منى فهد عبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / نقطة... ومن ثَم سطر جديد!

تصغير
تكبير
| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |

هناك إجماع كويتي على أن الأمة الكويتية تعاني من مشكلات عدة، طال أمدها، وتلك المشكلات متعددة الجوانب والوجوه، وجرى سجال حاد بين المهتمين بالإصلاح لسنوات مماثلة للمشكلات، محاولة منهم القبض على البداية الصحيحة للتغيير والحل والعلاج. وكما هو متعارف عليه يتحيز كل فريق إلى تخصصه، واعتقاد بأن البداية الحقيقية في الإصلاح تكون من مجال التخصص، فالسياسيون يعتقدون أن البداية تكون في إصلاح السياسة، والشرعيون يرون الالتزام بأحكام الشريعة هو البداية، والتربويون يعتقدون أنه ما لم ينشأ جيل جديد قد ربي التربية الصحيحة، فإن الأمل في الإصلاح وتحسن الأحوال معدوم. وهكذا....

يقول فرانك أنلو «راقب أفكارك فإنها تتحول إلى كلمات، راقب كلماتك فإنها تصبح أفعالاً، راقب أفعالك فإنها تتحول إلى عادات، راقب عاداتك فإنها تصبح طباعاً. راقب طباعك فإنها ظلال مصيرك». أي أننا لا نستطيع أن نعالج أي مشكلة في أي جانب من جوانب الحياة من دون تفكير صحيح قادر على تصور المشكلة ورؤية أسبابها وجذورها وصلبها وهوامشها وتناقضاتها الداخلية وعلاقاتها التبادلية مع غيرها إلا من خلال الفكر وحده. فإصلاح الجوانب الحياتية المختلفة ومنها الالتزام والاستقامة متوقف على إصلاح الفكر، على حين أن إصلاح الفكر لا يتوقف على أي شيء آخر، ما يعطيه أولوية البدء.

وللثقافة الأثر الأكبر في استقامة التفكير واعوجاجه. فحين تكون البنى الثقافية أقرب إلى السلامة والفعالية فإنها تساعد إمكاناتنا العقلية على إنتاج الأفكار القويمة والبنّاءة من خلال المعطيات والمدخلات التي تقدمها لها. لكل شعب من شعوب الأرض ثقافة خاصة به، وحين تكون هذه الثقافة متأزمة أو ضامرة فإن الأحكام العقلية تكون أقرب إلى الخطل والاعوجاج، كما أن الثقافات البعيدة عن تيار الحضارة المتدفقة لا تستطيع أن تؤسس روح المدنية، ولا بناء مناخاتها الصحية، كما أنها لا تستطيع أن تقدم المهايا والموارد التي تساعد أدمغتنا على إنتاج الفكر المنهجي والمنطقي القويم.

إن علينا أن نصرّ على النجاح في عالم الأفكار، لأن كل ما نملكه من ثروات سوف يكون محدود الفائدة إذا لم نستطع أن نقدم الأفكار التي تصلح شأننا الحضاري كله....... وعلينا أن نحمي مبادئنا، وأن نقاوم كل المخربين لأفكارنا مهما كان شأنهم، ونضع منهجية للتعامل مع مشكلاتنا التي نواجهها في المجتمع من خلال الأفكار الإصلاحية، وتقوم هذه المنهجية على تجزئة المشكلات الكبرى إلى وحدات صغيرة، ثم تصنيفها إلى ما هو أساسي وهامشي، ثم تبديل مواقع العناصر الفاعلة في تلك المشكلة بغية الوصول إلى علاقات ووحدات ووظائف جديدة، حتى نتمكن في النهاية من السيطرة على المشكلة وحلها.

إن العظماء يدركون قيمة الأفكار ونفعها بقطع النظر عن مدى انتشارها والقائلين بها. لذا دعونا نضع نقطة ونبدأ بسطور جديدة تبلور قوانين التفكير الراشد، وتبرز سمات التفكير المعوج، ونمتلك الحساسيات المنطقية والثقافية التي تدفعنا إلى أن نبني تسلسلات دقيقة من الأسباب التحليلية التي توصلنا إلى نتائج ومعايير ينتهي عندها الجدل ويبدأ العمل، وننشر ثقافة (ثم ماذا)، ليأتينا الإصلاح من حيث لا نحتسب.





[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي