جعفر رجب / تحت الحزام / شياطين بأجنحة ملائكية

تصغير
تكبير
يا سيدي، أجسد هذا المضرج بالدم أم جسد الامة؟ امة قابيل وهابيل، قاتل ومقتول الى يوم يبعثون، امة تصر على اعادة تاريخها، تزرع طريق العراق الى الشام بالدم، والقتل، والنحر، ورؤوس معلقة على الرماح، وسبايا... لا شيء تغير، يدخل القاتل على مجلس الولاة ويرمي رؤوس الابرياء مطالبا ان يملأ ركابه بالذهب والفضة، لا شيء تغير سوى ان المقابر اتسعت، وقوافل السبايا طالت، وخيم المهجرين ازدادت، ومن لم يمت بالسيف يبتلعه البحر.

يا سيدي، أصرخة تلك التي صرختها تطلب النصرة ام صرخة امة تبحث عن انسانيتها؟ بعد ان سلبهم الولاة قوت يومهم، وكرامتهم، وعزتهم... وحتى ايمانهم، اصبحوا كفرة بهيئة الاتقياء، قتلة بلباس الابرياء، شياطين بأجنحة ملائكية، فاسدين يتقمصون دور اهل الصلاح، منافقين يبيعون الناس الاكاذيب... لا شيء تغير سوى ملابسهم وإبلهم وخيامهم، واسماء الولاة الذين مازالوا يشربون نخب القتلى، والقتلى يصفقون لقاتلهم!

ياسيدي، اقدر هذا الذي حملته على ظهرك كخشبة المسيح الذاهب الى الصلب، ام قدر الامة؟ امة قدرها ان تعيش الكراهية، ولا تستغني شبرا عن حقدها، تموت من اجلها، وتقتل من اجلها، امة تكفر نفسها، وتعشق كراهيتها، وتزرع في ارضها اشجار الجحيم... لا فلاح يزرع اشجار الزيتون، ولا كاهن يرتل للمحبة، ولا عازف يلعب على أوتار العشق... لا شيء هنا سوى مقبرة جماعية... تحت الارض وفوقها!

يا سيدي لاشيء تغير مذ أبيت ان تشرب كأس الذل وشربت كأس المنون، القوم تعمى عيونهم عن الكبائر ويلاحقون توافهها، يريقون دماء الصالحين ويسألون عن حكم دم البعوض، يستهويهم منظر اشلاء الاطفال والنساء على الطرق، ويستفزهم منظر اطفال يسقون الناس في الشوارع، لا شيء تغير، الوجوه نفسها، بالاقنعة ذاتها، والقلوب الميتة نفسها.

ياسيدي، لا شيء تغير، مازلت كما كنت، عندما يضيق قلبي، افتح شباكه على ضريحك... واكتب!





جعفر رجب

JJaaffar@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي