ستظل حاجتنا مستمرة إلى شيء عقلي وروحي نستند إليه في ظل مغامرات الحكومة في إدارة البلد، حاولنا كثيرا ومرارا أن نستعصم من العيش في متاهات حياة سياسية شديدة التعقيد، إلا أننا في كل حدث وموقف تجعلنا الحكومة نعيش تحت ضغوط سياسية واجتماعية وتربوية واقتصادية وثقافية في كنف مطالب معيشية متصاعدة، نجد أنفسنا حائرين بين الذات والآخر، والداخل والخارج، والروحي والمادي، والماضي والمستقبل.
كان لابد للحكومة من وضع النقاط على الحروف في كثير من المسائل والقضايا المبهمة والتي تظــــــل قابلة لنوع من الإضاءة وبذل الجهد في توضيحها، بدلا من أن توسع دائرة التفلســف حول كل حدث يحدث بالكويت، حكمــت المحكمة الدستورية ببطلان مرسوم الدعوة إلى انتخابات مجلس الأمة فبراير 2012 وعودة مجلس 2009، وذلك بسبب خطأ إجرائي في دعوة الحكومة للمواطنين لانتخابات من حكومة تصريف العاجل من الأمور التي لا تملك الصلاحية حتى بتعيين موظف أو فصل آخر!، وللأسف يتكرر المشهد السياسي ثانيةً، وتدعو الحكومة المواطنين متمثلة بوزارة الداخلية لانتخابات ديسمبر 2012 وبعد 6 شهور يعاد نفس السيناريو ويبطل المجلس لخطأ إجرائي في دستورية اللجنة العليا للانتخابات، ويعتمد مجلس الوزراء يوم الخميس الموافق 25 يوليو 2013 موعد انتخابات رمضانية جديدة بعد إبطال مجلسين في 2012، السؤال الذي يطرح نفسه، من يتحمل مسؤولية الأخطاء الإجرائية؟! لن نستبق الأحداث ونستشرف مستقبلاً غير متفائل، ونجيب عن السؤال الذي يفرض نفسه على كل مسؤول يدير مصالح البلاد والعبـــاد، سننتــــظر لنــــرى المشـــهد المقـــبل.
لكل أمة وشعب وكل فرد هويته الخاصة به، والهوية الخاصـــــة تكون على الصعيد الجسمي والنفــــسي والعقلي والسلوكي، والهُوية هي مجموعة الســــمات والخصائص والرموز والذكريات المحفوظة من التاريخ المشترك، بالإضافة إلى الطموحات والتطلعات الموحِدة والمترجمة للشعور بوحدة الهدف والمصير، إلا أننا في ظل هذه الأحداث وفي ظل حكومات غير واعية بحاجات الفرد الكويتي بدأنا نفتقد هذه الهـــوية شيئا فشـــــيئا، وتفــــرق الهدف وتـــــمزق المصـــــير المشترك، وأصبح التخلف والتراجــــع داء متـــــوطنا.
حينما كانت الأمة الكويتية في حالة إقبال وازدهار، انشغلت بالابتهاج بالمكاسب التي حققتها على الصعيد العقلي والأخلاقي والصناعي والعمراني، وأصبحت قدوة للدول المجاورة وأنموذجا الكل يتسابق ليصبح مثله، لم نسأل أنفسنا «من نحن؟» أما الآن وبعد أن بدأنا نفقد هويتنا من خلال تفشي الفساد في البلد وانتشار ثقافة السحت والرشوة، وعشوائية تطبيق القوانين، وعدم وضع خطط علاجية تعالج مشكلات البلد التعليمية والإسكانية والصحية وغيرها من مشكلات، أصبحنا نتساءل «من نحن؟».
إن أسلوب الحكومة ومنهجها في إدارة البلاد جعلتنا نطرح السؤال على أنفسنا في كل مجلس «من نحن؟»، حتى تتعامل الحكومة بهذه التعاملات غير اللائقة بالفرد الكويتي من الجانب الإنساني والحضاري، والمعضلة الحقيقية هي أن تسير في منهاج يخالف ويعاكس رغبات الشعب الكويتي من دون أن تقدم تفسيرات للأحداث والوقائع الخاطئة التي حدثت بسبب منهجها ونظامها في إدارة البلاد، إلى الآن لم تعِ الحكومة معنى اللحمة والوحدة الوطنية.
وبما أننا لن نستطيع توحــيـــد مواقفنا تجاه الحدث والموقف الواحد، وذلك لاختلاف بيئتنا وثقافاتنا، يبقى علينا اليوم أن نوحد رؤيتنا لحدود ذاتنا الثقافية كحكومة وشعب وننطلق من نقطة الالتــــقاء والقاســـــم المشترك الذي يجمعنا الرؤية الموحدة، ونتغلب على صعوبات التقدم والتنمية التي تعيق تقدمنا وارتقاءنا في شتى المجالات.
منى فهد عبدالرزاق الوهيب
[email protected]twitter: @mona_alwohaib