رحلة عطاء / قدمت العديد من النصوص الدرامية وشاركت في لجان تحكيم مهرجانات

عواطف البدر: حققت للكويت أول جائزة دولية في مسرح الطفل

تصغير
تكبير
| كتب مفرح حجاب |

لقبت برائدة مسرح الطفل في الكويت والخليج العربي، استطاعت أن تؤسس لنفسها مكاناً مختلفاً عن كل الكتاب والمؤلفين في الجزيرة العربية، واختارت مجالاً يتناسب مع شخصيتها وطبيعتها الهادئة وهو مسرح الطفل التي عملت من خلالها تأليفاً وانتاجاً.

إنها الكاتبة عواطف البدر التي حققت للكويت مكاناً مرموقاً في مسرح الطفل ليس في الداخل فحسب ولكن خارج الكويت، فهي أول من حصد للكويت جائزة عن مسرح الطفل في مهرجان الفاتج بليبيا بداية السبعينات وهي من قدمت الكثير من الأعمال المسرحية القصيرة لمدارس البنات في وزارة التربية مطلع الستينات، ولم تتوقف عند ذلك بل قدمت مجموعة كبيرة من الأعمال الدرامية بعدما برعت في تقديم برنامج «مشكلة وحل» والتي كانت تكتب من خلاله مجموعة من المشاهد، فقد قدمت «زخف العقارب، وهج الشموع، همس الحراير» وغيرها، وحصدت أعمالها الدرامية جائزتين للكويت في مهرجان القاهرة.

مشوارها مع الإبداع تحكيه لقراء «الراي» بأنه بدأ مع فترة الطفولة وفي الدراسة المتوسطة فقد كنت هادئة جداً، وتقول: «هذه الصفة ساعدتني أكثر على ثقل الموهبة والاستيعاب، لأن الإنسان كلما كان هادئاً كلما كان إحساسه أعلى وأقوى، كما أن هذا الإحساس يجعلك تحب الناس وتحب القراءة بمعنى هناك إحساس اجتماعي يولد وإحساس نفسي أيضاً، ومن الصعب ان تكون هناك ملكة الكتابة في هذه المرحلة، لكن كانت هناك ملكة غريبة وهي ملكة التأمل، فعندما أشاهد اي شيء جيد اتمنى الكتابة أو الرسم».

«وعندما بلغت من العمر 14 عاما بدأت أمسك القلم وأعبر من خلال نصف صفحة او صفحة كاملة وأحيانا أجد امامي مفردة تعجبني إلى درجة أنه أصبح لدي في درج المكتب أوراق كثيرة، حتى أن المعلمة اختارتني كأفضل طالبة في الصف لأنني كنت أقرأ في هذه المرحلة بإحساس، والذي جعلني أستمر هو أنني كنت أحب القراءة لأدباء مصريين مثل طه حسين، نجيب محفوظ، يوسف ادريس، صلاح عبد الصبور وغيرهم».

البداية

الانطلاقة الحقيقة لأي انسان في التأليف كما تراها البدر - تكون في مرحلة المراهقة لأنها مرحلة فيضان المشاعر و بداية النضج والتقلبات الحقيقية للوجدان والإدراك، لأن قبل هذه المرحلة من الصعب أن يحدد الإنسان ثقافته وإدراكه.

وقالت: «أتذكر أنه بعد انتهائي من المرحلة الثانوية قدمت سهرة تلفزيونية عبر تلفزيون الكويت بمناسبة عيد الأم كانت من بطولة حياة الفهد وابراهيم الحربي، وحين عرضت وجدت هاتف المنزل يرن في منتصف الليل واذا بمعلمة اللغة العربية التي كانت تختار موضوعاتي في التعبير على الطرف الآخر من الهاتف تقول لي «أنا فخورة بك وبأنك وصلت إلى هذه المرحلة، شاهدت السهرة التلفزيونية وأصبحت اقول لمن حولي بأن هذه تلميذتي وكان شعوري في هذه اللحظة لا يوصف».

