| عبدالعزيز صباح الفضلي |
فجّر الصحافي الإعلامي الأميركي المشهور سيمور هيرش قنبلة مدوية أسقط من خلالها القناع عن الإعلامي الكاتب المعروف محمد حسنين هيكل حينما كتب هيرش مقالا في صحيفة «واشنطن بوست» بين فيها تحول المواقف وانقلاب المبادئ عند هيكل قبل وبعد الثورة المصرية والانقلاب العسكري فكتب قائلا: في محاضرة ألقيتها في الجامعة الأميركية في مصر قبل الثورة بأعوام قليلة والتي استضافني (محمد حسنين هيكل) وجلس إلى جواري وقتها قلت: مصر في مضمونها عبارة عن مؤسستين عريقتين وما سواهما يتبع كل منهما، وهما: الجيش والاخوان.
وقلت في هذه المحاضرة بالنص إذا وصل الاخوان إلى الحكم بثورة أو بصفقة أو بأي طريقة كانت، ستواجه بحرب شرسة من جيش عميق مغروس حتى العنق في أمور السياسة بشكل غير مباشر وغير مرئي أو مكشوف.
وبعد المحاضرة سألني هيكل قائلاً: هل تعتقد أن الجيش سيسمح للإخوان بالوصول إلى الحكم ورؤية العجب العجاب من فساد متراكم ويسلمون بأنفسهم أرواحهم أو حريتهم للإخوان؟ قلت له قد يحدث هذا بثورة يضحي فيها الآلاف بأرواحهم مقابل تطهير مؤسسة الجيش وهي المؤسسة التي لو طهرت ستسير البلاد نحو مستقبل واضح. ابتسم هيكل حينها ساخرا وقال أي شعب هذا الذي تحدثني عنه الذي سيضحي بالآلاف ليطهر الدولة والجيش فابتسمت ساخرا منه.
ولكني اتصلت به منذ أيام وقلت له يا هيكل ها هو الشعب يا صديقي وقد ثار ضد الجيش وضحى بالآلاف مقابل حريته وكرامته، وها أنت تساند الجيش الذي أكدت لي أنه سفينة تبحر في محيط من الفساد! ولكنه أغلق الهاتف في وجهي ثم أغلق كل أرقامه التي أعرفها، وبما أنك يا صديقي تعرف عني أني عنيد سأخاطبك قائلا: كن شجاعا واعترف أنك قلت لي ان الجيش يجب أن يبتعد عن السياسة ويلتفت لعدوه الأساسي ويترك الحكم لأي حكومة حتى ولو كانت إسلامية، وأنك قلت ان الحكومة الاسلامية هي الوحيدة التي يمكن أن تُجبر العالم على القبول بمصر في وضع جديد وأن الليبراليين والإعلاميين أغلبهم مجندون للأجهزة الحساسة. أنت لست شجاعا وإلا لماذا خالفت مبادئك وساندت العسكر ووقفت في الجانب الذي تعرف جيدا أنه الجانب الخاطئ، لقد سقط القناع عن هيكل واختفى هيكل الذي كنت أحترمه.
سكوت هيكل عن هذه المقالة وعدم نفيها أو الرد عليها يؤكد لنا حقيقة مضمونها. وهذه المقالة للكاتب الأميركي فضحت نموذجا من النماذج التي باعت مبادئها وارتبطت بشخصية يرتجون من ورائها نفعا أو مصلحة، وهؤلاء المساكين لا يعلمون أن دوام الحال من المحال، وأن من هو في سدة الحكم اليوم لا يستبعد أن يكون مسجونا غدا، ويكفي تذكر حال الرئيس المخلوع حسني مبارك والذي حكم مصر عشرات السنين وتزلف له الكثيرون وأيدوا حكمه واستفادوا من قربه، ثم كانت نهايتهم معه في السجون.
لقد كتبتُ في المقالة السابقة عن سقوط مفتي الجمهورية السابق بنفس المستنقع، وتابع السقوط فيها الكثير من السياسيين والإعلاميين كتلك الصحافية التي قالت للسيسي بعد الانقلاب انها ستقبل به حتى لو كزوجة رابعة، وإن لم يرد ذلك فهي على استعداد أن يأخذها ولو ملك يمين!!
ونقول لهؤلاء المساكين اصحوا من نومكم فحكم الانقلابيين إلى زوال فها هي مصر لم تجن بعد مرور أكثر من 100 يوم من الانقلاب سوى سفك الدماء وانهيار الاقتصاد وتمزق المجتمع وسقوط هيبة الجيش، وكره الناس للعسكر.
فبادروا أيها المغفلون الحالمون إلى القفز من قطار الانقلابيين قبل تمكن الشعب المصري من إعادة رئيسه ومؤسساته الشرعية، وساعتها ستكونون وقائد الانقلاب سواء خلف القضبان.
twitter :@abdulaziz2002