عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / خاصمني بشرف

تصغير
تكبير
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

من المعلوم أن الله تعالى خلق الناس وهم مختلفون في أفكارهم وأفهامهم ومعتقداتهم، وذلك راجع لاختلاف بيئاتهم وتربيتهم، وقد يختلف الناس في أهدافهم وغاياتهم، وربما اتفقت الأهداف واختلفت وسيلة كل طرف للوصول إلى تحقيق ذلك الهدف، لذلك قد يكون وجود الاختلاف أمرا مقبولا، لكن الذي لا يقبل ويعتبر أمرا مذموما هو أن ينتقل الاختلاف في الأفكار والأفهام إلى التعدي على الطرف الآخر، ومحاولة تشويه صورته أو وصفه بما ليس فيه أو الطعن في نيته التي لا يعلمها إلا الله أو الكذب والافتراء عليه.

ولذلك جعل النبي عليه الصلاة والسلام من علامات المنافق أنه إذا خاصم فجر.

وللدلالة على تفشي الفجور في الخصومة سأضرب لكم أمثلة من واقعنا المحلي والعربي، ففي الكويت مثلا هناك خلافات بين التجمعات السياسية في ما بين بعضها البعض، وفي ما بينها وبين الحكومة، وهناك اختلاف بين الجماعات الاسلامية، وهناك اختلاف بين طوائف المجتمع، ومن المحزن أن نجد اتهامات كثيرة لها أول وليس لها آخر للطرف الثاني من دون أن تستند إلى دليل أو برهان.

إن من الفجور في الخصومة ما تقوم به الحكومة من ملاحقة معارضيها عبر المحاكم لمجرد ابداء آرائهم، وما يؤسف له أنه في السنوات الأخيرة بدأ يظهر عندنا ما يعرف بسجناء الرأي، وقد يتحجج البعض بأن بعض المعارضين تجاوزوا الحدود، ونقول لابد أن ننظر إلى الوضع السيئ الذي وصلت له أوضاع البلاد، وكمية الفساد التي انتشرت في المشاريع والمناقصات، وشراء الذمم، والتي دفعت البعض إلى رفع سقف المطالبات، ونقول إننا لا نؤيد أي عبارات مسيئة لأي انسان صغر أم كبر، كما لا نؤيد اتهام الناس أو التعسف في التعامل معهم، أو التمييز في تطبيق الأحكام والقوانين عليهم.

ولو أخذنا مثالا آخر من محيطنا الخليجي، لرأينا كمية التشويه الكبيرة التي يقودها العلمانيون والليبراليون ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشقيقة السعودية، ومحاولة تضخيم أخطاء بعض أعضاء الهيئة، كل ذلك من أجل العمل على إلغاء هذه الهيئة أو تحجيم دورها، وما علم أولئك المساكين أنه بالقيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحفظ الله تعالى البلاد من الدمار والخراب (وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).

وأما المثال الثالث فهو من مصر الشقيقة عجل الله فرجها بالتخلص من «طغمة» الانقلابيين، وهي محاولة القيام بما يعرف بشيطنة الإخوان المسلمين، حتى جعلوا الإخوان وراء كل مصيبة حلت في مصر وفي الأمة، ولقد وصل الفجور في الخصومة عند بعضهم إلى اتهام الإخوان المسلمين بأنهم وراء سقوط الأندلس!!

ليت بعض الخصوم يتحلون بمروءة العرب أو أخلاقيات الإسلام، فهذا عمرو بن معد يكرب يبارز أحد خصومه فلما انكسر سيف الخصم قام عمرو بإرجاع سيفه إلى غمده وقال ليس من المروءة أن أقتل رجلا أعزل، ولما سأل ملك الروم أبا سفيان عن صفات النبي وأخلاقه وذلك قبل إسلام فأبي سفيان، أجابه بكل صدق وقال استحي أن يؤثر عني بين العرب أنني كذبت.

فلنتخاصم بشرف ولننتقد الأفكار ولكن لنتجنب الطعن في الذمم والأعراض والنيات، ولنترك في ما بيننا مسافة للصلح ومن يدري، فكم من محبة جاءت من بعد عداوة.

 

twitter :@abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي