عبدالعزيز صباح الفضلي /رسالتي / أغنى بائع آيس كريم

تصغير
تكبير
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

من الشخصيات التي ربما نمر بجانبها عدة مرات في اليوم دون أن نلقي إليها بالا، هو من يقوم ببيع المثلجات أو ما عرف بتسميته ( بائع الآيس كريم ).

وغالبا لا يهتم به إلا من يحرص على الشراء منه، ومن هذه الشخصيات بائع يتواجد دائما بالقرب من المسجد الذي أقوم بإمامته، وتعرفت عليه فوجدته يختلف كثيرا عن غيره ممن يمارسون نفس المهنة، بل يفوق ربما أصحاب الشهادات العليا بقناعته وتدينه.

مما لفت انتباهي لهذا البائع حرصه على عدم تفويت الصلوات في المسجد، فما أن يؤذن حتى يبادر بترك عربته متوكلا على الله ويقبل على بيت الله، ومن العجيب أنه إذا كان هناك درس أو خاطرة بعد الصلاة جلس واستمع، في وقت يكون فيه البعض جارا للمسجد ولا يشاهده أحد فيه.

رأيته مرة خارجا من المسجد وهناك سيارة تتنظر عند عربته والمسافة ليست قريبة فقلت له لم لا تركض قبل أن يذهب الزبون فقال الرزق على الله.

حدثني قبل فترة عن رغبته في عدم الاستمرار في هذا العمل وأنه ينوي مغادرة البلاد بعد عام على أكثر تقدير، وتوقعت أن يكون السبب لمضايقات أو لتعب أو لمشقة العمل في لهيب الشمس، لكني تفاجأت عندما علمت أن السبب هو حرصه على أن يكون قرب أبنائه الصغار الذين سيكونون مع القادم ضمن طلبة الصف الأول الابتدائي، وقال الأبناء يحتاجون من يكون بجانبهم والتعليم في الصغر كالنقش على الحجر، ولن أنتظر حتى يكبر الأبناء وساعتها لن ينفع التعليم أو التربية.

لقد ذكرني كلامه هذا بقول الشاعر :

قد ينفع الأدب الأطفال في صغر.. وليس ينفع عند الشيبة الأدب

إن الغصون إذا قوّمتها اعتدلت.. ولن تلين ولو قوّمتها الخشبُ

أعرف أحد الأشخاص توفاه الله تعالى وهو مغترب عن أهله وأولاده ووطنه، وكل سنة يؤجل الاستقالة والمغادرة، حتى مات وحيدا مغتربا.

الغنى الذي يتمتع به صاحبنا بائع الآيس كريم ليس غنى المال لكنه غنى النفس والقناعة، وهو ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ليس الغنى عن كثرة العَرَض ولكن الغنى غنى النفس، والعرض يقصد به متاع الدنيا.

كثير من الناس يهمل بيته وأسرته من أجل البحث عن زينة الحياة الدنيا وزخرفها، ثم يضيع الأمانة التي حمله الله عز وجل إياها، وإن الله تعالى سائلا كل راع عما استرعاه أحفظ أم ضيع.



رسالتي



يقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( من كانت الدنيا همه، شتت الله عليه شمله وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له، ومن كانت الآخرة همه جمع الله عليه شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ).



Twitter : abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي