د. وائل الحساوي / نسمات / رايات الشيطان زرقاء وبرتقالية
أتفهم ان تغرق الكويت في شبر ماء كلما اهلت علينا السماء بخيراتها من المطر الذي ينعش القلوب والنفوس ويروي ارضنا الظمأى لان وزارة الاشغال منذ عشرات السنين تعدنا بأنها مستعدة للامطار بينما كثير من المناهيل مغلقة بسبب الرمال والقاذورات.
اتفهم بأن شوارعنا تصل إلى الشلل الكامل في معظم الاوقات وتتوقف فيها حركة السيارات لانها قد صممت لتستوعب مئة ألف سيارة في السبعينات من القرن الماضي ثم زادت السيارات لتصل إلى اكثر من 800 ألف سيارة تسير في الشوارع نفسها وسط الوعود الحكومية بحل المشكلة منذ عقدين اتفهم ان تكتظ جامعة الكويت وهيئة التعليم التطبيقي بآلاف الطلاب والطالبات الذين لا مكان لهم والسبب هو ان حكومتنا الموقرة لم تنتبه في عام 1966 عندما بنت جامعة الكويت لتستوعب ما لا يزيد على خمسة آلاف خريج من الثانوي، لم تنتبه إلى ان الاعداد ستتضاعف مرات عدة في عام 2012، ولذلك لم تبنِ اي جامعة أخرى خلال 46 سنة.
أتفهم ان تتكدس مستشفياتنا بآلاف المرضى وبعضهم يرقد خارج الجناح لعدم توفر الاسرة لهم، وان تمتد فترة المواعيد الطبية إلى اشهر لان المستشفيات التي بنوها في الثمانينات ثم لم يبنوا غيرها قد انفجرت بسبب الزحام.
أتفهم ان ترتفع اسعار الاراضي السكنية إلى عشرة اضعاف سعرها قبل عشرين عاما وان يقف الشباب الكويتي يائسا لانه يدرك بانه لو قضى سنوات عمره كله في الوظيفة الحكومية فلن يستطيع توفير ما يمكنه من شراء ارض في اقصى البلاد، والسبب هو الاحتكار الواضح للاراضي الذي يتفنن فيه الكبار اضافة إلى هيئة للإسكان فشلت في اداء عملها إلى ان وصلت طلبات الاسكان إلى مئة ألف طلب، اضف إلى ذلك سياسات حكومية ترفض تحرير الاراضي الجاهزة للسكن بحجة انها اراض نفطية او للجيش.
اتفهم كل ما ذكرته، بل هو جزء من التراث الكويتي الذي نفتخر به، لكن ما لا أتفهمه أن تغرق البلاد في حرب داحس والغبراء على قضية هامشية رفعنا لها الاعلام الزرقاء والبرتقالية، وان تشتعل الفتنة في البيوت والاندية وان يتفنن البعض في شتم الآخرين وتخوينهم وارهاب الناس من الوقوف مع هذا الصف او الصف الآخر.
حتى التكتلات السياسية المستقرة والجماعات الدينية والقبائل الكبيرة قد حدثت بها الانقسامات واستشرى بها التخوين والكراهية بين افرادها إلى درجة لم تشهدها الكويت من قبل، اين ذهبت الوطنية التي نتشدق بها ليل نهار واين ذهبت الاخوة في الدين واين ذهب الاستقرار الذي كان العالم كله يحسدنا عليه والمحبة التي جُبل عليها اهل الكويت؟!
هل يعقل ان يتبخر كل ذلك حول نقطة خلاف واحدة وان تشين النفوس وتتباعد القلوب؟!
ان من يقرأ ما يكتبه البعض في التويتر ليشعر بانه يواجه عناصر الموساد شتما وتخوينا لا اخوان له يختلفون عنه في وجهة نظر!!
ان من يرى دفاعنا المستميت عن وجهة نظر قانونية دقيقة يعتقد بأن كل شيء في بلادنا يسير وفق النظام عدا تلك النقطة، لا إننا شعب فوضوي ومتسيب في جميع امور حياته فلا يداوم في اعماله ولا يحترم القوانين في الشوارع ولا يحرص على نظافة بيئته ولا يقدم شيئا من اجل رفعة وطنه!!
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ان الشيطان قد ايس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن بالتحريش بينهم».
د. وائل الحساوي
[email protected]
اتفهم بأن شوارعنا تصل إلى الشلل الكامل في معظم الاوقات وتتوقف فيها حركة السيارات لانها قد صممت لتستوعب مئة ألف سيارة في السبعينات من القرن الماضي ثم زادت السيارات لتصل إلى اكثر من 800 ألف سيارة تسير في الشوارع نفسها وسط الوعود الحكومية بحل المشكلة منذ عقدين اتفهم ان تكتظ جامعة الكويت وهيئة التعليم التطبيقي بآلاف الطلاب والطالبات الذين لا مكان لهم والسبب هو ان حكومتنا الموقرة لم تنتبه في عام 1966 عندما بنت جامعة الكويت لتستوعب ما لا يزيد على خمسة آلاف خريج من الثانوي، لم تنتبه إلى ان الاعداد ستتضاعف مرات عدة في عام 2012، ولذلك لم تبنِ اي جامعة أخرى خلال 46 سنة.
أتفهم ان تتكدس مستشفياتنا بآلاف المرضى وبعضهم يرقد خارج الجناح لعدم توفر الاسرة لهم، وان تمتد فترة المواعيد الطبية إلى اشهر لان المستشفيات التي بنوها في الثمانينات ثم لم يبنوا غيرها قد انفجرت بسبب الزحام.
أتفهم ان ترتفع اسعار الاراضي السكنية إلى عشرة اضعاف سعرها قبل عشرين عاما وان يقف الشباب الكويتي يائسا لانه يدرك بانه لو قضى سنوات عمره كله في الوظيفة الحكومية فلن يستطيع توفير ما يمكنه من شراء ارض في اقصى البلاد، والسبب هو الاحتكار الواضح للاراضي الذي يتفنن فيه الكبار اضافة إلى هيئة للإسكان فشلت في اداء عملها إلى ان وصلت طلبات الاسكان إلى مئة ألف طلب، اضف إلى ذلك سياسات حكومية ترفض تحرير الاراضي الجاهزة للسكن بحجة انها اراض نفطية او للجيش.
اتفهم كل ما ذكرته، بل هو جزء من التراث الكويتي الذي نفتخر به، لكن ما لا أتفهمه أن تغرق البلاد في حرب داحس والغبراء على قضية هامشية رفعنا لها الاعلام الزرقاء والبرتقالية، وان تشتعل الفتنة في البيوت والاندية وان يتفنن البعض في شتم الآخرين وتخوينهم وارهاب الناس من الوقوف مع هذا الصف او الصف الآخر.
حتى التكتلات السياسية المستقرة والجماعات الدينية والقبائل الكبيرة قد حدثت بها الانقسامات واستشرى بها التخوين والكراهية بين افرادها إلى درجة لم تشهدها الكويت من قبل، اين ذهبت الوطنية التي نتشدق بها ليل نهار واين ذهبت الاخوة في الدين واين ذهب الاستقرار الذي كان العالم كله يحسدنا عليه والمحبة التي جُبل عليها اهل الكويت؟!
هل يعقل ان يتبخر كل ذلك حول نقطة خلاف واحدة وان تشين النفوس وتتباعد القلوب؟!
ان من يقرأ ما يكتبه البعض في التويتر ليشعر بانه يواجه عناصر الموساد شتما وتخوينا لا اخوان له يختلفون عنه في وجهة نظر!!
ان من يرى دفاعنا المستميت عن وجهة نظر قانونية دقيقة يعتقد بأن كل شيء في بلادنا يسير وفق النظام عدا تلك النقطة، لا إننا شعب فوضوي ومتسيب في جميع امور حياته فلا يداوم في اعماله ولا يحترم القوانين في الشوارع ولا يحرص على نظافة بيئته ولا يقدم شيئا من اجل رفعة وطنه!!
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ان الشيطان قد ايس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن بالتحريش بينهم».
د. وائل الحساوي
[email protected]