منى فهد عبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / أصداء الصرخات...!

تصغير
تكبير
| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |

تعيش أغلب الأمم في خضم صراع الاستراتيجيات، بمشاريع تقسيم وترسيم الحدود في ما بينها، ووسط هذه المعاناة التي تعاني منها معظم الدول، بما فيها الكويت، يبقى صراع التخلي عن القيم الثابتة والمطردة في ديننا وتجاوزها بسلوكيات تهوي بنا إلى الهاوية، أهم بكثير من تلك الحدود المنتظرة لتقسيمها وترسيمها، ليأخذ كل ذي حق حقه.

أشعر بأننا وصلنا لمرحلة لا جدوى للمداهنة والطبطبة فيها، نعيش ببلد الذهب الأسود، الذي يجلب المال والعمال وكل متطلبات الحياة في زمننا هذا، ولكن بعد ما بلغ السيل زبدا في التنازل عن القيم والمبادئ والمفاهيم التي تربينا وترعرعنا عليها لا يمكن أن ندير ظهورنا ونسكت عنها، اعتقد بأنها قد ولّت وانتهت مرحلة (السين) بالتسويف والتأميل لأننا لا يمكن أن نعمر ونبني أوطانا، ونحن نقول ونكتب سننشئ، سنعمر، سنبني، سنطور، سنرتقي، س....، س.....، من دون تطبيق عملي يقضي على (السين) التي تبرأت من أقوالنا بعد ما أضحت شعارات من دون سلوكيات.

ومن خلال تجربة قصيرة عشتها خلال الأيام الماضية رأيت فيها العديد من العبر والنماذج الحسنة والسيئة، كانت تجربتي تلك بمستشفى الأميري الحكومي، لن أكتب عن قلة الأَسرة في المستشفى التي كانت نتيجة حتمية لترك المرضى بالممرات للفرجة، ولا عن سوء المعاملة من بعض أفراد الهيئة التمريضية والإدارية، ولا عن تدني مستوى النظافة في مشفى يفترض أن تكون نظافته تفوق المعايير المتعارف عليها عالميا.

إن أغلب أفراد المجتمع إن لم يكن الكل متجه نحو التنمية البشرية والذاتية، بالمشاركة في الدورات وورش العمل والمحاضرات والندوات، لاكتساب المهارات والخبرات والمعرفة، ولطالما نحن نمر بعصر الحداثة، والانفتاح على الأفكار والمفاهيم الجديدة، ونحاول جاهدين أن نوظفها في حياتنا لنرتقي بطريقة وأسلوب منهجنا مع أنفسنا ومع الآخرين، أليس من الأجدر أن يكون للوالدين نصيب وحظ وافر من هذه المهارات والعلوم التي نسعى خلفها لنحسن من جودة الحياة لدينا في جميع جوانبها ومجالاتها؟!

من منا لا يعرف ماذا تعني كلمة (مهارة)؟! إنها إتقان الشيء وترجمته بسلوك مميز غير تقليدي، يشعرك بالتطور والارتقاء والرضا عما تمارسه في حياتك من واجبات وحقوق تؤديها، ويشعر الآخرون بأنك إنسان متميز بطريقة توظيف واجباتك على أرض الواقع، فلماذا لا تكتسب وتمتلك مهارة بر الوالدين، وتتفنن في برهما، وتتميز بأسلوبك ومنهجك الخاص في طريقة برك لهما، لن أخاطبك بلغة الابنة البارة بوالديها، استسلاما وتسليما لأوامر الله جل جلاله، بل سأخاطبك بصفة المهتمة بالتنمية الذاتية الشاملة، وساعية للحصول على علامة الجودة في مواصفات الشخصية المثالية، من هنا سأنطلق وأقول لكل من لديه والدان أو أحدهما، هناك مواصفات عالمية لضبط الجودة في البّر، ولن تحصل عليها إلا بعد أن تطابق مواصفاتك الشخصية مع المواصفات العالمية للشخص البار بوالديه، إن كنت باحثا في المجالات التربوية أو الاجتماعية أو الفيزيائية أو الكيميائية أو في أي مجال من مجالات العلوم التخصصية، فابحث عن تلك المعايير والمقاييس للجودة العالية في البر وستجدها في ثنايا تاريخ بر والديك لأجدادك، أو في تاريخ من سبقهم بالتميز في أشكال وفنون البر، تارة شعورية وتارة سلوكية، فخذ منها ما شئت وأضف عليها من مهاراتك وبلورها لسلوك يحمل شعارا لماركة بر الوالدين بتميز وتفرد، أتجنب (اللا) كثيرا في حياتي ولكنني مضطرة إليها الآن، لا تترك والديك وكن معهما في مرضهما وصحتهما وقم برعايتهما وأشرف عليهما بنفسك ولا تتكل على غيرك، فقد رأيت ما رأيت من سوء المعاملة لهم في المستشفى سواء من الهيئة التمريضية أو ممن يرعاهم في المنزل، فكن حذرا واحرص على والديك كما تحافظ على عينيك.



[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي