عبدالهادي مرتجى يروي لـ «الراي» مسيرة 36 عاماً في مدرسة الأغرار
الحياة العسكرية ... مصنع الرجال
... ومع الأولاد (تصوير زكريا عطية)
مع رفيقة دربه (زوجته) وابنتيه
مع حفيده وابنه
مع زملائه في مدرسة تدريب الجيش سنة 1960
عبدالهادي مرتجى يستعيد ذكرياته
سنة 1956
أمام مقر الورشة العسكرية سنة 1960
قائداً لفصيل عسكري في ساحة التدريب سنة 1962
الصورة التي أهداها له الرئيس جمال عبدالناصر سنة 1962
عبدالهادي مرتجى في لباسه العسكري
الحياة متعددة الطرق والمناحي كل له مسلك يتخذه هدفاً في حياته... عبدالهادي مرتجى اتخذ العسكرية منهج حياة يحدثنا اليوم عن مشواره فيها والذي بدأ به في سن مبكرة من عمره** ثم يتطرق الى التحاقه مدرباً في مدرسة التدريب بعدها يتطرق الى طريقته مع من يتولى تدريبهم وكيفية نقلهم من الحياة المدنية الى الحياة العسكرية احاديث شيقة وممتعة نقضيها معه فلنترك له ذلك.
أنا من غزة من نفس بلد الاشجعية وأبي منها وأمي من بلدة الزيتون ولم ادرك والدي فلقد توفي وكان عمري سنتين أما دراستي فكانت في مدارس غزة ونحن عندنا أرض زراعية لكن نحن نعتبر مدنيين وأول دراسة كانت عند شيخ على طريقة الكتاب ثم درست المرحلة الابتدائية وأنا حصلت على الصف السابع في مدرسة غزة التي كانت في حارة الزيتون... بعدها التحقت في الحياة العسكرية يوم كانت غزة تابعة إدارياً لمصر وعمري لم يتجاوز 18 عاماً وكان لي اقارب في الشرطة لكن انا حولت الى الجيش فدخلت الى الجيش عام 1953 في غزة وكان مدربونا جميعهم مصريين وعمل لي فحص طبي بعدها التحقت في الدورة المخصصة للملتحقين الجدد وتخرج مدرباً لمرحلة الفتوى التي كانت تتولى تدريب طلاب المدارس وكنت حين احتفالات 23 يوليو انتخب طلاب مميزين وذهبت بهم الى مصر لكي نشارك في العروض العسكرية في المدرسة الحسينية وبحضور القادة العسكريين المصريين.
الكويت
أنا كنت في الجيش مدربا للقوة الصاعقة ومهندسا للميدان وحين العدوان الثلاثي كنا نحن ابناء غزة الملتحقين في الجيش قوة انتحارية حتى نحافظ على مراكز القوة العسكرية واحتل اليهود غزة في ذلك الوقت واخذت تبحث عن العسكريين وقد اخبرنا مختار منطقتنا بخطر الوضع ونصحنا في الانسحاب من غزة نحن العسكريين فأخذت قوة من زملائي عددهم حوالي 23 وقلت سوف نخرق القوة الاسرائيلية ونذهب الى الأردن وفعلاً ذهبت مع القوة التي معي إلى الأردن في ليلة واحدة وصلنا الى الاردن وقت الفجر وقد تخلل مسيرتنا بعض الأحداث حيث عملنا عمليات عسكرية ضد اليهود فلما وصلنا الى جئنا الى بيت عوى في الأرض الأردنية واستقبلنا استقبالا مبهرا وقاموا في الواجب لنا وطلبنا منه ان يبلغوا الجيش العربي الأردني فعلا بلغوا الجيش الأردن وجاءنا بعدها قررت الذهاب الى اخي الذي كان في الكويت من عام 1953 وابلغته برغبتي في المجيء للكويت فأرسل لي تذكرة طائرة وجئت للكويت في يوم جمعة وكان المطار في ذلك الوقت في منطقة النزهة وحين وصولي ذهبت الى أخي في الامن العام لكي اجد أخي فسألت عنه فقالوا انه في مدرسة تدريب الجيش في جيوان ولما علموا انني اخ ابوزهير ادخلوني في المعسكر.
النظرة
حين دخولي مدرسة تدريب الجيش وكان ذلك حين وصولي عام 1956 رأيت قوة عسكرية تتدرب وامامها مدربون لها وكانوا في وضعية الرماية وقد كان مع غربي عمر مدرباً في ذلك الوقت انا رأيت احد العسكرين المتدربين وضعه غير سليم فأصلحت وضعه وجعلته في وضع الرماية الصحيح وأنا نسيت أنني في اللباس المدني لكن كوني مدرباً تصرفت هذا التصرف فنظر اليّ غربي عمر وقال «انت مدرب متمكن» ثم اخذني غربي عمر الى سليمان المدير وكان امر المدرسة فقال فك الرشاش فقلت هل اقوم بتفكيك الرشاش للشرح ام للتدريب ام بسرعة فلما رآني قال حقيقة انك ذكرتني بالمدربين المصريين الذين دربوني
الورشة
بعدما قابلت سليمان المدير ارسلني الى الورشة العسكرية حيث عمل لي اختبارا اخر على الاسلحة العسكرية لكن كوني مدربا لم اجد اي معوق صعوبة بل قلت لمن يريد اختباري اختر اي طريقة تريد فأنا ملم بجميع التدريبات فقال فك الرشاش فك سرعة وعادي وفي السرعة استطعت تفكيك الرشاش في 30 ثانية بل في اقل من ذلك ايضا في 15 ثانية وقد انبهر الحضور من الشيوخ الشيخ صالح والشيخ مبارك والقادة في هذا الامر وقال سليمان المدير بسم الله بسم الله ثم أمروني ان اعيد فك الرشاش وانا في حال اغماض البصر وفعلا وانا مغمض البصر ولا ارى فككت الرشاس في السرعة نفسها بعدها على الفور ذهبت مدربا في مدرسة التدريب وكان من زملائي غازي عرادة وغربي عمر وحلو فياض وخالد عقاب الاشهب وخالد الصخري وعبدالعزيز الدوسري وغازي غزاي وكثير من المدربين.
المناورة
اذكر اننا خرجنا الى مناورة في منطقة الالياح وكنا مجموعة الوحدات وكل يضع له موقع خطة عسكرية وكان معي في القوة التي كنت بها وجيه مدني الله يرحمه فقال للضباط الذين معنا انني واضع ثقتي كلها في عبدالهادي وهو سوف يقوم بوضع الخطة العسكرية للمناورة والدفاعية لها فهو الذي سوف يختار الموقع لنا مع التمويه فنحن مع عبدالهادي ذهبت واخترت موقعا مرتفعا وحفرت الخنادق ورسمت الخرائط العسكرية لكل الخنادق ووزعت القوة العسكرية على حسب الخطة التي وضعتها لذلك فصار هذا الموقع افضل موقع عسكري خنادق عسكرية تمويهية من شجر ونحوه واكياس رمل تعبت في ذلك العمل وحضر الشيخ مبارك عبدالله الجابر الصباح رئيس الاركان فقال وجيه مدني للشيخ مبارك الصباح ان هذا العمل المميز لم يقم به إلا الرقيب عبدالهادي مرتجى.
التدريب
لما التحقت بقوة التدريب في المدرسة العسكرية انيط بي جميع التدريبات العسكرية في مدرسة التدريب وانا مطبق للعسكرية بحذافيرها والمتدربون من العساكر يختلفون عن بعض فهم مثل اصابع اليد لكن انا كنت مع الجميع اطبق النظام العسكري والامر الذي اعطيه ينفذ ويطبق ولا ارضى الخطأ المخالف للعسكرية واتولى تدريب الحركات والسلاح والميدان وكان بعض المتدربين يأتي حتى اللباس لا يعرف كيفية ارتدائه ويجهلون كثيرا من امور الحياة كنت انا اوجه وأدرب واعلم كل شيء يخص الحياة العسكرية ويحتاجه الفرد العسكري في حياته فلا اتردد بالنصح والتوجيه، والمدرب مثل المرآة بالنسبة للعسكر الجدد الذين يطلق عليهم اغرار اي متدربون جدد فما يعمل المدرب هم يقلدونه ويعملون مثله.
الأمثال
كنت اضرب امثالا للمتدربين وذات يوم قابلني احد العسكر الذين انخرطوا في السلك العسكري وقال لا انسى كلمتك حينما قلت لنا «اذا نظف السلاح نظافة تامة واعتنينا به اعتناء تاما يعطي نارا قوية ويرفع الروح المعنوية».
الضباط
دخل عندنا في مدرسة التدريب مجموعة من حملة الشهادات وابناء أسرة «الصباح» فأوصى الشيخ مبارك العبدالله ان أتولى تدريبهم وقال لي «لا احد يتخرج منه إلا وقد اصبح لائقا عسكرياً، وأنا أمرت في أن تتولى تدريبهم واذا خاطبك احد قل الأمر من الشيخ مبارك فعلاً توليت تدريبهم وطبقت عليهم التدريبات العسكرية ولم يمض وقت حتى اصبحوا يتقنون الحركات العسكرية واجساهم رشيقة ولياقتهم عالية.
الترقي
بعدما كنت مدربا ارتقيت الى رئيس مدربين وقد دربت كثيرا من القادة العسكريين منهم الشيخ سالم الحمود والشيخ جابر الحمود والشيخ فهد الاحمد والشيخ منصور الاحمد والشيخ علي صباح السالم والوزير الدكتور محمد العفاسي وداود الغانم ولم يكن في ذلك الوقت كلية عسكرية لم تنشأ ولذلك كانوا يتدربون في المدرسة العسكرية فأنا دربتهم على كل شيء يخص العسكرية من حركات وسلاح وكانوا يتدربون دورة مرشحين، من رقيب يدخل دورة مرشحين للضباط وكان رئيس المدرسة في اول التحاقي فايز الخضراء وقد اخذت اترقى بالرتب العسكرية حتى حزت رتبة وكيل اول وقضيت 36 عاما مدربا في مدرسة الاغرار من 1957/4/1 حتى 1988.
قاسم
حين ازمة قاسم توليت عمل هندسة الخنادق العسكرية واشرفت على جميع الخنادق التي جهزت خلال هذه الازمة رغم صعوبة الجو، حيث كان قيظا والحر شديدا لم يكن يثنينا عن عملنا وأشرفت على جميع الخنادق وجهزتها.
تطور الجيش خلال المدة الطويلة التي قضيتها واصبحت هناك وحدات كثيرة وألوية ومعسكرات ودورات داخلية وخارجية وكلية ضباط ومدارس تدريب.
الحرب
شارك الجيش الكويتي في حربي 1967 و1973 وحرب الاستنزاف لكن انا لم اذهب مع هذه القوة وقد حاولت كثيرا لكن كوني مدربا لم يسمح لي بذلك فلقد قال لي المسؤولون بدل العسكري 20 عسكريا لكن انت بما انك مدرب من يكون بدل منك كنت انا وزميلي عبدالله كنا مسؤولين عن التدريب ولم يسمح لنا فأنا وكيل قوة ورئيس المدربين فكان لا يسمح لي الذهاب.
الفتوة
كان نظام الفتوة يعمل به في الكويت وهو مطبق في المدارس للمراحل الثانوية وبما انني صاحب خبرة في هذا النظام تم اختياري للعمل به وقد دربت طلاب الثانوية وطلاب الجامعة وأذكر اول ما دربت هربوا من التدريب حينما توليت تدريبهم ولم يبق معي منهم الا الشيخ علي الصباح رحمه الله.
التهيئة
اول ما يلتحق العسكري نهيئه للعمل حيث نقوم بإلقاء محاضرة على جميع المتدربين العساكر الجدد «الاغرار» ونعلم الضبط والربط وكيفية اللباس العسكري ثم تأتي مراحل الحركات والتدريبات العسكرية وكان هناك منافسة بين الفصائل والمدربين وهذا تشجيع بين العسكر... كان تدريب العسكري 4 اشهر ويخرج العسكري متدربا ولا يتخرج الا من هو متقن جميع علوم العسكري التي تدرب بها.
المعاصرة
انا عاصرت كثيرا من الأمار والقادة والضباط وتطور الجيش وكثير من الضباط كانوا تلاميذي، كنت اصفر السلاح بإتقان وحتى العسكري الذي لا يحسن الرماية اذا صفرت سلاحا اصاب الهدف وكان اذا حصلت معضلة في تصفير السلاح يأتون اليّ.