البحث عن الانتشار

تقول البدر «بعد هذه الفترة التي اعتبرها البدايات بدأت أبحث عن انتشار اكثر وبدأت اقدم برنامج «مشكلة وحل» في تلفزيون الكويت وظل هذا البرنامج طوال سبع سنوات وكنت اقدم في كل حلقة مشاهد درامية عن المشكلة وشارك معي كل الفنانين في هذا البرنامج، وفيه يتم التعقيب على المشاكل من خلال بعض المتخصصين من أطباء وخبراء علم النفس وعلم الاجتماع وكنت في هذا الوقت أناقش قضايا كانت جديدة ومثيرة مثل «الزواج والطلاق وتعدد الزوجات» وغيرها وقدمت هذا البرنامج أيضا في الإذاعة، الأمر المهم أنني في هذه الفترة لم أدخل الجامعة وحتى هذا الوقت لم أكمل دراستي الجامعية ولست متحسفة على ذلك لأنني حققت أكثر بكثير مما كنت أحلم به وأعتقد أنني لو كنت أكملت دراستي الجامعية فلن أحقق أكثر مما حققت، ففي الفترة التي كنت أقدم فيها هذا البرنامج كان وزير الاعلام يحدثني وجميع المسؤولين كانوا سعداء أن لدينا في تلفزيون الكويت برنامجا بهذا الحجم يطرح هذه القضايا».

وظيفة واستقالة

تكمل البدر: «بعد أن تزوجت بدأت أبحث عن وظيفة ثابتة، فتم توظيفي في وزارة التربية في رياض الأطفال وأحببت الأطفال بشكل كبير وبعد الروضة تم نقلي الى التدريس في المرحلة الابتدائية ثم ترقيتي إلى وكيلة مدرسة ثم تسلمت النظارة، ثم حملت وقدمت استقالتي وكان لايمكن أن أجمع بين الأمومة وبين العمل في الدراسة وفضلت أن أستقيل نهاية السبعينات وبداية الثمانينات بعدما اكتشفت انني حامل».

«وبعد إنجاب فيصل وسعود وجدت أن الجلوس في المنزل يشعرني بالوحدة لاسيما أن الأولاد يذهبون الى المدرسة وزوجي للعمل، ومن هنا قررت أن أقدم على وظيفة في وزارة الاعلام وبالتحديد في مراقبة النصوص وإجازتها وتم بالفعل تعييني، وكل ذلك بسبب القراءة والكتابة التي كنت أمارسها وكان اول عمل قمت بإجازته هي سهرة «إجازة أم» بطولة عائشة ابراهيم واخراج محمد السيد عيسى وكانت فكرته جريئة وجميلة لأنه كان يتحدث عن الأم التي تعمل طوال العام وأعطت لنفسها يوم إجازة فذهبت الى الصالون وخرجت لقضاء يوم واحد إجازة، لتعود وتجد الدنيا كلها متوقفة في البيت لأنها غير موجودة، وكان معي في هذا القسم سعد الفرج، غانم الصالح، حسين الصالح وكاظم القلاف».

«وأتذكر أن أول جائزة حصل عليها تلفزيون الكويت من خلال سهرة «الاحتكار» المأخوذة عن قصة «البرتو مورافيو» بطولة سعد الفرج، سعاد عبد الله، غانم الصالح وكان نصا خطيرا فيه خيانة زوجة وموضوع جديد ومثير في هذا الوقت، وقد اعترض سعد الفرج وقال «لايمكن أن نقدم هذا النص دون الحـــصول على إذن من وزارة الاعـــلام»، وطالبوني أن أذهب للمسؤولين للحصول على موافقة بعدما أقنعتهم بان الموضوع جديد وسيكون له واقع مميز لاسيما ان التلفزيون سيشارك به في مهرجان «كان» بفرنسا، وبالفعل ذهبت بالنص الى الوزارة ودخلت على الوكيل سعدون جاسم ورفض في البداية وظللت أقنع فيه إلى أن وافق، وقد حصل العمل على جائزة».

مسرح الطفل

تسرد البدر حكاياتها مع مسرح الطفل، «كان الكاتب محفوظ عبد الرحمن يعمل معي في لجنة إجازة النصوص بوزارة الاعلام وطرح عليّ فكرة إنتاج مسرح طفل وأخرج من الدرج أربع ورقات وقال هذا نص مسرحية اسمها «السندباد البحري» وذهبت في اليوم التالي إلى وزارة الاعلام لتعديل رخصة مؤسسة البدر التي أسستها من اجل ان تشمل الإنتاج المسرحي، ثم ذهبت إلى محفوظ عبد الرحمن في اليوم التالي وسألته من يخرج هذا العمل فقال لي صقر الرشود، وبالفعل ذهبت إليه فقال لي حرفيا «لايمكن ان أخرج عملا للطفل لأنه مسؤولية كبيرة»، ونصحني بمنصور المنصور لكن الأخير رفض أيضاً في البداية وكان يعمل أيامها في مسلسل «حبابة» وقال اذهبي الى صقر الرشود قلت له إن صقر هو من نصحني بك، ثم وافق وتوصلت معه أن نتقابل معاً وأكملنا النص واخترنا المشاركين فيها وكانت أول مسرحية للأطفال في الكويت «السندباد البحري»، وبعد اول يوم العرض فوجئت بالناقد صالح الغريب يكتب في جريدة «السياسة» مسرح الطفل في الكويت «بدعة» « فاتصلت به وطلبت منه أن يأتي إلى المسرح وكانت تعرض على مسرح المعاهد الخاصة حيث كان هناك ازدحام غير طبيعي فسألني ما هذا الزحام فقلت له أنت تقول بدعة، فقال لن اتكلم مرة أخرى».

«انتهجت الخط التربوي في المسرح وأصبحت أقدم كل عام مسرحية واحدة، فهناك مسرحية «البساط السحري» التي حصلت من خلالها على أول جائزة دولية لمسرح الطفل في الكويت ومنطقة الخليج من خلال مهرجان «الفاتح» في طرابلس، ومن شدة الحضور طلبوا تقديم هذا العرض في بني غازي وبالفعل قدمناها، وعند عودتنا إلى الكويت قابلت سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الذي أثنى على جهودنا».

وتواصل البدر حديثها عن أعمالها المسرحية، «قدمت مسرحية (أ ب ت) ولم يكن هناك مسرح وحينها كان يتم الانتهاء من إنشاء مسرح الجامعة بالخالدية وطلبت أن نعرض عليه وقالوا ليس فيه تكييف وقمت بشراء 12 مكيفاً إلى درجة أن إحدى الصحف كتبت «عواطف البدر تكيف مسرحا حكوميا» وقدمنا عروضاً لمدة 30 يوماً وكل يوم عرضين، واتصلوا بي في اليوم الثلاثين وأبلغوني أن جميع المكيفات تم حرقها من شدة العمل وحمدت الله أن الأولاد لم يحدث لهم شيء وانتهى الأمر عند هذا الحد، وبعدها قدمت مسرحيات «قفص الدجاج، العفريت، الخروف البهلوان، بطل يضحك، روز والأرجوز» وغيرها فقد قدمت ما يقرب من 12 مسرحية وأصبح الكثير يقدم أعمالا لمسرح الطفل ووجدت أن الميزان قد اختل عندي لأنني كنت أصرف جيداً على عملي وقررت أن أعمل مسرحية قليلة التكاليف كما يفعل الآخرون إلى درجة أن بعض العوائل كانوا يسألوني لماذا هذه المسرحية هكذا وكنت أقول لهم أنتم السبب وهذا أسعدني لانني شعرت أن هناك وعياً لما يقدم».

«بعدها ناديت حين ذاك بضرورة تأسيس مسرح قومي للأطفال، لأن هناك خللا في مسرح الطفل يقدم من قبل القطاع الخاص، وبالفعل حدث ذلك في عهد الوزير الشيخ سعود ناصر الصباح وحينها كان الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون هو سليمان العسكري عام 1992 وكانت أول مسرحية يعرضها هذا المسرح هي مسرحية (الدانة) من تأليفي وإخراج الدكتور حسن خليل بطولة زهرة الخرجي وابراهيم الحربي بعدها توقف هذا المسرح أكثر من 20 عاماً، ومنذ أيام اجتمع الأمين العام للمجلس الوطني علي اليوحة وشكل أعضاء لهذا المسرح، وأنا عضو فيه، وأتمنى أن يكون له وجود حقيقي».

الانتشار التلفزيوني

تقول عوطف البدر عن دخولها مجال التأليف الدرامي: «بعدما توقفت عن الإنتاج المسرحي وحققت شهرة، أصبح الكثير من العاملين في الوسط الفني والمسرحي على تواصل معي وكثيرا ما تتم دعوتي كعضو لجنة تحكيم لهذه المهرجانات وأنا بطبيعتي أتواجد في هذه المحافل، وإذا لم أتواجد يسألون عني وهذا ما جعلني قريبة من الشباب والفتيات، وقد اتجهت إلى التأليف الدرامي وقدمت فيلما تلفزيونيا بعنوان «605» عن الأسرى وهو من بطولة منى شداد، ومسرحية «قانون الأرض» التي تتحدث عن الغزو وكانت تحت رعاية سمو الأمير الراحل الشيخ جابر بتكليف من مكتب الشهيد ثم قدمت «عرس الغد» بطولة محمد رشيد وكذلك مسلسل «وجوه بلا أقنعة» وهي مجموعة من السهرات تتطرق إلى قضايا مختلفة، وكذلك سهرة «انت طالق» وحصلنا من خلالها على جائزة، وكذلك كتبت سهرة «رائحة الحنة» وشاركنا من خلالها في مهرجان القاهرة وحصلنا على جائزة. وقدمت مسلسلات أخرى مثل «زحف العقارب، همس الحراير، وهج الشموع».

دور الأسرة

تتحدث عواطف عند دور عائلتها في دعمها، «فالأسرة كان لها دور في إنجازاتي، وزوجي رحمه الله - كان يفتخر بي ويشجعني على تقديم أعمال تربوية هادفة في مسرح الطفل، وكذلك كنت أقدم أعمالاً درامية تحمل رسالة وهو بالمناسبة لم يساعدني في كتاباتي لأنه كان مهندساً واهتماماته مختلفة عن اهتماماتي، لكنني كنت افكر دائما في عائلتي قبل ان اكتب اي عمل لأنه يحمل اسمها ولذلك أكون سعيدة بردة فعلهم. وبالمناسبة ابني فيصل له اهتمامات بالإنتاج الفني وكثيراً ما يتحدث معي ويأخذ برأيي في موضوعات وأنا كذلك، وحصلت على جوائز كثيرة منها جائزة الدولة التشجيعية والكثير من المؤسسات كرمتني لكن مازالت حتى الآن أتساءل «لماذا لم أحصل على جائزة الدولة التقديرية»، وأتمنى الحصول عليها لانني قدمت أعمالاً خدمة للمجتمع، وقد ابتعدت عن الإنتاج لأن الجو لا يساعد وليس لدي وقت لذلك، ووجدت أن من الأفضل أن أعطي النص لمنتج بشروطي. كما أنني استضفت في الكويت أعمالاً مسرحية كبيرة منها فرقة سمير خفاجى في عرض «ريا وسكينة» وأيضا احدى الفرق اللبنانية».





السيرة الذاتية



عواطف البدر كاتبة ومؤلفة



- ساهمت في تأسيس المسرح المدرسي في الكويت على مستوى مدارس البنات في وزارة التربية في بداية الستينات من القرن الماضي.

- إعداد وتأليف وإخراج مجموعة كبيرة من المسرحيات الهادفة التي قدمت ضمن احتفالات مدارس وزارة التربية خلال الفترة من 1963 وحتى 1969 مع بداية الاهتمام بمسرح الطفل.

- تأسيس فرقة البدر للأطفال عام 1976 بوصفها أول فرقة مسرحية متخصصة في تقديم مسرحيات الأطفال في الكويت ومنطقة الخليج العربي.

- إنتاج مسرحيات موجهة للأطفال من خلال فرقة مسرح البدر وهي «السندباد البحري، البساط السحري، ألف باء تاء، العفريت، قفص الدجاج، سندريلا، الإنسان الآلي، الطنطل يضحك، حلوة يادنيا، الخروف البهلون»، وقامت بتأليف مجموعة كبيرة من المسرحيات المدرسية القصيرة في مطلع الستينات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي