عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / بين القصور والقبور

تصغير
تكبير
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

بعث لي أحد الأصدقاء عبر «الواتس أب» رابطا وكتب معه : شاهد آخر منزل سكنه المليونير (فلان)، فلما فتحت الرابط وإذ به صورة قبر كتب على شاهده اسم ذلك التاجر.

تذكرت مع هذه الصورة قول الشاعر:

وكم من فتى يمسي ويصبح لاهيا... وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري

وكم ساكن عند الصباح بقصره... وعند المسى قد صار من ساكني القبر

القبر مدرسة عظيمة، لذلك كان الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو إلى زيارتها والتعلم منها، لأنها تذكر الآخرة، وترقق القلوب، وتدفع إلى التوبة، وتشجع على رد المظالم. فالقبر يقول للمذنب وللعاق وللمدمن وللبخيل وللظالم: (أنا بيت الدود، أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الوحدة، هذا ما أعددته لك فماذا أعددت لي).

إن زيارتك للقبور تعلمك العدالة فالكل متساوٍ في باطنها، وإن كان البعض يريد التمايز والتفاخر في ظاهرها، ولكن تحت الأرض تكون العدالة، فقبر الصالح (روضة من رياض الجنة) وقبر الفاجر (حفرة من حفر النار) إن لم يتغمده الله برحمته، ولقد مرت بي عبارة كتبها أحدهم وكم أتمنى لو تأملناها (من لم يتأدب مع الله فوق الأرض أدبه الله تعالى تحت الأرض).

وبمناسبة حديثنا عن المقابر، فأود الإشارة إلى بعض الملحوظات والتي غالبا ما تكرر من الناس عند المقبرة، وأرى من الضروري التنبيه لها، ومنها أننا نرى البعض يقود سيارته بسرعة كبيرة داخل المقبرة من أجل إدراك صلاة الجنازة، وقد يتسبب ذلك بحادث خصوصا عند التقاطعات، ناهيك عن أن هذا لا يليق مع دخول المقابر والتي ينبغي أن يدخلها الإنسان بخشوع وسكينة.

ومن الأخطاء تجمع الناس حول حافة القبر والتضييق على من يقوم بدفن الميت وقد وقعت ثلاث حالات وقع بها الناس على قبر الميت، وقد كنت حاضرا لإحداها، لذلك أتمنى لو يكون هناك ترتيب وتنظيم يمنع الوقوف على حافة القبر إلا لمن تدعو الحاجة له.

البعض عند ذهابه للمقبرة لا يحرص على صلاة الجنازة ولا على متابعة الميت حتى دفنه، ويكتفي بمجرد تعزية أهل الميت وهو بذلك يضيع على نفسه أجرا عظيما، فمن صلى على الميت كتب له قيراط من الأجر، ومن انتظر الجنازة حتى تدفن كتب له قيراطان، ولما سئل الرسول عليه الصلاة والسلام عن مقدار القيراط قال (كجبل أحد).

نرى البعض لا يراعي حرمة الأموات ولا احترام أهل الميت، ولذلك تجده عند القبور يدخن سيجارته، أو يرفع صوته بالضحكات، والبعض لا يحلو له الحديث عن التجارة أو البورصة إلا عند رؤوس الأموات!!

هناك مشكلة موجودة عند المقابر وغيرها ولا أدري متى تنتهي ألا وهي احترام الدور، فحتى عند التعزية ترى من يتقدم عليك أو يأتي من الاتجاه المعاكس، مع أن الكل ربما عنده انشغالات أكثر منك لكنه حريص على احترام الآخرين، فمتى نتطور؟

يشتكي البعض من الاستعجال في إقامة صلاة العصر في مسجد المقبرة، ما يفوت على الكثيرين إدراك صلاة الجنازة، والتي تؤدى بعد انصراف الناس من صلاة العصر مباشرة، لذلك نتمنى من وزارة الأوقاف تغيير التوقيت ولهم بذلك الأجر إن شاء الله.

رسالتي

كم زرنا المقابر، وكم حملنا من جنائز، وكم دفنا من أموات، أما آن لنا أن نعتبر ونتعظ، ونتذكر أننا كما حملنا سنُحمل، وكما دفنا سنُدفن، فيا تارك الصلاة (صل قبل أن يصلى عليك).

 

Twitter : @abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي