| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
علمنا القرآن الكريم أن الإنسان هو مركز الوجود، وأن كل شيء يمكن أن يصلح بصلاحه كما أن يمكن أنه يفسد بفساده، لذلك الإنسان يتأثر إلى حد بعيد بمحيطه وأوضاعه، وبما يمر به من ظروف، لذا فهو دائم التفكير بالفكرة الثورية وهي فكرة التغيير، وهذا ما يجعله في تشوق وتحفيز للبحث عن حلول وفتح آفاق جديدة للتغيير والإصلاح، وما إن أصبحت فكرة التغيير فكرة ثورية إلا وبدأ يبحث ويكتشف الإنسان ما ملّكه الله من مواهب وقدرات وإمكانات، لتكون له أدوات تعينه على التغيير والتجديد.
مسألة التغيير ليست من المسائل السهلة واليسيرة، فهي تتطلب منا إيجاد الكثير من الفرص والكثير من التحديات، بما حوزتنا من معطيات ومقدّرات حتى نستطيع أن نتجاوب مع التجديد والتغيير ونواجه تحدياته، التغيير يحتاج إلى البصيرة والرؤية على مقدار ما نحتاجه من الإرادة والعزيمة، لأننا ندرك تماما أننا لا نستطيع الحصول على كل ما نريد، كما أن الحصول على كل ما نريده لا يكون دائما في مصلحتنا.
التغيير هو الانتقال من حال إلى حال ووضعية إلى وضعية أفضل مما كانت عليه، إن التغيير الإيجابي المرغوب فيه شخصيا ومجتمعيا، هو المضي نحو ما هو أحسن وأكمل، وليس انتقالاً نحو ما هو أسوأ، من السهل جدا أن يغير الإنسان الأشياء المادية، وقد يواجه صعوبة من تغيير الأشياء المعنوية والأخلاقية والسلوكية، لأن معالجة شؤون الإنسان دائماً معقدة، وتنطوي على شيء من المخاطرة والمجازفة، وهذا يعود في الأساس إلى تمتع الإنسان بالإرادة الحرة والروح الطليقة.
إن كويت اليوم تواجه تغييرا جذريا لأوضاع سيئة وساءت بعد انتخابات الصوت الواحد، والحراك الشعبي يمتلك الإرادة الحرة والروح الطليقة وهو ما دفعه للمضي في طريق التغيير بطمأنينة وثبات، والصعوبة تكمن في مواجهة الفساد والمفسدين وكيف السبيل إلى إعطائهم فرصة للتغيير بالارتقاء على المستوى الذهني والروحي والاجتماعي، فنحن لسنا في وضعية كاملة، لقد انقسمنا إلى فريقين، فريق مؤيد للتغيير والتجديد، وفريق يختلق الأعذار والمبررات ليقاوم ويتصدى التجديد والتغيير متكلما بثقافة الرضوخ والخنوع للأمر الواقع «احنا بنعمة الله لا يغير علينا»، إن لم نسعَ للمحافظة على هذه النعمة بالتغيير والتقدم والتطوير حتما ستزول.
التغيير في الكويت ليس خياراً بل إجبار، الشعب لديه تشوق عميق إلى النجاح والتفوق، وهذا لا يتحقق إلا بأن نصبح أكثر فهماً وأكثر جدية لعملية التغيير، إلى جانب التخلي عن بعض السلوكيات والعادات التي جعلتنا يائسين محبطين وغارقين في جهل المقيمين على هامش الحياة، الراضين بالفتات من كل شيء، الشعب الكويتي خصوصا الشباب منهم يمتلكون حصيلة معرفية ممتازة ومستوى ثقافيا عاليا وهذا ما يزيد في طموحات أبناء الشعب إلى المعالي والتقدم والنجاح.
لا نلوم الحراك الشعبي برفع سقف المطالب، هناك علاقة طردية بين الفساد والمطالب، فكلما ارتفع سقف الفساد ارتفع سقف المطالب للتغيير والإصلاح، فالحراك الشعبي لديه مشروع يساعدنا على تغيير أوضاعنا وأحوالنا، وعلى انتشال البلاد من وحل التصورات والمعتقدات الفاسدة التي أصلت ورسخت مفهوم الفساد، وجعلت البعض يقف في منطقة التردد والحيرة واللاقرار، إلا أننا لا نؤيد بعض التصرفات اللامسؤولة من الحراك كالمسيرات في المناطق السكنية، والممارسات اللاسلوكية من البعض سواء بالأفعال أو الأقوال، ستكون التكاليف باهظة والأعباء التي سنحملها كبيرة عند اختيارنا طي ملفات الفساد واستبدالها بملفات الإصلاح، وسنبلغ ما نصبو إليه بعدما أصبحت الرؤية واضحة للوضعية الجديدة التي نتطلع إليها.
[email protected]twitter: @mona_alwohaib