الذين يسودون صحائفهم ويلطخون تاريخهم بالطعن والتشكيك لفرقائهم في الوطن والدين باسم الحق والحقيقة هم يخدعون انفسهم التي تشربها الهوى المتبع ودنستها حظوظ النفس...
هؤلاء الذين ينادون باجتماع الكلمة وتراص اللحمة ما لهم يتراجعون عن ذلك عند الحديث عن مخالفيهم في الرأي؟
لماذا يحاربون كل ما هو إسلامي؟ ولماذا يشككون بنوايا العاملين الإسلاميين؟ هل هناك معصوم غير النبي الكريم فنتبعه؟ من الذي رفع لواء العصمة منهم فلم يخطئ؟
حملة إعلامية منظمة ضد التيار الاسلامي يقودها غلاة في التدين ويدفع بها مفلسون وطلاب غنيمة زائلة. حملة مغرضة من الاتهامات باسم الدين والوطنية بلغة تكفيرية انتهجها فقراء التقوى والخوف من الله.. ( ستكتب شهادتهم ويسألون). ألم يختلف صحابة رسول الله في قضايا عقدية؟! ما لكم كيف تحكمون؟ ألم تقل ام المؤمنين عائشة من زعم ان محمدا قد رأى ربه فقد اعظم على الله الفرية؟ وهل يعذب الميت ببكاء أهله؟
الا فليراجع أدعياء العلم ذواتهم... ويفرقوا بين من تلبس ببدعة وبين من أصوله بدعية..!
ورحم الله الامام الذهبي كما ليسير اعلام «النبلاء» (5/271) ترجمة قتادة، قال (ثم إن الكبير من أئمة العلم، إذا كثر صوابه، وعُلِم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعُرف صلاحه، وورعة، واتباعه؛ يُغفر له زلَلُهُ، ولا نضلّله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم: ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك..)
فلماذا تضخم أخطاء الدعاة اليوم؟ وهل من الدين والإسلام التشنيع والتحذير من الأخيار والمصلحين؟ جاء في «مجموعة الرسائل والمسائل النجدية» (3/162) قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ -رحمهم الله- في رسالته إلى زيد بن محمد آل سليمان: (... فيجب حماية عِرْض من قام لله، وسعى في نصر دينه الذي شرعه وارتضاه، وتَرْك الالتفات إلى زلاته، والاعتراض على عباراته، فمحبة الله، والغيرة لدينه، ونصرة كتابه ورسوله؛ مرتَّبة عليه، محبوبة لله مرضية، يغتفر فيها العظيم من الذنوب، ولا يُنظر معها إلى تلك الاعتراضات الواهية، والمناقشات التي تفتُّ في عضد الداعي إلى الله، والملتمس لرضاه، وهَبْهُ كما قيل، فالأمر سهل في جنب تلك الحسنات،( وما يدريك: لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم).
أليس هذا منهج اهل السنة ومن اقتفى هدي السلف الصالح.
لقد اختلف الصحابة في مسائل عقدية علمية، كرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج، ولم يسقط بعضهم بعضا، فقد قال شيخ الإسلام، كما في «مجموع الفتاوى» (19/123): (وتنازعوا -أي الصحابة- في مسائل علمية اعتقادية؛ كسماع الميت صوت الحي، وتعذيب الميت ببكاء أهله، ورؤية محمد عليه الصلاة والسلام ربه قبل الموت، مع بقاء الجماعة والألفة).
وقال شيخ الإسلام أيضًا كما في «مجموع الفتاوى» (6/502): (وليست هذه المسألة -يعني مسألة رؤية الكفار ربهم يوم القيامة- فيما علمت مما يوجب المهاجرة والمقاطعة، فإن الذين تكلموا فيها قبلنا، عامتهم أهل سنة واتباع، وقد اختلف فيها من لم يتهاجروا ويتقاطعوا، كما اختلف الصحابة -رضي الله عنهم- والناس بعدهم في رؤية النبي عليه الصلاة والسلام ربه في الدنيا، وقالوا فيها كلمات غليظة، كقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (من زعم أن محمدًا رأى ربه، فقد أعْظم على الله الفرية)، ومع هذا، فما أوجب هذا النـزاع تـهاجرًا ولا تقاطعًا، وكذلك ناظر الإمام أحمد أقوامًا من أهل السنة في مسألة الشهادة للعشرة بالجنة، حتى آلت المناظرة إلى ارتفاع الأصوات، وكان أحمد وغيره يرون الشهادة، ولم يهجروا من امتنع من الشهادة،إلى مسائل نظير هذه كثيرة)! فلماذا إذاً نثير الفوضى امام العامة ونخلط الامور، فنهدر حسنات العاملين للإسلام، حتى تجرأ على رجال الدعوة والإصلاح من ليس لهم في السنة والاتباع نصيب!
قال تعالى « إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ».
فنسأل الله لنا جميعا الهداية والمغفرة.
د. مبارك عبدالله الذروه
@ Dr_ maltherwa