| د.حمد العصيدان |
إن أكثر ما نحتاج إليه في ظل الظروف التي تشهدها الساحة السياسية المحلية الروية وتحكيم العقل، خصوصا في تعاطي كتلة الغالبية النيابية تجاه قضية الدوائر الانتخابية وحكم المحكمة الدستورية المرتقب في طعن الحكومة فيها، والتعامل مع الأمر بمزيد من الحكمة والحنكة السياسية لتفويت الفرصة على المترصدين الذين يسعون إلى التصيد واستغلال سعي الكتلة لتحريك الشارع للطعن في نواياها والهجوم على أعضائها وتوجيه التهم إليهم لتشويه صورتهم أمام الشارع.
فمن خلال متابعتي الحراك السياسي المحلي خلال الشهر الماضي، من بعيد، كوني كنت خارج البلاد، رأيت بعض الجهات الإعلامية والسياسية تسوق لتحرك الغالبية على أنه عبث سياسي ومحاولات للانقلاب على السلطة، وهي تهم تجافي الحقيقة وتزور الإرادة الشعبية المتمثلة في الكتلة وأعضائها، وهو ما يدعو رموز الكتلة للعمل على إيجاد وسائل أخرى، وهي كثيرة، في إيصال رسالتهم بأن أي قرار سياسي يتعلق بمصير قانون الدوائر أو الحياة السياسية يجب أن يكون صادرا عن بيت الشعب أو حاصلا على موافقته.
الشارع متفق مع رأي الغالبية في رفض تفرد السلطة في تحديد مصير قانون الانتخابات في ظل تجميد مجلس الأمة ولا سيما بعد عودة مجلس 2009 الذي اتفق الجميع على فقدانه الشرعية الدستورية والشعبية، وأن الرسالة التي يجب أن تعيها الحكومة أنها إذا كانت قد انخدعت ببعض الآراء التي تسوق لها أنها يمكن أن تعدل قانون الدوائر وفرض سياسة الأمر الواقع على الشارع، فإن سيرها في هذا الطريق لن يساهم إلا في تعجيل سقوطها، وسقوط الأقنعة عن مستشاري السوء الذين يهدفون إلى سحب البساط الشعبي من تحت نواب الغالبية وإيجاد نظام انتخابي يتحكمون هم وحكومتهم بمخرجاته، وهذا ما لن يصلوا إليه أمام إرادة شعبية جارفة بتعزيز الحكم الشعبي.
اليوم تقف الغالبية النيابية أمام استحقاق وطني يتمثل في الحفاظ على المكتسبات الشعبية ورفض العبث بها، وهو ما يفرض العمل بوعي بعيدا عن الانفعال وتحريك الشارع، فإيصال الرسالة عبر القنوات الأكثر عقلانية يؤدي إلى تحقيق الهدف دون الدخول في مواجهة مع الحكومة ورجال الأمن ولاسيما أننا تابعنا التصريحات الساخنة بين الفريقين بين التهديد والتهديد المقابل وهو ما تسعى جهات معروفة إلى استثماره للدفع بتسويق ادعاءات أن نواب الكتلة يسعون إلى انقلاب.
إن التخطيط الجيد والمتزن ضروري حتى إذا نفذ أي اعتصام تكون له النتائج المرجوة بعيدا عن لغة التصعيد والتهديد خصوصا في إطار المواجهة مع رجال الأمن مما يؤدي إلى أمور تنعكس سلبا على التجمع وأهدافه.