منى فهد العبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / وتحطمت الوحدة...!

تصغير
تكبير
| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |

إن الانحطاط الروحي والأخلاقي والمادي كفيل بأن يحطم الوحدة الوطنية، ويفتتها ويقضي عليها، وقد يقول قائل: ما تراه انحطاطا وانحدارا قد يراه غيرك ارتقاء وصعودا، إيمانا منا بأن الأفهام تختلف وتتناقض، وكل منا يؤول ويفسر المواقف والأحداث برمزيات وأمور اعتبارية وروحية، تحقق له مصالح شخصية وفردية، فتختل الموازين ويرون الانحطاط ارتقاء والعكس، ولكن! هناك دليل ومؤشر للانحطاط ما إن يتجاوز ويربو المنطقة الحمراء إلا ويصدر أصواتا ودلالات بوجود هبوط وتدن سيؤدي إلى تخلف روحي وأخلاقي ومادي.

إن الوحدة على المستوى المعنوي والمادي توفر للشعوب الشعور بالأمان والطمأنينة والقوة والثقة بالنفس، وهي من تجعل أفراد المجتمع يبذلون جهوداً في إطار أفكار ورؤى متقدمة كي يوحّدوا صفوفهم، ويوسعوا طموحاتهم، ويرتقوا بتطلعاتهم، إلى تعميق معاني الوحدة الوطنية وتقوية أطرها.

إن ثقافة التخلف والتفكك التي انتشرت اليوم وتوغلت بالمجتمع الكويتي هي الانحطاط بعينه، وهي من ستدخل الأمة الكويتية في نفق الانحدار والهبوط الذي لا صعود بعده، فالأمة حين تدخل في هذا النفق تدخله أولا على مستوى الرؤى والمفاهيم والمعايير، وعلى مستوى النظر للواقع والمستقبل، ومن يتابع ويراقب الساحة الكويتية في السنوات الخمس الأخيرة، ستكون له مشاهدات لعدة مناظر وسيناريوات لرؤى طالحة، ومفاهيم مغلوطة، ومعايير معلولة، وفقدان للرؤية المشتركة لتشخيص الواقع وتشخيص علله، بالإضافة إلى الانقسام حول ما ينبغي فعله من أجل النهوض والتخلص من المشكلات الخانقة.

إن هذه الثقافة أدت إلى انحطاط وتدني أخلاقيات وقيم ومفاهيم ومبادئ أفراد المجتمع، بل دفعت في اتجاه تجويف المجتمع من خلال زيادة الفجوة بين أطيافه، بدلا من أن تحفزه على التماسك والتعاضد، الانحطاط لا يؤدي إلى تحطيم وتفتيت الوحدة الوطنية فحسب، وإنما هو جزء من الغربة ومكرّس لها، من منا اليوم لا يشعر بشعور الغربة وهو في وطنه؟! وهذا ما لا تحمد عقباه.

فقد آن أوان أن نشمر عن سواعدنا ونؤمن بأن الأمور إذا تُركت على عواهنها، فسوف ننقسم ونتشرذم، بدلا من أن نتوحد ونتمازج، لذا فلابد أن نعمل على تعزيز كل ما يشكل عقيدة مشتركة تحافظ على تماسك الوحدة الوطنية، وأعراف صالحة تؤكد وترسخ على الارتقاء والنهوض، وتنبذ الانحطاط والتدني والهبوط، ومحاصرة الأفكار الهدامة أيا كان مصدرها، مع مقاومة الأفكار والتوجهات العنصرية والطائفية وكل ما يهدد التوافق الاجتماعي.

وحتى لا تتحطم وتتفتت الوحدة الوطنية بسبب تخلف ثلة من قومنا، علينا أن نبذل جهودا تثقيفية كثيفة من أجل بلورة رؤية اجتماعية للواقع وتحدياته، وللمستقبل بمتطلباته ووعوده، وإشاعة ثقافة التلاحم والتكاتف، وكل المفاهيم المتصلة بالتضحية والعطاء للوطن، ومحاربة الظلم والفساد والرشوة التي طفحت إلى أن فاحت الروائح النتنة والكريهة من أصحابها الذين لعنهم الله وهم الراشي والمرتشي، وكلٌ يعمل من موقعه على تحقيق أي نوع من الوحدة والاندماج، وعلى أي صعيد من الأصعدة، حتى تظل الكويت وطناً جذاباً، وتظل هي القاسم المشترك لأبنائها لابد أن تسود حالة عالية من الأمن والعدل وتكافؤ الفرص والتنمية والتقارب الطبقي.



twitter: @mona_alwohaib

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي