عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / الإخوان ونظرية المؤامرة

تصغير
تكبير
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

يعيب خصوم التيار الديني على الإسلاميين أنهم دائما يرددون فكرة المؤامرة في تفسيرهم للأحداث، ومن يتأمل نظرة الليبراليين والعلمانيين وعموم خصوم الإسلاميين يجدهم يقعون في الخطأ نفسه الذي يستنكرونه على المتدينين.

كتبت مقالة قبل ثلاثة أشهر بعنوان ( مرشح محتار ) أوضحت فيها أن أي مرشح إسلامي لن يعجب خصومه مهما عمل، ولو أقسم لهم بأغلظ الأيمان على صفاء نيته، ونبل مقصده وهدفه.

هذه النظرة من خصوم التيار الديني تتكرر اليوم مع ترشيح الإخوان خيرت الشاطر للرئاسة، فبرغم كل المبررات التي ساقها الإخوان لتوضيح سبب تغير موقفهم من الترشح للرئاسة إلا ان ذلك كله لم يغفر لهم أمام خصومهم، والذين اعتبروا هذا التغير هو ضمن الألاعيب التي يستخدمها الإخوان في تعاملهم مع الآخرين.

لقد ساق الإخوان عدة مبررات لهذا التحول ومنها أن حكومة الجنزوري لم تستطع التعامل مع الأزمات التي تعاني منها البلاد كأزمة البنزين والغاز والانفلات الأمني الشديد، كما أن حكومة الجنزوري بدأت باتباع سياسة الأرض المحروقة فهناك صناديق خاصة في خزانة الدولة للاقتصاد المصري تم صرف المليارات منها على مشاريع غير مؤثرة، مما أدى إلى عدم استثمارها وضياعها، كما اكتشف الإخوان أن الحكومة الحالية بدأت تقترض المليارات من الخارج وبفوائد عالية، كي تأتي الحكومة القادمة فتجد نفسها عاجزة عن السداد، ولذا طلب الإخوان من المجلس العسكري إقالة حكومة الجنزوري والتي ستؤدي سياستها إلى إفلاس خزانة الدولة، إلا أن المجلس العسكري رفض في البداية، ثم تفاجأوا بموافقة العسكر على إقالة حكومة الجنزوري بشرط أن يعين المجلس العسكري عشرة وزراء في الوزارات السيادية، وأن يعطى حصانة ضد المحاكمة طوال الثورة وقبلها، وأن يكون للرئيس القادم نائبان أحدهما معين من قبلهم، ولما رفض الإخوان هذه الشروط هددهم المجلس العسكري بأنه لن يمكنهم من الدخول في السلطة التنفيذية، وأن قرار حل مجلس الشعب موجود عندهم في الدرج، هنا أيقن الإخوان بأن المجلس يريد التمسك بالسلطة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، فكان لا بد من طرح مرشح قوي يقف في وجه تطلعات المجلس العسكري، وكان الإخوان قد اتفقوا على دعم أحمد مكي لهذا المنصب وهو مرشح مستقل، لكنهم فوجئوا باعتذاره نهائيا، وأصبح الإخوان في مشكلة فالجيش يريد رئيسا وحكومة مواليين له، ومرشحهم الذين عقدوا العزم على دعمه انسحب، والمرشحون الإسلاميون الآخرون فرصهم في النجاح ليست قوية وستتشتت الأصوات بينهم مما يمكن من نجاح أحد فلول النظام السابق بالمنصب.

وبعد مشاورات الجماعة في مركز صنع القرار فيها تم التصويت على نزول انتخابات الرئاسة بمرشح من الإخوان ووقع الاختيار على خيرت الشاطر، حيث رأت الجماعة أن فرصة نجاحه ممكنة.

هذه المبررات دلت على عدم عقد الإخوان صفقات مع المجلس العسكري كما يتهمها البعض، وتدل على أن دخول الإخوان صراع المنافسة على الرئاسة دفعت له مكرهة.

يبقى أن قبول هذه المبررات من عدمه يرجع إلى الخلفية التي يحملها الآخرون عن الإخوان، فمن علم صدقهم وإخلاصهم وسمو أهدافهم، سيلتمس لهم العذر في تغير موقفهم من الرئاسة، ومن ينظر لهم عبر النظارة السوداء، فلن يفسر هذه الخطوة إلا على أنها أحد خدعهم وحيلهم للسيطرة على الحكم.

لا ندري ما الذي ستحمله الأيام القادمة من تطورات جديدة، ولكن في النهاية ستكون الكلمة للشعب وهو الذي إما أن يعطي مرشح الإخوان ثقته أو يحجبها عنه.

 

Twitter : abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي