د. سليمان الخضاري / فكر وسياسة

شارع نافع بن الأزرق!

تصغير
تكبير
أتمنى أن يكون القارئ الكريم قد كوّن فكرة معقولة عن كاتب هذه السطور تتعلق بتوجهاته الفكرية وابتعاده قدر الاستطاعة عن طرح الأفكار من منظور عقدي معين أو بهدف الانتصار لهذا المذهب أو ذاك، أقول هذا نظرا لأن ما سأطرحه اليوم لا علاقة له البتة بانتمائي المذهبي رغم علمي أن البعض سيحاول نسبته لذلك بشكل أو آخر!

تستوقفني أحياناً بعض المسميات التي تطلق على بعض المناطق أو شوارع الكويت، وذلك لعدم اتباعها منهجا معينا يشي بتوجه محدد للدولة يفضي لتخليد أسماء بعض الأحداث أو الشخصيات التاريخية من منظور ثقافي واضح المعالم، فتجد أسماء لشوارع سميت تكريما لشخصيات متناقضة الفكر والتوجهات، بحيث تقف مشدوها غير مدرك للأسباب التي استدعت الدولة لتكريم الشيء أو الشخص ونقيضه، والهدف من ذلك... إن وجد!


من تلك الأسماء المتناقضة مثلا، هما اسما الحجاج بن يوسف الثقفي والتابعي المعروف سعيد بن جبير، ومصدر الدهشة هو اطلاق اسمي كلا الشخصيتين على شارعين من شوارع الكويت بالرغم من أن الأول قتل الثاني شر قتلة حسب الكثير من المصادر التاريخية، والسؤال المنطقي هنا هو عن موقف الدولة والمختصين منها في تسمية الشوارع والمناطق من الشخصيتين المذكورتين، وكيف يكون التكريم لكليهما بينما أقدم أحدهما على قتل الآخر!

مؤخرا، وفي زيارة عابرة لأحد الأصدقاء فوجئت بشارع يسمى باسم نافع بن الأزرق، ونافع لمن لا يعرفه هو أحد أشهر وأشرس زعماء الخوارج، وما تنقله الكثير من المصادر التاريخية عنه مثير للفزع على أقل تقدير من آراء حادة ضد مخالفيه تسببت في إسالة الكثير من الدماء البريئة وإزهاق الأرواح بمنتهى القسوة!

والسؤال هنا يقفز مجددا، وبعيدا عن رأيي الشخصي في هذه الشخصية أو تلك، عن ماهية المرجعية الفكرية للدولة التي تفضي بها لإطلاق أسماء هكذا شخصيات على شوارع أو مناطق هنا أو هناك، وهل تعبر عملية إطلاق الأسماء تلك عن توجه محدد أو تكريم من نوع ما، وهل يتم ذلك بشكل ممنهج ومدروس أم أن الموضوع لا يخرج عن مجمل الممارسات العشوائية التي تحكم الكثير مما يحدث عندنا في الكويت، وبشكل أقرب للكوميديا السوداء من أي شيء آخر!

أخشى ما أخشاه هو أن يكون البعض عند اختيار أسماء الشوارع أو المناطق يقوم بذلك بالاستعانة بأحد كتب التاريخ التي يفتحها عشوائيا على صفحة ما فيختار أي أو أول اسم يقرأه في تلك الصفحة، وإذا كان ذلك ما يحدث، لا سمح الله، فلن نستغرب أن نرى شارعا جديدا في الكويت وقد أطلق عليه اسم شارع ابليس، أو شارع جهنم مثلا.. وليس ذلك على بعض المسؤولين ببعيد!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي