بعد مرسوم حل مجلس الأمة، بدأت أسماء عديدة للمرشحين تطرح لخوض الانتخابات، منها ما يعلنه المرشح بنفسه، وأخرى يتم طرحها من قبل المقربين لهم، وثالثة يتمناها بعض الغيورين والحريصين على الإصلاح.
والموجة هذه الأيام تميل ناحية المعارضين، ولذلك نرى اندفاعا كبيرا عند الكثيرين نحو خوض هذه التجربة، يدفعهم الجو العام، وفضائح القبيضة، واضطرار الحكومة لتقديم استقالتها بعد الضغط الشعبي.
وهنا أتوجه بالنصح لبعض من أرى تحمسهم وأتمنى ألا يستعجلوا بترشيح أنفسهم، وفي مقدمة هؤلاء بعض جموع الشباب والذين أبلوا بلاء حسنا في الفترة الماضية، وكانوا هم شعلة النشاط والبذل والتضحية، والتي وصلت ببعضهم إلى حد الاعتقال.
ولكن هل كل شاب تحرك وعمل واعتقل يصلح أن يكون عضوا في البرلمان؟ أسمع وأقرأ لمجاميع شبابية تطالب بالتخلي عن نواب المعارضة وعدم الالتفات لهم، وأن يكون للشباب نواب منهم يكونون قريبين من أفكارهم، وأود أن أذكر هؤلاء الشباب ببعض التجارب التي خاضوها سابقا، ومنها دعوتهم لتجمعات تخلو من النواب، وكانت النتيجة ضعف الحضور وقلة التفاعل.
لذلك أتمنى من إخواني الشباب أن يكملوا مسيرة النجاح والإصلاح باختيار من له فرص للنجاح من الشخصيات المقبولة، وأن تكون الفرص مبنية على دراسة للواقع لا فرص تبنى على الحماس والعواطف.
مجموعة أخرى متحمسة للنزول وهي المنتمية لبعض التيارات، ولكنها لم تفز بترشيح قواعدهم، وهؤلاء وإن كان فيهم الخير الكثير، ولكني أتمنى ألا يخسروا إخوانهم وتيارهم، ولعل الفرص في الإصلاح تكون لهم في مجالات أخرى، فليس شرطا أن تكون نائبا حتى تتمكن من الإصلاح.
مجموعة ثالثة من أبناء القبائل، وقد سمعت عن بعض هؤلاء الشباب ممن يدفعهم ويشجعهم أقرباؤهم إلى خوض تجربة الانتخابات، وهم يرون أنهم لا يصلحون للجو السياسي، وأدعو هؤلاء الشباب إلى التمسك برأيهم، وعدم إحراج أنفسهم وإن كثر الضغط من المحبين، وكما قيل رحم الله إمرأً عرف قدر نفسه.
وهناك بعض المتديين ممن عرفوا بصلاحهم واستقامتهم، وربما بدأت نفوسهم تراودهم لنزول الانتخابات، وأذكر هؤلاء الكرام بوصية النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذر الغفاري وقد صارحه بأنه ضعيف في هذا المجال: إنها أمانة وهي يوم القيامة خزي وندامة، فالبعض قد يوفق كإمام وخطيب لكنه لا يصلح نائبا.
القبيضة والحياء
من المظاهر الجديدة التي أثمرها الحراك الشعبي، هي المصارحة وعدم المجاملة، ففي السابق كانت النائب أو المرشح يأتي للمجالس والديوانيات وبرغم ضعف أدائه إلا أنه كان يخرج من هذه المجالس مطمئن النفس لما لاقاه من حفاوة وترحيب، أما اليوم فأعتقد أن كل قبيض أو متخاذل أو من تدور عليه الشبهات، يفكر ألف مرة قبل الدخول إلى هذه المجالس، وتراه يعد الردود ويستحضر بعض المواقف التي ربما تشفع له عن الناخبين، وأنا أنصح هؤلاء خصوصاً القبيضة إن كان لديهم بقية حياء أن يحفظوا كرامتهم، ويعتزلوا العمل السياسي قبل أن يمرغها لهم الناخبون في التراب، وليس أدل على ذلك من طرد بعض النواب السابقين من بعض حفلات الزفاف، بل إن بعض الديوانيات وضعت إعلانات عند مداخلها تطلب من هؤلاء القبيضة عدم إحراج أنفسهم، لأن رواد الديوانية على غير استعداد لاستقبالهم.
المعارضة والفرعيات
الفرعيات مخالفة للقانون، وقد يسميها البعض تشاورية للهروب من المساءلة القانونية، ولكن ما أود الإشارة إليه أن هذه التصفيات بين أبناء القبيلة، سيلجأ البعض إلى إسقاط المعارضين السابقين، من خلال بعض التحالفات والتآمرات والخيانات، وسيسعى بعض الخاسرين للساحة من النواب القبيضة إلى المشاركة في تلك المؤامرة، لذلك أتمنى ممن وفقوا في الفترة الماضية، وحازوا على تأييد الشارع بالابتعاد عن هذه الفرعيات، التزاما بالقانون من جهة، وخروجا من فخ المؤامرة.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Twitter : @abdulaziz2002
[email protected]