منى فهد عبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي

قناع التفكير...!

تصغير
تكبير
يقول الإمام الشافعي رحمه الله.. «استعينوا على الكلام بالصمت، وعلى الاستنباط بالفكر». التفكير عملية شاقة جداً، فهو أشق على النفس من المشي أو الجري، لذا الكثير من الناس يفرّون منه، أو يركنونه على الرف، ولا يفكرون إلا عند وجود حاجة ملحة للتفكير. ومنا من لا يستطيع أن يستخدم إمكاناته الذهنية على نحو صحيح، حتى يقدر أن يفكر جيداً وذلك للموانع الذي نسجها من بعض العادات النفسية والذهنية السيئة، ومجموعة من المقولات والمفاهيم الشائعة، والتي لم تتعرض لمحاولات التصحيح والتصويب أو التغيير أو التخلية والتحلية، كما أنها لا تستند أو تنطلق من أساس علمي.

من منافع وفوائد التفكير أنه يكسبنا المعرفة بطبائع الأشياء، كما أنه يعرفنا على سنن الله - تعالى - في خلقه، ويكشف لنا عن بعض الأمور المشتركة بين بني البشر، ليسهل التعامل في ما بيننا على أسس وقواعد ثابتة تحفظ حقوق وواجبات كل منا، وكلما نشط التفكير تمكنا من تصنيف المعلومات الموجودة في قواميس حياتنا وتوظيفها على مدار الساعة والاستفادة منها بين اللحظة والأخرى، وتمحيص كل ما هو زائف ومبطن وطرده من الذهن، إن الله - تعالى - امتدح وأثنى في كتابه العزيز على أولي الألباب المفكرين الذين يقفون على آيات الله في الكون، ويستدلون بها على بديع صنعه، ويتعمقون في إبصارهم لأنفسهم، لتزكية النفوس والارتقاء بها لأعلى المراتب.


من مراحل التفكير المهمة مرحلة الخيال الخصب الذي من خلاله نخرج ونتحرر من قيود وسجن الواقع وضغوط الظروف السيئة، وننطلق إلى آفاق وأوضاع تعطي إشارات النجاح لتجاوز الأزمات والمشكلات، وعلاجها بإيجابية وحيوية في أحوالنا وأقوالنا اليومية.

نعم.. نحن بحاجة للتفكير حتى نكتشف أنفسنا، ونتأمل في أحوالنا، ونوعية تصرفنا بما أنعم الله علينا من الصحة والوقت والمال، وكيفية استغلالهم بما يحب ربنا ويرضى، علينا أن نفكر بالأخلاق والعادات التي تشل إمكاناتنا وتوقعنا بإشكاليات مع أنفسنا وغيرنا عندما نبلورها لسلوك خطأ يضرنا ويجلب الازعاج لمن حولنا، لأن كثيراً من هذه الأخلاق والعادات السيئة تعوقنا عن تحقيق الفلاح والنجاح.

وتزداد أهمية التفكير في زمان كزماننا هذا بسبب وفرة المعلومات في شتى المجالات النفسية منها والتربوية والمهاراتية والمجتمعية، وهذه الوفرة غالبا ما تربك أذهاننا، وتثبطنا عن التفكير الذي نحن في أمّس الحاجة له لتحليل كل قضية من قضايانا وخصوصا القضايا التي تتعلق بأطراف بشرية نمطية تقليدية تفتقد للمرونة في التفكير والتغيير، فلنحسن التعامل مع ذواتنا قبل تعاملنا مع الآخرين، وليكن أسلوب ومنهج تفكيرنا مرتكزاً ومقعّداً على الموضوعية التي تمكّننا من تحييد الكثير من الأخبار والمعلومات عن حقل الاستدلال والاستنتاج، وتكوّن لنا رؤية عميقة للحقيقة التي توصلنا للعيش بسلام واستقرار.

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي