عرض وطلب / مدخوله الشهري يفوق خريجاً جامعياً أو مدرساً حكومياً
كيف تصبح ... بوّاباً؟
البوّاب ينافس الخريجين
• أعمال البوّاب تبدأ بالتنظيف ولا تنتهي بالسمسرة والتاكسي وقوارير الغاز وبطاقات الهاتف وغيرها
طارق طالب متخرّج من جامعة خاصّة، أنفق أهله على تعليمه أكثر من 15 ألف دينار، حصل أخيراً على وظيفة براتب 500 دينار، أي أقل بمئة دينار من متوسط المدخول الشهري لبوّاب العمارة التي يسكن فيها.
كان السؤال الأكثر شهرة عالمياً كيف تصبح مليونيراً؟ بيد أن هذا السؤال تحول في الكويت إلى كيف تصبح بوّاباً؟
عثمان بوّاب في إحدى عمارات السالمية، احترف فنون الحراسة والتجارة و«اًالسمسارة» في آن معاً حتى بات الحاكم المطلق في البناية، فالرجل لم يعد ذاك الموظف المسكين الذي يعيش على راتب آخر الشهر (200) دينار، ولم يعد ذاك البسيط الذي ينتظر ما تجود به نفوس الكرام من أكل وملبس وكساء، بل بات «تجارة» متنقلة بحد ذاتها.
أتى عثمان إلى الكويت قبل بضع سنوات قادماً من إحدى الدول العربية، بحث عن عمل إلى أن انتهى به المطاف في هذه العمارة. ومع مرور السنين، صار يعرف كل صغيرة وكبيرة، وتحول شيئاً فشيئاً من مجرد حارس إلى «مدير عام» يخضع جميع سكان العمارة للأنظمة والقوانين التي يسنها دون أدنى اعتراض.
رويداً رويداً، تطورت الأمور حتى أضحى «حارسنا» يتقاضي راتباً هو عبارة عن 200 دينار فقط، تتبعه مخصصات وإيرادات شهرية ملزمة وغير قابلة للنقاش أو التفاوض تتمثل في فرض رسم أو ضريبة (سمها ما شئت) على كل شقة بواقع 10 دنانير، مبرراً ما يتلقاه بأنه يندرج تارة مقابل مسح زجاج السيارات ورمي النفايات وغيرها من الأعمال التي من المفترض أنها تدخل في صلب مهامه.
يتبيّن لاحقاً أن دخل الحارس صار أكبر من أن يقوم بنفسه بأعمال جمع النفايات وغسل السيارات، ولذلك صار «يلزّمها» بالباطن إلى عامل آسيوي مقابل 50 ديناراً في الشهر، فقط لا غير.
لكن عائدات أبي رامي (العم عثمان) وأقرانه لم تعد تقتصر على هذه المبالغ «الزهيدة» فحسب، بل امتدت إلى أبعد من ذلك.
سمسار
أبو رامي يتنقل بين التنظيف والتجارة و«السمسارة» التي تبدأ بفرض «الحلوان» على المستأجر الجديد (تبلغ في بعض الأحيان 150 ديناراً) وإلا يعرقل عملية التأجير برمتها، فالرجل يفاضل بين مستأجر وآخر والأمور تحسم في نهاية المطاف لصاحب الحلوان الأكبر، ناهيك عن ان الرجل يعمل دلّالاً بالتعاون مع زملائه في العمارات المجاورة.
من «الحلوان» ينتقل العم عثمان إلى فرضه «الخوّة» على كل خادمة (تعمل بشكل يومياً وليس دائمة) تأتي إلى العمارة بناء على اتصال بينها وبين إحدى الشقق من أجل القيام بالأعمال المنزلية. فأبو رامي يردد مراراً وتكراراً على مسامع الفيليبينية والبنغالية «بابا انت يدخل أنا ياخد دينار». وبالفعل تستسلم لإملاءات الحارس.
التجارة
يحدث كثيراً وهذا أمر طبيعي أن المستأجر تفرغ لديها قارورة الغاز في لحظة حرجة (تكون خلالها الطبخة على النار كما يقال)، فعوضاً عن اللجوء إلى مركز الغاز، يلجأ إلى الحارس، والأمر هنا لا شك فيه منفعة للطرفين، فيستجيب أبو رامي على الفور ويبدل القارورة، وعندما يحين الحساب يطالب الرجل بدينارين ونصف الدينار، مع العلم أن التكلفة لا تتجاوز 750 فلساً.
من قال إن الحارس يبيع الغاز فقط، ففي جعبة الرجل بطاقة هاتفية مسبقة الدفع، من كل الأصناف والأحجام وتابعة لمختلف الشركات، معلقاً على ذلك بالقول «التجارة شطارة يا باشا... وكل بتمنو».
السائق
أبو رامي ينافس أيضاً وأيضاً سائقي التاكسي، إذ يعرض خدماته على كل ربات المنازل في العمارة «يا هانم إذا عايزة تروحي مشوار أو عايزة أجبلك حاجة أي حاجة... الرقبة سدّادة»، وفعلاً بدأ سوق أبي رامي يمشي في القيادة، وهو الذي يمتلك سيارة لا يتجاوز ثمنها 500 دينار.
هذه عينة بسيطة من الأعمال التي يقوم به «الحارس التاجر»، والتي تبين أن مدخول الرجل الشهري بات يزيد على 600 دينار، وقد يضاهي أو يزيد على راتب معلم وافد في إحدى المدارس الحكومية.
كان السؤال الأكثر شهرة عالمياً كيف تصبح مليونيراً؟ بيد أن هذا السؤال تحول في الكويت إلى كيف تصبح بوّاباً؟
عثمان بوّاب في إحدى عمارات السالمية، احترف فنون الحراسة والتجارة و«اًالسمسارة» في آن معاً حتى بات الحاكم المطلق في البناية، فالرجل لم يعد ذاك الموظف المسكين الذي يعيش على راتب آخر الشهر (200) دينار، ولم يعد ذاك البسيط الذي ينتظر ما تجود به نفوس الكرام من أكل وملبس وكساء، بل بات «تجارة» متنقلة بحد ذاتها.
أتى عثمان إلى الكويت قبل بضع سنوات قادماً من إحدى الدول العربية، بحث عن عمل إلى أن انتهى به المطاف في هذه العمارة. ومع مرور السنين، صار يعرف كل صغيرة وكبيرة، وتحول شيئاً فشيئاً من مجرد حارس إلى «مدير عام» يخضع جميع سكان العمارة للأنظمة والقوانين التي يسنها دون أدنى اعتراض.
رويداً رويداً، تطورت الأمور حتى أضحى «حارسنا» يتقاضي راتباً هو عبارة عن 200 دينار فقط، تتبعه مخصصات وإيرادات شهرية ملزمة وغير قابلة للنقاش أو التفاوض تتمثل في فرض رسم أو ضريبة (سمها ما شئت) على كل شقة بواقع 10 دنانير، مبرراً ما يتلقاه بأنه يندرج تارة مقابل مسح زجاج السيارات ورمي النفايات وغيرها من الأعمال التي من المفترض أنها تدخل في صلب مهامه.
يتبيّن لاحقاً أن دخل الحارس صار أكبر من أن يقوم بنفسه بأعمال جمع النفايات وغسل السيارات، ولذلك صار «يلزّمها» بالباطن إلى عامل آسيوي مقابل 50 ديناراً في الشهر، فقط لا غير.
لكن عائدات أبي رامي (العم عثمان) وأقرانه لم تعد تقتصر على هذه المبالغ «الزهيدة» فحسب، بل امتدت إلى أبعد من ذلك.
سمسار
أبو رامي يتنقل بين التنظيف والتجارة و«السمسارة» التي تبدأ بفرض «الحلوان» على المستأجر الجديد (تبلغ في بعض الأحيان 150 ديناراً) وإلا يعرقل عملية التأجير برمتها، فالرجل يفاضل بين مستأجر وآخر والأمور تحسم في نهاية المطاف لصاحب الحلوان الأكبر، ناهيك عن ان الرجل يعمل دلّالاً بالتعاون مع زملائه في العمارات المجاورة.
من «الحلوان» ينتقل العم عثمان إلى فرضه «الخوّة» على كل خادمة (تعمل بشكل يومياً وليس دائمة) تأتي إلى العمارة بناء على اتصال بينها وبين إحدى الشقق من أجل القيام بالأعمال المنزلية. فأبو رامي يردد مراراً وتكراراً على مسامع الفيليبينية والبنغالية «بابا انت يدخل أنا ياخد دينار». وبالفعل تستسلم لإملاءات الحارس.
التجارة
يحدث كثيراً وهذا أمر طبيعي أن المستأجر تفرغ لديها قارورة الغاز في لحظة حرجة (تكون خلالها الطبخة على النار كما يقال)، فعوضاً عن اللجوء إلى مركز الغاز، يلجأ إلى الحارس، والأمر هنا لا شك فيه منفعة للطرفين، فيستجيب أبو رامي على الفور ويبدل القارورة، وعندما يحين الحساب يطالب الرجل بدينارين ونصف الدينار، مع العلم أن التكلفة لا تتجاوز 750 فلساً.
من قال إن الحارس يبيع الغاز فقط، ففي جعبة الرجل بطاقة هاتفية مسبقة الدفع، من كل الأصناف والأحجام وتابعة لمختلف الشركات، معلقاً على ذلك بالقول «التجارة شطارة يا باشا... وكل بتمنو».
السائق
أبو رامي ينافس أيضاً وأيضاً سائقي التاكسي، إذ يعرض خدماته على كل ربات المنازل في العمارة «يا هانم إذا عايزة تروحي مشوار أو عايزة أجبلك حاجة أي حاجة... الرقبة سدّادة»، وفعلاً بدأ سوق أبي رامي يمشي في القيادة، وهو الذي يمتلك سيارة لا يتجاوز ثمنها 500 دينار.
هذه عينة بسيطة من الأعمال التي يقوم به «الحارس التاجر»، والتي تبين أن مدخول الرجل الشهري بات يزيد على 600 دينار، وقد يضاهي أو يزيد على راتب معلم وافد في إحدى المدارس الحكومية.