«(الوسطى) أول مدرسة للبنات علمت فيها سنة 1937 وصرف لي راتب قدره 30 روبية»
مريم الصالح: أنا أول مدرسة كويتية لبنات الوطن
من مؤلفات الأستاذة مريم الصالح
شهادات تقدير
الزي الدراسي لطالبات المدارس قديماً
مريم الصالح تستعيد ذكرياتها مع «الراي» (تصوير علي السالم)
... مع الزميل سعود الديحاني
الدراسة عند المطوع والملاية قديماً
من مدارس البنات القديمة
سنة 1960
الوالد الشيخ عبدالملك الصالح
أمير البلاد حفظه الله مستقبلاً أول معلمة كويتية مريم الصالح
ضيفتنا اليوم هي الأستاذة مريم الصالح أول مدرسة كويتية تحدثنا عن مسيرتها التربوية التي امتدت عقوداً من الزمن فتذكر لنا أولى معلماتها وشيئاً من سيرة والدها ثم تدرجها في سلك التدريس الذي بدأ في مدرسة الوسطى وهي أولى المدارس بعدها درست في مدارس عدة ثم اختيرت لتكون أول ناظرة كويتية، فلنترك عزيزي القارئ مع سيرة أول معلمة كويتية.
كانت ولادتي في شهر أكتوبر عام 1926، وهو الشهر الذي يعود فيه عادة أهل الغوص من البحر، حيث ذكرت لي والدتي انها خرجت كغيرها من النساء في ذلك الاستقبال ولم يكن عمري اربعين يوما. والغوص كانت له مكانة اقتصادية في تلك الايام، وكان العائد من الغوص هو والد أمي، لذا تركتني والدتي عند جدتي لأبي وذهبت لاستقبال أبيها، وقد كنت البنت الوحيدة للوالدين من بين خمسة أولاد، يخيم الهدوء على طبعي وتذكر لي والدتي انني منذ صغري وأنا سريعة البديهة وحسن التصرف فإذا نهتني عن ضار لا أعود الى فعله، وشخصيتي محبوبة من قبل الجميع صغارا وكبارا، وكنا نسكن في المنطقة الوسطى في فريج السبت وبالقرب من فريج السرحان.
الوالد
حين توفي جدي كان والدي يبلغ من العمر أربع سنوات ولم يكن له ولد سواه، فحزنت عليه جدتي حزنا شديدا، فهو كان من العلماء المشهورين وتسلم القضاء في منطقة الزبير واشتهر بالنزاهة بالحكم وتبحر في أحكام الشريعة وقد تتلمذ على يديه كثير من العلماء ومن أشهرهم عالم الكويت عبد الله بن خلف الدحيان.
الهند
وفي احد الايام جاء أخو جدتي عثمان واقترح عليها ان تذهب الى الهند حيث ان عائلة آل ابراهيم من العوائل الكويتية المقيمة بالهند ترغب (بالمطوعة) تختم لبناتها القرآن، فرشحت لتلك المهمة وأخذت ابنها معها وهو والدي عبد الملك الصالح وكان عمره نحو 5 سنوات ونصف السنة، فذهبت واستقبلها آل ابراهيم أحسن استقبال وأكرموها حيث كان استقبالا مليئا بالحفاوة والتقدير.
ومكثت عندهم تدرّس بناتهم القرآن الكريم وهم قاموا بتدريس ابنها مع أبنائهم في مدارس الهند فتعمل اللغة الانكليزية وأتقن الهندية الى جانب المواد التي تدرس في تلك المدارس في ذاك الوقت.
وحين بلوغه سبعة عشر عاما عاد الى منطقة الزبير وأخذ يتردد على علمائها أمثال الشيخ محمد العوجان والشيخ عبد الله بن حمود والشيخ ابن دايل، فأتقن الفقه للإمام أحمد بن حنبل ودرس اللغة العربية الى جانب تجويد القرآن الذي كان ملما به.
المباركية
وفي عام 1916 قدم الى الكويت فأختاره الشيخ يوسف بن عيسى الجناعي وهو حينئذ مديرا لمدرسة المبارية ليكون مدرسا بها لما يتمتع به من خبرات وإجادته لعدة لغات، ثم درس في مدرسة مع الشيخ عبد العزيز الرشيد بعد عدة سنوات اختير ليكون ناظرا لمدرسة الاحمدية حين انشائها، وحين تأسيس مجلس المعارف اختير ليكون أمينا لأعمال المعارف وفي عام 1940 حين تأسست المدرسة القبلية طلب اعفاءه لكي يدرس بها لأنه يعشق العلم وهو جزء من شخصية وحياته وظل يدرس فيها حتى عام 1946 حيث كانت وفاته.
الدراسة
بدأت دراستي عند جدتي (أم أبي) وهي مطوعة تسمى حصة عبدالرحمن الحنيف وقد تتلمذ على يديها الكثير من البنات في فريج السرحان حيث مدرسة جدتي التي أنشأتها في بيتها ولكن من حرص والدي ووالدتي على تعلمي أدخلاني عند المطوعة نورة اليحيى خشية من أن تدللني جدتي فلا استفيد منها شيئاً، فالدراسة كما هي معروفة ترغيب وترهيب.
الختمة
ومن شدة ذكائي أنني ختمت القرآن الكريم في أقل من عام واحد ترتيلاً وتلاوة وعمري آنذاك أربع سنوات، وقد كانت من عادات الماضي الجميل أن من يختم القرآن الكريم يعمل له (زفّة) فهو موكب احتفالي يحتفى بصاحبه لمن ختم القرآن الكريم.
ومن خشية والدتي عليَّ من الحسد لانني صغيرة في السن فكانت تقول انها اذا قرأت جزء يس أزفها بموكب ختمة... وقد استمررت عند المطوعة وأعيد وأكرر تلاوة القرآن الكريم حتى لا أنساه.
الكتب
والدي كانت عنده كتب كثيرة يستمد منها ثقافته، فكان هذا يساعدني على الاطلاع عليها ولفت النظر إليها، والبحث عن القراءة فيها فكنت اقرأ بعض الكتب وأتهجى الحروف في صغري هذا، ما جعل الوالد يعجب مني نظراً لنباهتي في الكتب والبحث فيها، فأحضر لي السبورة والطباشير لاتعلم، فسعدت لذلك الأمر، لأنه رأى فيّ الرغبة في التعلم رغم صغر سني ثم خصص لي وقتاً يعلمني القراءة والكتابة، بعد ذلك ألحقني عند إحدى المعلمات وهي (الملاية) وهي عائشة زوجة السيد عمر ومعها ابنتها زهرة فكانتا تعلمان البنات القراءة والكتابة ومبادئ الحساب والحياكة والتطريز الى جانب دراستي في هذه المدرسة الأهلية كان والدي يجلس معي أيام العطل وفي أوقات الفراغ يثقفني ويعلمني في كل ما يختص بالسيرة النبوية والتاريخ والجغرافيا والتجويد والشرح والأحاديث النبوية ومبادئ الحساب حتى مسك الدفتر درسني ياه والدي، وبهذا ارتقى مستواي العلمي وزادت حصيلتي العلمية حيث انني استمررت مع الوالد أكثر من ست سنوات.
أخرى
توقفت الأستاذة المعلمة عائشة عن التدريس هي وابنتها زهرة فأدخلني والدي عند معلمة أخرى وهي الاستاذة بدرية بنت مطرة بضعة أشهر، ثم ألحقني عند معلمة أخرى وهي مريم العسكر ايضاً بضعة اشهر، لكني لم انقطع التعليم عند والدي خلال هذه الفترة كان والدي ينظر الى مستقبل الفتاة الكويتية بنظرة تفاؤل، فلم تمض سنوات قليلة حتى فتحت اول مدرسة كويتية لتعليم البنات.
التدريس
جلبت ادارة المعارف مدرّستين عربيتين وكانوا في حاجة الى مدرسة ثالثة لتعليم البنات، حيث ان مستوى الفتيات اللاتي التحقن في اول مدرسة لتعليم البنات قسمن ثلاثة مستويات، فاجري اختبار لمن عند المدارس الأهلية من البنات لتكون مدرسة ثالثة، ففزت في ذلك الامتحان وطلب مني ان اكون مدرسة للصف التمهيدي أدرس القرآن والكتابة والقراءة رغم ان عمري لم يتناهز العاشرة كانت عندي رغبة شديدة في التدريس لانني كنت امارسه عند المدرسات المطوعات اللاتي درسنني في صغري الى جانب مساعدة زميلتي في التدريس في شرح الدرس وطريقة تعليم الحديث.
البداية
بدأ عملي بالتدريس 1937 - 1938 وقد صرف لي راتب قدره 30 روبية كان عمري عشر سنوات في المدرسة الوسطى وهي تقع قريباً من مدرسة المباركية فكانت عبارة عن منزل مستأجر من بيت المانع، واستمررت لمدة سنتين ثم انتقلت للمدرسة القبلية حيث دمجت بعد ذلك المدرسة الوسطى مع القبلية حينما استأجرت المعارف منزلاً كبيراً من السيد خلف النقيب واستمررت في التدريس لمدة عشر سنوات بعدها عينت ناظرة لمدرسة الزهراء وهي اول مدرسة نموذجية للبنات. وكنت بذلك اول ناظرة كويتية.
التقدير
كان المعلم والمعلمة لهما الاحترام والتقدير من قبل المجتمع والطالب وكان اولياء الامور يوصوننا بأبنائهم خيراً، ويأخذون برأي المعلمة بكثير من المواقف، وكانوا يقولون لنا لكم اللحم ولنا العظم، وعندما تأتيني ولية الأمر تقول لي: يا معلمة مريم ادبي بنتي وعلميها حتى تكون معلمة ناجحة مثلك... وكنت انا شخصية ممتازة ومحبوبة من تلميذاتي ولي اسلوب خاص وطرق جذابة استميل بها الطالبات وقد استمددت ذلك من شخصية والدي رحمه الله.
الدبلوم
بعد مضي سبع سنوات حصلت على اول شهادة تعليمية وهي شهادة دبلوم تربية نسوية قدمت عليها دراسة منزلية وحصلت عليها سنة 1945، فكان عندي إلمام بالكتب الدينية والعربية والقصصية وما ساعدني على ذلك كثرة القراءة والكتابة حيث لم يكن هناك تلفزيون وغيره.
وكان من أبرز تلميذاتي من بنات الكويت الأوليات كثيرات جداً فكل بنت الآن تتعلم إما درست أمها أو جدتها وقد مارست مهنة التعليم ما يزيد على ربع قرن.
الزهراء
بعد مضي عشر سنوات عندما كنت أول ناظرة في الكويت في مدرسة الزهراء، حقيقة أني كنت ناظرة وسكرتيرة ووكيلة وأمينة مخزن وكنت أدرس 12 حصة في الاسبوع كل يوم نحو حصتين لكن بعدما تزوجت وأنجبت طفلتين كانتا بحاجة إلى رعاية، فلم يكن في ذلك الوقت خدمات ولا وسيلة من وسائل الراحة الكهربائية ما يساعد على خدمة الأولاد والزوج فطلبت من إدارة المعارف التخلي عن النظارة والرجوع الى التدريس، حيث ان مهمة التدريس تتيح لي الخروج للمنزل ورعاية الأولاد، أما الناظرة فلابد من وجودها بالمدرسة من أول الدوام إلى آخره.
فطلبت من الوزارة اعادة التدريس وإلاّ قبول استقالتي فوافقوا على ذلك فاستمررت في التدريس حتى عام 1962 بعد ذلك كنت فاتحة خير للمرأة الكويتية لعملها في قطاع العمل الحكومي حيث طلب مني أن أكون أول من يعمل بالوزارة فعينت أول موظفة لشؤون الطلبة ثم رئيسة لقسم أحوال الموظفات ثم مراقبة لمكتب السيد الوكيل فعملت 25 سنة في التدريس و15 في الوزارة ثم قدمت طلب تقاعد عام 1982 ولم أتوقف عند هذا الأمر بل أسست مدرسة خاصة سميتها مدرسة جوهرة الصالح الأهلية أمارس فيها الاشراف على التعليم الذي هو كالماء والهواء بالنسبة لي وبه أخدم مهنة التعليم.
الذهب
لقد حصلت على جائزة الدولة الذهبية سنة 1969 وصدر لي مؤلفات نبذة عن حياتي والكويت في سطور وصفحات من تطور التعليمي الكويتي.
كانت ولادتي في شهر أكتوبر عام 1926، وهو الشهر الذي يعود فيه عادة أهل الغوص من البحر، حيث ذكرت لي والدتي انها خرجت كغيرها من النساء في ذلك الاستقبال ولم يكن عمري اربعين يوما. والغوص كانت له مكانة اقتصادية في تلك الايام، وكان العائد من الغوص هو والد أمي، لذا تركتني والدتي عند جدتي لأبي وذهبت لاستقبال أبيها، وقد كنت البنت الوحيدة للوالدين من بين خمسة أولاد، يخيم الهدوء على طبعي وتذكر لي والدتي انني منذ صغري وأنا سريعة البديهة وحسن التصرف فإذا نهتني عن ضار لا أعود الى فعله، وشخصيتي محبوبة من قبل الجميع صغارا وكبارا، وكنا نسكن في المنطقة الوسطى في فريج السبت وبالقرب من فريج السرحان.
الوالد
حين توفي جدي كان والدي يبلغ من العمر أربع سنوات ولم يكن له ولد سواه، فحزنت عليه جدتي حزنا شديدا، فهو كان من العلماء المشهورين وتسلم القضاء في منطقة الزبير واشتهر بالنزاهة بالحكم وتبحر في أحكام الشريعة وقد تتلمذ على يديه كثير من العلماء ومن أشهرهم عالم الكويت عبد الله بن خلف الدحيان.
الهند
وفي احد الايام جاء أخو جدتي عثمان واقترح عليها ان تذهب الى الهند حيث ان عائلة آل ابراهيم من العوائل الكويتية المقيمة بالهند ترغب (بالمطوعة) تختم لبناتها القرآن، فرشحت لتلك المهمة وأخذت ابنها معها وهو والدي عبد الملك الصالح وكان عمره نحو 5 سنوات ونصف السنة، فذهبت واستقبلها آل ابراهيم أحسن استقبال وأكرموها حيث كان استقبالا مليئا بالحفاوة والتقدير.
ومكثت عندهم تدرّس بناتهم القرآن الكريم وهم قاموا بتدريس ابنها مع أبنائهم في مدارس الهند فتعمل اللغة الانكليزية وأتقن الهندية الى جانب المواد التي تدرس في تلك المدارس في ذاك الوقت.
وحين بلوغه سبعة عشر عاما عاد الى منطقة الزبير وأخذ يتردد على علمائها أمثال الشيخ محمد العوجان والشيخ عبد الله بن حمود والشيخ ابن دايل، فأتقن الفقه للإمام أحمد بن حنبل ودرس اللغة العربية الى جانب تجويد القرآن الذي كان ملما به.
المباركية
وفي عام 1916 قدم الى الكويت فأختاره الشيخ يوسف بن عيسى الجناعي وهو حينئذ مديرا لمدرسة المبارية ليكون مدرسا بها لما يتمتع به من خبرات وإجادته لعدة لغات، ثم درس في مدرسة مع الشيخ عبد العزيز الرشيد بعد عدة سنوات اختير ليكون ناظرا لمدرسة الاحمدية حين انشائها، وحين تأسيس مجلس المعارف اختير ليكون أمينا لأعمال المعارف وفي عام 1940 حين تأسست المدرسة القبلية طلب اعفاءه لكي يدرس بها لأنه يعشق العلم وهو جزء من شخصية وحياته وظل يدرس فيها حتى عام 1946 حيث كانت وفاته.
الدراسة
بدأت دراستي عند جدتي (أم أبي) وهي مطوعة تسمى حصة عبدالرحمن الحنيف وقد تتلمذ على يديها الكثير من البنات في فريج السرحان حيث مدرسة جدتي التي أنشأتها في بيتها ولكن من حرص والدي ووالدتي على تعلمي أدخلاني عند المطوعة نورة اليحيى خشية من أن تدللني جدتي فلا استفيد منها شيئاً، فالدراسة كما هي معروفة ترغيب وترهيب.
الختمة
ومن شدة ذكائي أنني ختمت القرآن الكريم في أقل من عام واحد ترتيلاً وتلاوة وعمري آنذاك أربع سنوات، وقد كانت من عادات الماضي الجميل أن من يختم القرآن الكريم يعمل له (زفّة) فهو موكب احتفالي يحتفى بصاحبه لمن ختم القرآن الكريم.
ومن خشية والدتي عليَّ من الحسد لانني صغيرة في السن فكانت تقول انها اذا قرأت جزء يس أزفها بموكب ختمة... وقد استمررت عند المطوعة وأعيد وأكرر تلاوة القرآن الكريم حتى لا أنساه.
الكتب
والدي كانت عنده كتب كثيرة يستمد منها ثقافته، فكان هذا يساعدني على الاطلاع عليها ولفت النظر إليها، والبحث عن القراءة فيها فكنت اقرأ بعض الكتب وأتهجى الحروف في صغري هذا، ما جعل الوالد يعجب مني نظراً لنباهتي في الكتب والبحث فيها، فأحضر لي السبورة والطباشير لاتعلم، فسعدت لذلك الأمر، لأنه رأى فيّ الرغبة في التعلم رغم صغر سني ثم خصص لي وقتاً يعلمني القراءة والكتابة، بعد ذلك ألحقني عند إحدى المعلمات وهي (الملاية) وهي عائشة زوجة السيد عمر ومعها ابنتها زهرة فكانتا تعلمان البنات القراءة والكتابة ومبادئ الحساب والحياكة والتطريز الى جانب دراستي في هذه المدرسة الأهلية كان والدي يجلس معي أيام العطل وفي أوقات الفراغ يثقفني ويعلمني في كل ما يختص بالسيرة النبوية والتاريخ والجغرافيا والتجويد والشرح والأحاديث النبوية ومبادئ الحساب حتى مسك الدفتر درسني ياه والدي، وبهذا ارتقى مستواي العلمي وزادت حصيلتي العلمية حيث انني استمررت مع الوالد أكثر من ست سنوات.
أخرى
توقفت الأستاذة المعلمة عائشة عن التدريس هي وابنتها زهرة فأدخلني والدي عند معلمة أخرى وهي الاستاذة بدرية بنت مطرة بضعة أشهر، ثم ألحقني عند معلمة أخرى وهي مريم العسكر ايضاً بضعة اشهر، لكني لم انقطع التعليم عند والدي خلال هذه الفترة كان والدي ينظر الى مستقبل الفتاة الكويتية بنظرة تفاؤل، فلم تمض سنوات قليلة حتى فتحت اول مدرسة كويتية لتعليم البنات.
التدريس
جلبت ادارة المعارف مدرّستين عربيتين وكانوا في حاجة الى مدرسة ثالثة لتعليم البنات، حيث ان مستوى الفتيات اللاتي التحقن في اول مدرسة لتعليم البنات قسمن ثلاثة مستويات، فاجري اختبار لمن عند المدارس الأهلية من البنات لتكون مدرسة ثالثة، ففزت في ذلك الامتحان وطلب مني ان اكون مدرسة للصف التمهيدي أدرس القرآن والكتابة والقراءة رغم ان عمري لم يتناهز العاشرة كانت عندي رغبة شديدة في التدريس لانني كنت امارسه عند المدرسات المطوعات اللاتي درسنني في صغري الى جانب مساعدة زميلتي في التدريس في شرح الدرس وطريقة تعليم الحديث.
البداية
بدأ عملي بالتدريس 1937 - 1938 وقد صرف لي راتب قدره 30 روبية كان عمري عشر سنوات في المدرسة الوسطى وهي تقع قريباً من مدرسة المباركية فكانت عبارة عن منزل مستأجر من بيت المانع، واستمررت لمدة سنتين ثم انتقلت للمدرسة القبلية حيث دمجت بعد ذلك المدرسة الوسطى مع القبلية حينما استأجرت المعارف منزلاً كبيراً من السيد خلف النقيب واستمررت في التدريس لمدة عشر سنوات بعدها عينت ناظرة لمدرسة الزهراء وهي اول مدرسة نموذجية للبنات. وكنت بذلك اول ناظرة كويتية.
التقدير
كان المعلم والمعلمة لهما الاحترام والتقدير من قبل المجتمع والطالب وكان اولياء الامور يوصوننا بأبنائهم خيراً، ويأخذون برأي المعلمة بكثير من المواقف، وكانوا يقولون لنا لكم اللحم ولنا العظم، وعندما تأتيني ولية الأمر تقول لي: يا معلمة مريم ادبي بنتي وعلميها حتى تكون معلمة ناجحة مثلك... وكنت انا شخصية ممتازة ومحبوبة من تلميذاتي ولي اسلوب خاص وطرق جذابة استميل بها الطالبات وقد استمددت ذلك من شخصية والدي رحمه الله.
الدبلوم
بعد مضي سبع سنوات حصلت على اول شهادة تعليمية وهي شهادة دبلوم تربية نسوية قدمت عليها دراسة منزلية وحصلت عليها سنة 1945، فكان عندي إلمام بالكتب الدينية والعربية والقصصية وما ساعدني على ذلك كثرة القراءة والكتابة حيث لم يكن هناك تلفزيون وغيره.
وكان من أبرز تلميذاتي من بنات الكويت الأوليات كثيرات جداً فكل بنت الآن تتعلم إما درست أمها أو جدتها وقد مارست مهنة التعليم ما يزيد على ربع قرن.
الزهراء
بعد مضي عشر سنوات عندما كنت أول ناظرة في الكويت في مدرسة الزهراء، حقيقة أني كنت ناظرة وسكرتيرة ووكيلة وأمينة مخزن وكنت أدرس 12 حصة في الاسبوع كل يوم نحو حصتين لكن بعدما تزوجت وأنجبت طفلتين كانتا بحاجة إلى رعاية، فلم يكن في ذلك الوقت خدمات ولا وسيلة من وسائل الراحة الكهربائية ما يساعد على خدمة الأولاد والزوج فطلبت من إدارة المعارف التخلي عن النظارة والرجوع الى التدريس، حيث ان مهمة التدريس تتيح لي الخروج للمنزل ورعاية الأولاد، أما الناظرة فلابد من وجودها بالمدرسة من أول الدوام إلى آخره.
فطلبت من الوزارة اعادة التدريس وإلاّ قبول استقالتي فوافقوا على ذلك فاستمررت في التدريس حتى عام 1962 بعد ذلك كنت فاتحة خير للمرأة الكويتية لعملها في قطاع العمل الحكومي حيث طلب مني أن أكون أول من يعمل بالوزارة فعينت أول موظفة لشؤون الطلبة ثم رئيسة لقسم أحوال الموظفات ثم مراقبة لمكتب السيد الوكيل فعملت 25 سنة في التدريس و15 في الوزارة ثم قدمت طلب تقاعد عام 1982 ولم أتوقف عند هذا الأمر بل أسست مدرسة خاصة سميتها مدرسة جوهرة الصالح الأهلية أمارس فيها الاشراف على التعليم الذي هو كالماء والهواء بالنسبة لي وبه أخدم مهنة التعليم.
الذهب
لقد حصلت على جائزة الدولة الذهبية سنة 1969 وصدر لي مؤلفات نبذة عن حياتي والكويت في سطور وصفحات من تطور التعليمي الكويتي.