| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
بعض الآباء والأمهات صاروا مرتبكين ارتباكاً عظيماً في التعامل مع أبنائهم، وذلك بسبب تفكيك المنظومات الاجتماعية التي جاءت من العولمة وغيرها، وجعلت الأزواج والزوجات يبحثون عن مسراتهم الخاصة خارج النطاق العائلي وضعف التواصل بين الآباء والأبناء لدى كثير منهم.
لهذا صار من المهم أن يكتسب الأبوان المعرفة والخبرة التي تمكنهما من إعادة هندسة حياتهما الأسرية على هدي الإسلام وعلى وقع التغيرات العالمية الكبيرة على مستوى الطموحات والتطلعات، وعلى مستوى العلاقات والتحديات الجديدة، كما مطلوب من الزوجين اكتساب قدر من الثقافة التربوية، حتى يتمكنا من القيام بواجبهما التربوي تجاه الأبناء على الوجه المطلوب.
ما جعلني أكتب هذا المقال الحلقة النقاشية التي أقامتها الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان متمثلة بلجنة المرأة والطفولة الأسبوع الماضي والتي تحمل عنوان (الطلاق أو الضياع) وخصت بها حقوق المرأة الكويتية المتزوجة من غير كويتي، ولماذا لا تستطيع المرأة الكويتية المتزوجة من غير كويتي منح أبنائها الجنسية الكويتية أسوة بالرجل الكويتي المتزوج من غير كويتية؟! إن الرجل في الرؤية الإسلامية هو الذي يقود الأسرة، وحتى ينجح في قيادتها لابد أن يمتلك ثقافة إدارية وتربوية جيدة تمكنه من إدارة شؤون أسرته.
وحين يفقد أحد الأبوين اتزانه الانفعالي حتما سينعكس على سلوكهم وتفكيرهم تجاه أبنائهم، وقد يفقد الأبناء الأمن في محيط الأسرة، وقد يلازمهم شعور بالخوف والكآبة فيميلون إلى العزلة والصمت، وأحيانا إلى التمرد والكذب، كذلك التجهم المستمر من الآباء أو الأبناء يجعل جو الأسرة كئيبا مملاً.
إن قرار الطلاق والانفصال أصعب قرار يتخذه المرء في حياته، إلا أن المرأة الكويتية المتزوجة من غير كويتي أصبح لديها قرار الانفصال أسهل قرار وحكم تصدره على أسرتها حتى لا تعرض أبناءها للضياع، وهي على علم ودراية بأهمية دور الأب ووجوده في حياة أبنائها، وما أجبرها على المضي بهذا القرار هو قانون وضعي جائر يشترط على المرأة الكويتية إما الضياع أو الضياع! أي ليس لها خيار! وتناسوا من وضعوا هذا القانون الارتباك والاضطراب والتفكيك الذي سوف يسببانه في محيط أسرة قد تكون متماسكة ومبنية على أسس ومعايير تشكل لهم سياجاً منيعاً يحفظ المنظومة الأسرية من التصدع والانهيار، فهذا القانون أوجب على الأسرة المكونة من أم كويتية وأب غير كويتي بأن تكون من غير قائد يقودها ويوجهها، وتعيش في تخبط وتذبذب من أجل وثيقة تحفظ لأبناء الكويتية حقوقهم في حياتها وبعد مماتها.
أي غفلة نعيشها في زمننا هذا؟! أيعقل أن نشترط على المرأة الكويتية أن تدمر أسرتها، وتعرضها للفقدان والثكل، حتى وإن كان الأب هندس حياة أبنائه وجعلهم قادرين على مواجهة التغيرات والتحديات التي يعيشها العالم، وأحسن تربيتهم، ووحّد مشاعرهم ورؤيتهم للحياة، ليصب هذا كله في خدمة المجتمع الكويتي؟! سأترك لكم الإجابة عن التساؤلات، ونحن نعلم علم اليقين أنه لا فضل فيها ولا منّة على المرأة الكويتية فهذا حقٌ كفله الدستور لها، فمن حقها أن تجنس أبناءها أسوة بالرجل الكويتي الذي يجنس أبناءه من دون قيد وشرط، فهذا القانون يسعى جاهدا لتغيير واقع امرأة كويتية تزوجت من رجل غير كويتي، في حين أنها هي تخطو أول خطوة نحو الواقع لتحسين وضع أبنائها وحفظ كيان أسرتها من الضياع.
twitter: @mona_alwohaib
[email protected]