تحقيق / الفنانون العرب حضروا للبرامج ولم يتركوا لبنان في أزمته الأمنية
غالباً ما كانت البرامج التلفزيونية تتأثر في الظروف الامنية الصعبة، التي عاشها لبنان خلال السنوات الثلاث المنصرمة، وان كانت معظم محطات التلفزة توقف برامج العادية وتتجه نحو بث البرامج السياسية. لكن برامجا فنية كثيرة ومن قلب العاصمة بيروت، قد استمرت فالاعلامية هالة سرحان قدمت برنامجها «قناة 5 نجوم» منه، بسبب مشاكلها الكثيرة في مصر، وبرنامج «العراب» يبث من بيروت، وبرنامج «ستار اكاديمي» لم يغب قطّ عن الشاشة، هذا عدا البرامج الفنية الاخرى.
وإذا كان ثمة فنانون عرب وخليجيون يخافون المجيء الى لبنان لتصوير برنامج معين، الا ان كثيرين منهم اصبحوا كاللبنانيين، يتجاوزون كل المحن والصعوبات، حتى ان البعض منهم اصر على الحضور الى لبنان رغم التعليمات التي صدرت عن سفارة بلاده.
«الراي» ألتقت مجموعة من المقدمين ومعدّي البرامج وسألتهم عن مدى تأثرهم بالاوضاع الامنية التي مر بها لبنان في السنوات الثلاث المنصرمة:
طوني سمعان الذي شارك في اعداد مجموعة من البرامج الفنية، من بينها «العراب» و«قناة 5 نجوم»، قال: «لم تعطل الاحداث التي جرت في لبنان خلال السنوات الثلاث الاخيرة برامجنا، لان الضيوف العرب ومن كل الجنسيات كانوا يصرون على الحضور الى لبنان، ويقولون (لماذا نخاف؟ نحن نتضامن مع الشعب اللبناني ومستعدون للتحمل مثله اي صعوبات يمكن ان تحصل في لبنان)».
وأضاف «بالنسبة الى برنامج العرّاب، صوّرنا الحلقتين الاخيرتين منه في دبي، لاننا لم نتمكن من التصوير في بيروت، اما الحلقة الاخيرة فقد كان هناك اجماع على ان تصوّر في وسط بيروت». وتابع: «نحن نعد عادة لائحة للضيوف الذين سنستقبلهم في اي برنامج، وعندما يعتذر احد منهم لسبب امني نرجئ الموعد ونستعين بفنان آخر اسمه مطروح على اللائحة، ومن ثم نعود ونستضيفه في حلقة اخرى، اي ان الامر يقتصر على تأجيل موعد وتقريب موعد وليس اكثر».
وعن مدى تأثر الوضع النفسي للضيوف بالوضع الامني قال سمعان: «لم يحصل اي تأثر، وبمجرد ان يلبي الفنان الدعوة، فان كل شيء يسير في شكل طبيعي.
طوني قهوجي كشف ان بعض الفنانين، حتى الاجانب من بينهم، اصرّوا على المجيء الى لبنان والمشاركة في البرنامج على الرغم من تردي الاوضاع الامنية، وخصوصاً خلال العامين الفائت والحالي. وتابع: «احياناً يتأثر البرنامج من الناحية الانتاجية وفي المقابل ثمة فنانون يلتزمون بارتباطهم معنا حتى في ظل اصعب الظروف».
اما بالنسبة الى الفنانين الخليجيين فقال قهوجي: «في الاحداث الاخيرة ثمة مطرب خليجي لبى الدعوة على عاتقه الشخصي رغم أن سفارة بلده كانت نصحت لمواطنيها بعدم المجيء الى لبنان، اما الباقون فاعتذروا. كل فنان لديه اعتباراته الشخصية، لناحية المجيء او عدم المجيء الى لبنان، والنسبة الكبيرة من الفنانين كانت تجد ان الاجواء السياسية والامنية ملبّدة، ولكن لا شيء محسوماً على الارض، ما يجعلها لا تتردد بالحضور والمشاركة في برنامج ستار اكاديمي. وبالنسبة الينا، نحن تجاوزنا كل الصعوبات وبثثنا البرنامج مباشرة على الهواء، رغم كل شيء، وكانت العقبة الوحيدة هي في الضيوف، ولكن في فترات محدودة جداً».
طوني خليفة قال: «استعد لتقديم برنامج جديد على محطة (الجديد)، ولكنني ارجأت البث لست مرات متتالية، بسبب الظروف الامنية، لذلك قررنا اذا حالت الظروف دون البدء بتقديمه قريباً، أن نؤجله الى ما بعد انتهاء شهر رمضان مع انه كان من المفترض ان يبدأ منتصف شهر ابريل الماضي. الوضع الامني ينعكس سلباً على كل شيء، بدليل ان محطة MBC صوّرت بعض حلقات برنامج (العراب) في دبي، حتى ان معلومات وردتني عن ان بعض المحطات الفضائية كان سيقفل مكاتبه في بيروت. الاوضاع الامنية لا تنعكس على المقدم وحده، بل ايضاً على ضيوفه، اذ في ظل اوضاع مماثلة، يتعذر استضافة ضيوف من الخارج».
وتابع خليفة: «في رمضان الماضي اضطررت الى تقديم برنامجي من الاردن، لان ما يحصل في 7 مايو كان من المتوقع ان يحصل في سبتمبر من العام الماضي، اي في موعد الاستحقاق الرئاسي. لذلك وجدنا ان الحل الامثل لانجاز البرنامج بعيداً من تأثيرات الخضات الامنية هو تصويره خارج لبنان، وهذا الامر ايضاً انعكس سلباً على البرنامج، لاننا اضطررنا خلال فترة قصيرة جداً الى انجاز كل التحضيرات اللازمة، التي تحتاج، لو ان الامور كانت تسير على الشكل الصحيح، الى وقت طويل. نحن انجزنا كل شيء خلال مدة لا تتجاوز العشرين يوماً، وبمشاركة التلفزيون الاردني، اي ان البرنامج تم بالتعاون بين مدرستين اعلاميتين مختلفتين تماماً، فوجودي مع اسيل التي اوجه لها التحية انعكس سلباً على البرنامج بدل ان يحصل ذلك في شكل ايجابي وخصوصاً اننا لم نكن نعرف بعضنا ولا يوجد تجانس بين تجربتينا في التقديم».
ميشال قزي، اكد ان تلفزيون «المستقبل» في «شكل عام والبرامج الترفيهية والفنية، في شكل خاص، تأثرت بسبب الظروف الامنية الصعبة التي مرّ بها لبنان، اولاً لان بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، مرّ تلفزيون المستقبل بفترة حداد لمدة سنة كاملة، ومن بعدها عرف لبنان سلسلة من الانفجارات والاغتيالات، ما اثر سلباً بالدرجة الاولى على البرامج الفنية والترفيهية، ونتمنى بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان وتأليف الحكومة الجديدة، ان يستعيد لبنان دوره السياحي وان يزوره الضيوف من كل ارجاء الوطن العربي».
وعن تأثير الظروف الامنية على استضافة الفنانين العرب، قال قزي «لا شك انني كنت اتأثر انا بالدرجة الاولى ويتوقف برنامجي، ولكن في شكل عام عندما يعتذر اي ضيف عن عدم الحضور، كنت استعين بضيف آخر، لان ثمة لائحة احتياطية باسماء الضيوف. الفنانون الخليجيون يحبون ان يطلوا عبر برنامجي ويفرحوا بذلك، ويتجاوبوا في شكل عادي. الفنان الخليجي يتجاوب معنا، لانه يحب لبنان وشعبه ويشعر انه ينتمي اليه. حتى ان عدداً كبيراً من الضيوف الخليجيين كانوا يتصلون بي من الخارج في الاوقات العصيبة للاطمئنان عليّ».