| عبدالعزيز صباح الفضلي |
وأنا أتابع الأوضاع المأسوية في سورية، لا أدري لماذا عادت بي الذاكرة إلى مجازر الصرب التي ارتكبت ضد مسلمي البوسنة والهرسك في بداية التسعينات.
أخذت أقارن في الصراع وأطرافه وأحداثه، فوجدت أوجها كثيرة للشبه بينهما، فالهجمة الصربية ابتدأت ضد مسلمي البوسنة بعد إعلان البوسنيين استقلالهم ونيل حريتهم، وهو ما حصل من النظام السوري حينما طالب الشعب بحقه في الحصول على حريته ورفع كل القيود التي فرضها النظام عليه.
في البوسنة كانت هناك حملة تطهير عرقية تجاه المسلمين وكان هناك قتل على الهوية، والمشهد نفسه يتكرر في سورية، حيث يسعى النظام لقتل المسلمين السنة بالدرجة الأولى ومن أعظم الدلالة على ذلك هو تدمير المناطق ذات الغالبية السنية.
الصرب لم يتورعوا عن ارتكاب أبشع صور التنكيل بأهل البوسنة، وهو نفس ما فعله البعث السوري، قتل دون تمييز بين رجل أو امرأة، شيخ كبير أوطفل صغير، تعدٍ على الأعراض، هدم للبيوت على أصحابها، قصف للمساجد، قتل للمصلين... (تشابهت قلوبهم وأفعالهم).
مناظر المهجرين في الخيام على المناطق الحدودية، والذين فروا من أجل النجاة بأعراضهم ودمائهم، لا تكاد تختلف بين المشهدين.
من صور التشابه الدعم الروسي لكلا النظامين الصربي والسوري، وهو ما يشير إلى ما يتصف به الروس، والذين تدور مواقفهم إما من منطلق التعصب الصليبي العقدي كما هو في نصرتهم للصرب، أو من المصلحة المالية والابتزاز الدولي، وهو ما يبرر وقفهم مع النظامي السوري المجرم.
بعد توقف الحرب في البوسنة اكتُشفت الكثير من المقابر الجماعية والتي احتوت على الآلاف ممن كانوا في عداد المفقودين، ولا أستبعد أن توجد مثل هذه المقابر والتي ستكتشف بعد سقوط النظام السوري، فتاريخه الأسود يجعلنا لا نشك لحظة أنه لا يتورع عن ارتكاب مثل هذه المجازر.
برغم شناعة الحرب التي شنها كلا النظامين والآثار المأسوية الناجمة عنها، إلا أن صورا إيجابية متشابهة رأيناها تقع مع تلك المأستين، فأهل البوسنة كانوا بعيدين إلى حد ما عن الله عزوجل ــ نتيجة وجودهم تحت الحكم الشيوعي في الجمهورية اليوغسلافية قبل الاستقلال ـ ولكنهم ومع بداية الحرب علموا أنهم إنما يقتلون من أجل هويتهم الإسلامية فحرصوا على المحافظة عليها، والأمر الثاني يقينهم بأنه لن يفرج الكربة غير الله، وقد نُقل لنا أن المساجد في البوسنة امتلأت بالمصلين، وزادت نسبة ارتداء نسائهم للحجاب، كما ارتفعت نسبة الملتزمين بين الشباب البوسني، وهو الأمر الذي تكرر في سورية وإن كان الشعب السوري يعتبر أكثر محافظة.
الوحدة والتلاحم الذي عاشه المسلمون خلال حرب البوسنة نراه يتكرر اليوم مع القضية السورية، فلا يكاد بلد عربي أو مسلم ـ عدا إيران والعراق ــ إلا وتجد فيه نصرة للثورة السورية، سواء بالمال أو السلاح أو الغذاء، وحملات التبرع التي شهدناها عبر القنوات الرسمية والخاصة والتي جمعت مئات الملايين من الدولارات خير دليل على ذلك.
يبقى أن نختم بالقول انه كما تحقق للبوسنيين حلمهم، واستطاعوا تثبيت دولتهم المستقلة، فإن ذلك التحرر سيتحقق على أرض سورية الحبيبة قريبا بإذن الله.
رسالتي
عبر التاريخ لم يضع حق وراءه مطالب، والثورة السورية يوما بعد آخر يشتد عودها، ويقوى تماسك أفرادها ومجموعاتها، ومع اشتداد المحنة ستأتي المنحة، والنظام السوري سيسقط لا محالة وإن زاد بطشه، وخطاب الثورة السورية للنظام اليوم هو قول الله تعالى ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون ).
Twitter : abdulaziz2002