| عبدالعزيز صباح الفضلي |
تابعت عبر جريدة «الراي» مقابلة تمت مع أحد المخرجين قبل أيام، وكان يشتكي من منع مملكة البحرين له من تصوير أي مسلسلات جديدة على أرضها، بناء على اخراجه لمسلسل ما زال يعرض، اعتبرته البحرين يدعو لإثارة الفتنة الطائفية.
وأقول شكرا لمملكة البحرين، فهذا المسلسل من وجهة نظري ساقط من جهتين، الأولى، أنه يشوه صورة الإنسان المتدين والجماعات الإسلامية، فيظهر أتباعها على أنهم متسلطون يسعون لفرض آرائهم على الآخرين بالقوة، يقومون بجباية الأموال من الناس رغما عن أنوفهم، يصورهم وكأنهم قضاة يدخلون هذا في الجنة وذاك في سقر.
يصورون المتدين على أنه لا يتمالك نفسه أمام إغراء النساء حتى لو دفعه ذلك للرقص من أجل إرضائها، شوهوا صورته على أنه ممزق للمجتمع ويمشي في النميمة، إلى آخرها من الرسائل المباشرة وغير المباشرة والتي تجعل المشاهد يقول أعوذ بالله من هؤلاء الشياطين.
ومن ير ويتابع الواقع البحريني يعلم أن ليس في البحرين من نصّـبوا أنفسهم ليطبقوا الحدود على الناس، وإنما تعاني البحرين من تطرف طائفي، وثورة مدعومة من الخارج تحاول تدمير مكونات المجتمع، وتدق اسفين الفرقة بين أبنائها بإثارة النعرة الطائفية، وهذا ما تغافله المخرج. كما أن المسلسل يحمل بعدا ثوريا حتى في اسمه، وهناك رسائل غير مباشرة تدعو إلى التمرد والعصيان.
وجهة السقوط الثانية، أراها في تشويه صورة المجتمع البحريني من خلال جعل الهم الأكبر الذي يشغل بناته وشبابه هو الوقوع في الحب، والعلاقات الغرامية، فهذا يحب أخت هذا وذاك يغازل بنت هذا، وحتى كبار السن الذين شاب شعرهم لم يسلموا من تشويه صورتهم.
للأسف أن هذا المسلسل وغيره الكثير مما يعرض على كثير من قنوات فضائنا العربي هي عبارة عن معاول هدم في أخلاقيات المجتمع وسلوكيات أفراده، فتخيلوا كيف أن أحد المواقف يصور فتاة تلقي بنفسها من الأدوار العلوية بسبب حرمانها الزواج من حبيبها، وآخر يقطع وريد يده منتحرا بسبب منع أهله له من زيارة معشوقته، ألهذه الدرجة الحياة رخيصة عندهم؟ وهل بالفعل يكون الحب مبررا للإنسان كي يقع في كبيرة من الكبائر وهي الانتحار؟
أتألم كثيرا عندما أزور المدارس من واقع عملي ووظيفتي وأستمع إلى بعض المشاكل الأخلاقية التي تقع بين الطلاب والطالبات، ثم أتذكر هذه المسلسلات ودورها الإجرامي في تدمير الأخلاق في نفوس الشباب.
إن القائمين على هذه المسلسلات ليرتكبون جريمة في حق المجتمع تحت ستار الفن، وسيحملون أوزار كل من تأثر بأفكارهم وقام بتطبيقها.
لذلك أدعو القائمين على المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة في دول الخليج وعالمنا العربي على وجه الخصوص أن يتقوا الله في هذه الأجيال، والذين يتأثرون تأثرا كبيرا بما تبثه قنواتهم، فهم أحد أمرين إما معول هدم أو عامل بناء، كما أقدم خالص شكري وتقديري لكل قناة تتعامل مع المشاهد بكل مسؤولية وأمانة، وتسعى للرقي في المجتمع والسمو بأخلاقه.
Twitter : abdulaziz2002