزير يحرص على التنوع الفكري في المؤتمرات والملتقيات لا أن تصطبغ بلون فكري واحد، وأن تكون مواكبة لواقعنا المحلي ومستجدات الساحة العربية والعالمية، وزير يفتح صفحة جديدة مع الأئمة والخطباء على أنهم شركاء في بناء هذا الوطن وتوجيه أبنائه لما فيه صلاح العباد والبلاد، لا على أنهم موظفون كسائر الوظائف الإدارية.
وزير يعمل على إعادة من تم إيقافه من خيرة الدعاة إلى الله ولا نزكي على الله أحدا، كالدكتور شافي العجمي والشيخ حجاج العجمي، والشيخ وليد الطراد وأعتذر ممن لم يحضرني اسمهم، والذين كان لهم دور كبير في توجيه الناس وتوعيتهم، وتبني قضايا الأمة العربية والإسلامية.
وزير يتعامل مع نقابة الخطباء والأئمة والمؤذنين الكويتيين كشريك في النهوض في مستوى منتسبيها، والسعي لتقديم الخدمات والامتيازات التي تليق بمكانتهم ومنزلتهم، لا على أنها خصم وند.
لقد نما إلى علمنا عن محاولات حثيثية قام بها أحد الوزراء السابقين للحيلولة دون تولي الدكتور نايف العجمي مقاليد الوزارة خوفا من فقدان بعض المكتسبات التي تحققت لتيار ذلك الوزير السابق في وزارة الأوقاف، ولكن ولله الحمد أن باءت محاولته بالفشل، وعاد صفر اليدين.
ونحن وإن كنا ضد أي تشكيل وزاري يتم دون مشاركة أو رقابة شعبية حقيقية، إلا أننا نعتبر تولي الدكتور نايف مقاليد وزارة الأوقاف هو مكسب حقيقي لهذه الوزارة، وأسأل الله تعالى أن يكتب الخير على يديه، وأن يعينه على إعادة الوزارة إلى مسارها الصحيح.
twitter :@abdulaziz2002