وأول راتب لي كان 1200 روبية، وكل اسلحة جديدة كنا نتدرب عليها ما هو جديد كنا نتعلم ونتدرب عليه
الراتب
كانت اذا حصلت مشكلة انا أتولى حلها ولا أرفعها للقادة اذكر كان يوم خميس وهو خروج المتدربين من العسكر الجدد وقد قبضوا رواتبهم فإذا بأحدهم يأتي اليّ ويخبرني انه فقد راتبه فأمرت الفصائل بالاصطفاف من اجل الخروج والطلعة الى اهاليهم وكانوا اكثر من ثلاثة فصائل فقلت لهم لن يخرج احد منكم وسوف اقوم بحجزكم جميعا وانتم تعرفون من «عبد الهادي» سوف اعطيكم انصراف عشر ثوانٍ ثم جمعتهم فإذا بظرف الراتب مرمي على الارض ثم جمعتهم مرة اخرى ومررت على الطابور العسكري وعرفت من اخذ الظرف من عينه وقمت بنصحه وقد قال لي أن الشيطان قد أغواه.
جمال
كان لي صديق هنا في الكويت اعطاني رسالة خاصة للرئيس جمال عبدالناصر فذهب إليه في مقر الرئاسة المصرية حيث سكنه ومعي الرسالة التي اعطاينها صديقي وهو مسؤول كبير وقابلت الرئيس وصورت معه.
وقد جلست معه واعطاني هدية ثلاثة كتب منها فلسفة الثورة وكذلك صورة له مع أولاده وأنا كنت في اجازة من دوامي وأنوي السفر الى غزة ومعي زوجتي فلما علم صديقي عن سفري قال سوف ارسل معك حاجة الى الرئيس جمال عبدالناصر فذهبت اليه في قصر القبة واستقبلني استقبالاً ممتازاً وسألني عن الاحوال وسمعت الجيش المصري... لقد كان انساناً متواضعاً جداً وانساناً رائعاً كأنني اجلس مع شخص عادي ليس رئيساً.
البرادات
كان الماء المتوافر في ساحة التدريب يوضع في الحب وبعد تدريب الاغرار يذهبون ويشربون منه وبطبع يكون حارا من عوامل الجو وذات يوم فإذا في الشيخ مبارك العبد الله الصباح يأتي للمدرسة التدريب فذهبت اليه وشرحت له الوضع القائم عندنا وان مدارس التربية جميعها بها برادات للماء ونحن هناك مدرسة عسكرية وفي نفس اليوم تم توفير برادات في ساحة التدريب.
التعليم
العسكرية علمتني الرجولة والاحترام وكيفية التعليم وسعة الصدر وتعامل مع أنماط الناس فهي مصنع رجال. حصلت على رتبة وكيل سنة 1968 وظللت أقدم وكيل في المدرسة العسكرية وكان المتدربون يقولون لي حين أتى في ساحة التدريب يقول جاكم «الذيب».
المسابقة
جاءنا وفد انكليزي عسكري زائر لمدرسة التدريب وقد حصل بيننا وبينهم مسابقة في الرماية والفك والتركيب وحصل ذلك في سلاحهم الذي كان معهم وقد حزت على المراكز الاولى الانكليز كانوا قد استبدلوا «السبطانة» فوهة البندقية وأنا من خبرتي عرفت ذلك وفزت عليهم وكرمت من قبل الشيخ مبارك الصباح وأعطاني المسدس الذهبي فأنا في الدورات كنت احصل على المراكز الاولى وكرموني بالاوسمة العسكرية والشهادات.
الأبناء
التحق ابنائي في السلك العسكري حيث قلت للمسؤولين انا أدرب العسكر جميعهم ولا أدرب أولادي وفعلا التحقوا أولادي في السلك العسكري. سكنت الجهراء يوم كانت قرية صغيرة وكنا مع أهلها أسرة واحدة بعدها سكنا في كيفان في بيت محمد محماس الدوسري وكان من خيرة الجيران بعد ذلك سكنا في خيطان.
رفع العلم
أبنائي هم اول من رفعوا العلم الكويتي في التحرير حيث رفعوا العلم على مخفر خيطان وتسلموا النقط التي كانت في المخفر وكان ذلك الساعة الثالثة صباحا توجه أولادي سامي وأيمن ونبيل ومعهم هوياتهم العسكرية الكويتية وتسلموا المخفر حتى جاءت قوة التحالف وتسلمت المخفر فلقد اخبروني الاولاد ان القوة العراقية تحركت فقلت اي اتجاه فقالوا نحو الشمال فقلت لهم «لقد اندحر وانسحب» فأنا عرفت ذلك من خبرتي العسكرية وبعد ساعتين ذهب أولادي للمخفر ورفعوا العلم الكويتي فهم اول من رفعوا العلم الكويتي في خيطان ورفعهم للعلم كان الساعة الثالثة صباحا، وبعد ذلك سلموا سلاحهم.
أنا من غزة من نفس بلد الاشجعية وأبي منها وأمي من بلدة الزيتون ولم ادرك والدي فلقد توفي وكان عمري سنتين أما دراستي فكانت في مدارس غزة ونحن عندنا أرض زراعية لكن نحن نعتبر مدنيين وأول دراسة كانت عند شيخ على طريقة الكتاب ثم درست المرحلة الابتدائية وأنا حصلت على الصف السابع في مدرسة غزة التي كانت في حارة الزيتون... بعدها التحقت في الحياة العسكرية يوم كانت غزة تابعة إدارياً لمصر وعمري لم يتجاوز 18 عاماً وكان لي اقارب في الشرطة لكن انا حولت الى الجيش فدخلت الى الجيش عام 1953 في غزة وكان مدربونا جميعهم مصريين وعمل لي فحص طبي بعدها التحقت في الدورة المخصصة للملتحقين الجدد وتخرج مدرباً لمرحلة الفتوى التي كانت تتولى تدريب طلاب المدارس وكنت حين احتفالات 23 يوليو انتخب طلاب مميزين وذهبت بهم الى مصر لكي نشارك في العروض العسكرية في المدرسة الحسينية وبحضور القادة العسكريين المصريين.
الكويت
أنا كنت في الجيش مدربا للقوة الصاعقة ومهندسا للميدان وحين العدوان الثلاثي كنا نحن ابناء غزة الملتحقين في الجيش قوة انتحارية حتى نحافظ على مراكز القوة العسكرية واحتل اليهود غزة في ذلك الوقت واخذت تبحث عن العسكريين وقد اخبرنا مختار منطقتنا بخطر الوضع ونصحنا في الانسحاب من غزة نحن العسكريين فأخذت قوة من زملائي عددهم حوالي 23 وقلت سوف نخرق القوة الاسرائيلية ونذهب الى الأردن وفعلاً ذهبت مع القوة التي معي إلى الأردن في ليلة واحدة وصلنا الى الاردن وقت الفجر وقد تخلل مسيرتنا بعض الأحداث حيث عملنا عمليات عسكرية ضد اليهود فلما وصلنا الى جئنا الى بيت عوى في الأرض الأردنية واستقبلنا استقبالا مبهرا وقاموا في الواجب لنا وطلبنا منه ان يبلغوا الجيش العربي الأردني فعلا بلغوا الجيش الأردن وجاءنا بعدها قررت الذهاب الى اخي الذي كان في الكويت من عام 1953 وابلغته برغبتي في المجيء للكويت فأرسل لي تذكرة طائرة وجئت للكويت في يوم جمعة وكان المطار في ذلك الوقت في منطقة النزهة وحين وصولي ذهبت الى أخي في الامن العام لكي اجد أخي فسألت عنه فقالوا انه في مدرسة تدريب الجيش في جيوان ولما علموا انني اخ ابوزهير ادخلوني في المعسكر.
النظرة
حين دخولي مدرسة تدريب الجيش وكان ذلك حين وصولي عام 1956 رأيت قوة عسكرية تتدرب وامامها مدربون لها وكانوا في وضعية الرماية وقد كان مع غربي عمر مدرباً في ذلك الوقت انا رأيت احد العسكرين المتدربين وضعه غير سليم فأصلحت وضعه وجعلته في وضع الرماية الصحيح وأنا نسيت أنني في اللباس المدني لكن كوني مدرباً تصرفت هذا التصرف فنظر اليّ غربي عمر وقال «انت مدرب متمكن» ثم اخذني غربي عمر الى سليمان المدير وكان امر المدرسة فقال فك الرشاش فقلت هل اقوم بتفكيك الرشاش للشرح ام للتدريب ام بسرعة فلما رآني قال حقيقة انك ذكرتني بالمدربين المصريين الذين دربوني
الورشة
بعدما قابلت سليمان المدير ارسلني الى الورشة العسكرية حيث عمل لي اختبارا اخر على الاسلحة العسكرية لكن كوني مدربا لم اجد اي معوق صعوبة بل قلت لمن يريد اختباري اختر اي طريقة تريد فأنا ملم بجميع التدريبات فقال فك الرشاش فك سرعة وعادي وفي السرعة استطعت تفكيك الرشاش في 30 ثانية بل في اقل من ذلك ايضا في 15 ثانية وقد انبهر الحضور من الشيوخ الشيخ صالح والشيخ مبارك والقادة في هذا الامر وقال سليمان المدير بسم الله بسم الله ثم أمروني ان اعيد فك الرشاش وانا في حال اغماض البصر وفعلا وانا مغمض البصر ولا ارى فككت الرشاس في السرعة نفسها بعدها على الفور ذهبت مدربا في مدرسة التدريب وكان من زملائي غازي عرادة وغربي عمر وحلو فياض وخالد عقاب الاشهب وخالد الصخري وعبدالعزيز الدوسري وغازي غزاي وكثير من المدربين.
المناورة
اذكر اننا خرجنا الى مناورة في منطقة الالياح وكنا مجموعة الوحدات وكل يضع له موقع خطة عسكرية وكان معي في القوة التي كنت بها وجيه مدني الله يرحمه فقال للضباط الذين معنا انني واضع ثقتي كلها في عبدالهادي وهو سوف يقوم بوضع الخطة العسكرية للمناورة والدفاعية لها فهو الذي سوف يختار الموقع لنا مع التمويه فنحن مع عبدالهادي ذهبت واخترت موقعا مرتفعا وحفرت الخنادق ورسمت الخرائط العسكرية لكل الخنادق ووزعت القوة العسكرية على حسب الخطة التي وضعتها لذلك فصار هذا الموقع افضل موقع عسكري خنادق عسكرية تمويهية من شجر ونحوه واكياس رمل تعبت في ذلك العمل وحضر الشيخ مبارك عبدالله الجابر الصباح رئيس الاركان فقال وجيه مدني للشيخ مبارك الصباح ان هذا العمل المميز لم يقم به إلا الرقيب عبدالهادي مرتجى.
التدريب
لما التحقت بقوة التدريب في المدرسة العسكرية انيط بي جميع التدريبات العسكرية في مدرسة التدريب وانا مطبق للعسكرية بحذافيرها والمتدربون من العساكر يختلفون عن بعض فهم مثل اصابع اليد لكن انا كنت مع الجميع اطبق النظام العسكري والامر الذي اعطيه ينفذ ويطبق ولا ارضى الخطأ المخالف للعسكرية واتولى تدريب الحركات والسلاح والميدان وكان بعض المتدربين يأتي حتى اللباس لا يعرف كيفية ارتدائه ويجهلون كثيرا من امور الحياة كنت انا اوجه وأدرب واعلم كل شيء يخص الحياة العسكرية ويحتاجه الفرد العسكري في حياته فلا اتردد بالنصح والتوجيه، والمدرب مثل المرآة بالنسبة للعسكر الجدد الذين يطلق عليهم اغرار اي متدربون جدد فما يعمل المدرب هم يقلدونه ويعملون مثله.
الأمثال
كنت اضرب امثالا للمتدربين وذات يوم قابلني احد العسكر الذين انخرطوا في السلك العسكري وقال لا انسى كلمتك حينما قلت لنا «اذا نظف السلاح نظافة تامة واعتنينا به اعتناء تاما يعطي نارا قوية ويرفع الروح المعنوية».
الضباط
دخل عندنا في مدرسة التدريب مجموعة من حملة الشهادات وابناء أسرة «الصباح» فأوصى الشيخ مبارك العبدالله ان أتولى تدريبهم وقال لي «لا احد يتخرج منه إلا وقد اصبح لائقا عسكرياً، وأنا أمرت في أن تتولى تدريبهم واذا خاطبك احد قل الأمر من الشيخ مبارك فعلاً توليت تدريبهم وطبقت عليهم التدريبات العسكرية ولم يمض وقت حتى اصبحوا يتقنون الحركات العسكرية واجساهم رشيقة ولياقتهم عالية.
الترقي
بعدما كنت مدربا ارتقيت الى رئيس مدربين وقد دربت كثيرا من القادة العسكريين منهم الشيخ سالم الحمود والشيخ جابر الحمود والشيخ فهد الاحمد والشيخ منصور الاحمد والشيخ علي صباح السالم والوزير الدكتور محمد العفاسي وداود الغانم ولم يكن في ذلك الوقت كلية عسكرية لم تنشأ ولذلك كانوا يتدربون في المدرسة العسكرية فأنا دربتهم على كل شيء يخص العسكرية من حركات وسلاح وكانوا يتدربون دورة مرشحين، من رقيب يدخل دورة مرشحين للضباط وكان رئيس المدرسة في اول التحاقي فايز الخضراء وقد اخذت اترقى بالرتب العسكرية حتى حزت رتبة وكيل اول وقضيت 36 عاما مدربا في مدرسة الاغرار من 1957/4/1 حتى 1988.
قاسم
حين ازمة قاسم توليت عمل هندسة الخنادق العسكرية واشرفت على جميع الخنادق التي جهزت خلال هذه الازمة رغم صعوبة الجو، حيث كان قيظا والحر شديدا لم يكن يثنينا عن عملنا وأشرفت على جميع الخنادق وجهزتها.
تطور الجيش خلال المدة الطويلة التي قضيتها واصبحت هناك وحدات كثيرة وألوية ومعسكرات ودورات داخلية وخارجية وكلية ضباط ومدارس تدريب.
الحرب
شارك الجيش الكويتي في حربي 1967 و1973 وحرب الاستنزاف لكن انا لم اذهب مع هذه القوة وقد حاولت كثيرا لكن كوني مدربا لم يسمح لي بذلك فلقد قال لي المسؤولون بدل العسكري 20 عسكريا لكن انت بما انك مدرب من يكون بدل منك كنت انا وزميلي عبدالله كنا مسؤولين عن التدريب ولم يسمح لنا فأنا وكيل قوة ورئيس المدربين فكان لا يسمح لي الذهاب.
الفتوة
كان نظام الفتوة يعمل به في الكويت وهو مطبق في المدارس للمراحل الثانوية وبما انني صاحب خبرة في هذا النظام تم اختياري للعمل به وقد دربت طلاب الثانوية وطلاب الجامعة وأذكر اول ما دربت هربوا من التدريب حينما توليت تدريبهم ولم يبق معي منهم الا الشيخ علي الصباح رحمه الله.
التهيئة
اول ما يلتحق العسكري نهيئه للعمل حيث نقوم بإلقاء محاضرة على جميع المتدربين العساكر الجدد «الاغرار» ونعلم الضبط والربط وكيفية اللباس العسكري ثم تأتي مراحل الحركات والتدريبات العسكرية وكان هناك منافسة بين الفصائل والمدربين وهذا تشجيع بين العسكر... كان تدريب العسكري 4 اشهر ويخرج العسكري متدربا ولا يتخرج الا من هو متقن جميع علوم العسكري التي تدرب بها.
المعاصرة
انا عاصرت كثيرا من الأمار والقادة والضباط وتطور الجيش وكثير من الضباط كانوا تلاميذي، كنت اصفر السلاح بإتقان وحتى العسكري الذي لا يحسن الرماية اذا صفرت سلاحا اصاب الهدف وكان اذا حصلت معضلة في تصفير السلاح يأتون اليّ.
وأول راتب لي كان 1200 روبية، وكل اسلحة جديدة كنا نتدرب عليها ما هو جديد كنا نتعلم ونتدرب عليه
الراتب
كانت اذا حصلت مشكلة انا أتولى حلها ولا أرفعها للقادة اذكر كان يوم خميس وهو خروج المتدربين من العسكر الجدد وقد قبضوا رواتبهم فإذا بأحدهم يأتي اليّ ويخبرني انه فقد راتبه فأمرت الفصائل بالاصطفاف من اجل الخروج والطلعة الى اهاليهم وكانوا اكثر من ثلاثة فصائل فقلت لهم لن يخرج احد منكم وسوف اقوم بحجزكم جميعا وانتم تعرفون من «عبد الهادي» سوف اعطيكم انصراف عشر ثوانٍ ثم جمعتهم فإذا بظرف الراتب مرمي على الارض ثم جمعتهم مرة اخرى ومررت على الطابور العسكري وعرفت من اخذ الظرف من عينه وقمت بنصحه وقد قال لي أن الشيطان قد أغواه.
جمال
كان لي صديق هنا في الكويت اعطاني رسالة خاصة للرئيس جمال عبدالناصر فذهب إليه في مقر الرئاسة المصرية حيث سكنه ومعي الرسالة التي اعطاينها صديقي وهو مسؤول كبير وقابلت الرئيس وصورت معه.
وقد جلست معه واعطاني هدية ثلاثة كتب منها فلسفة الثورة وكذلك صورة له مع أولاده وأنا كنت في اجازة من دوامي وأنوي السفر الى غزة ومعي زوجتي فلما علم صديقي عن سفري قال سوف ارسل معك حاجة الى الرئيس جمال عبدالناصر فذهبت اليه في قصر القبة واستقبلني استقبالاً ممتازاً وسألني عن الاحوال وسمعت الجيش المصري... لقد كان انساناً متواضعاً جداً وانساناً رائعاً كأنني اجلس مع شخص عادي ليس رئيساً.
البرادات
كان الماء المتوافر في ساحة التدريب يوضع في الحب وبعد تدريب الاغرار يذهبون ويشربون منه وبطبع يكون حارا من عوامل الجو وذات يوم فإذا في الشيخ مبارك العبد الله الصباح يأتي للمدرسة التدريب فذهبت اليه وشرحت له الوضع القائم عندنا وان مدارس التربية جميعها بها برادات للماء ونحن هناك مدرسة عسكرية وفي نفس اليوم تم توفير برادات في ساحة التدريب.
التعليم
العسكرية علمتني الرجولة والاحترام وكيفية التعليم وسعة الصدر وتعامل مع أنماط الناس فهي مصنع رجال. حصلت على رتبة وكيل سنة 1968 وظللت أقدم وكيل في المدرسة العسكرية وكان المتدربون يقولون لي حين أتى في ساحة التدريب يقول جاكم «الذيب».
المسابقة
جاءنا وفد انكليزي عسكري زائر لمدرسة التدريب وقد حصل بيننا وبينهم مسابقة في الرماية والفك والتركيب وحصل ذلك في سلاحهم الذي كان معهم وقد حزت على المراكز الاولى الانكليز كانوا قد استبدلوا «السبطانة» فوهة البندقية وأنا من خبرتي عرفت ذلك وفزت عليهم وكرمت من قبل الشيخ مبارك الصباح وأعطاني المسدس الذهبي فأنا في الدورات كنت احصل على المراكز الاولى وكرموني بالاوسمة العسكرية والشهادات.
الأبناء
التحق ابنائي في السلك العسكري حيث قلت للمسؤولين انا أدرب العسكر جميعهم ولا أدرب أولادي وفعلا التحقوا أولادي في السلك العسكري. سكنت الجهراء يوم كانت قرية صغيرة وكنا مع أهلها أسرة واحدة بعدها سكنا في كيفان في بيت محمد محماس الدوسري وكان من خيرة الجيران بعد ذلك سكنا في خيطان.
رفع العلم
أبنائي هم اول من رفعوا العلم الكويتي في التحرير حيث رفعوا العلم على مخفر خيطان وتسلموا النقط التي كانت في المخفر وكان ذلك الساعة الثالثة صباحا توجه أولادي سامي وأيمن ونبيل ومعهم هوياتهم العسكرية الكويتية وتسلموا المخفر حتى جاءت قوة التحالف وتسلمت المخفر فلقد اخبروني الاولاد ان القوة العراقية تحركت فقلت اي اتجاه فقالوا نحو الشمال فقلت لهم «لقد اندحر وانسحب» فأنا عرفت ذلك من خبرتي العسكرية وبعد ساعتين ذهب أولادي للمخفر ورفعوا العلم الكويتي فهم اول من رفعوا العلم الكويتي في خيطان ورفعهم للعلم كان الساعة الثالثة صباحا، وبعد ذلك سلموا سلاحهم.