منى فهد العبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / جمعية حقوق الطائفية

تصغير
تكبير
من منا لا يعلم بأن الإسلام شرَّع للإنسان حقوقه في شمول وعمق، وأحاطها بضمانات كافية لحمايتها ورعايتها، وما قامت المجتمعات المسلمة إلا على أصول ومبادئ الدين التي تُدّعم تلك الحقوق الإنسانية، ومن منا لا يُسّلم بعجز العقل البشري في وضع منهاج أقوم للحياة، يستطيع أن يدافع ويذود عن حقوق الإنسان المدنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.

وما جاء هذا التشريع إلا لتنظيم المجتمعات وإقامتها على ركن متين، ليحيا الناس جمعيا في المجتمع سواء، لا امتياز ولا تمييز بين فرد وآخر على أساس من أصل، أو عنصر، أو جنس، أو لون، أو لغة، أو دين، على أن يتمتع الإنسان بحريته كاملة التي ولد بها ويحقق ذاته في ظلها، آمنا من الكبت والقهر والإذلال والاستعباد.

وهذه الحقوق الإنسانية التي شرعها الله ليس من حق بشر أن يعطلها أو يتعدى عليها أو يسقطها أو يتنازل عنها، فمن هذه الحقوق تقرر السياسات التي تنظم الأمة، وتجعلها تسير وفق أسلوب واضح أبلج بَيّنْ لا يعتريه النقصان ولا يشوبه العجز.

إن حياة الإنسان مقدسة ولا يجوز لأحد أن يعبث بها أو يتعدى عليها بمطالبات تضر بالإنسان والإنسانية، في ظاهرها حقوق إنسانية وباطنها طائفية ومذهبية بغيضة تصادر المبدأ الإسلامي العام، الذي يؤكد أن الناس كلهم في القيمة الإنسانية سواء، والتي هي مصدر من مصادر الشريعة ولا يجوز لأحد أن يجبرنا ويلزمنا بمخالفة تلك المصادر وذلك حماية وصون للحقوق الإنسانية.

لكل شخص حريته في التفكير بحيث يعبر عن فكره ومعتقده، دون تدخل وتطفل من أحد طالما يلتزم الحدود العامة التي أقرتها الشريعة، والتفكير ليس فقط حرية بل هو واجب علينا لنبحث عن الحق، ولا يجوز إذاعة الباطل ونشره وإعلانه، وما رأينا وقرأنا من مطالبات لا حقوقية بتقرير لـ «الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان» المرفوع إلى «لجنة الحقوق المدنية والسياسية في مجلس حقوق الإنسان» ضد دولة الكويت، إنها لمطالبات سافرة تُجرم الحقوق الإنسانية وتتعدى عليها، لأنها في الحقيقة ليست بمطالبات حقوقية، بل هو تدخل مترائي في التنظيم المدني الداخلي لدولة الكويت، فلقد نظمت سويسرا تنظيما مدنيا بمنع المآذن، ونظمت فرنسا تنظيما آخر بمنع المسلمين من الصلاة في الأماكن العامة، ومنع النقاب وتغريم من ترتديه بـ (150 يورو)، ولم تحرك جمعية حقوق الإنسان ساكناً ولم تطالب بالحقوق الإنسانية للمسلمين، وجاءت اليوم تطالب بالسماح بإنشاء الكنائس والمعابد للهندوس والبهرة وغيرهم، وإلغاء قانون تجريم المجاهرة بالإفطار في رمضان، وتغيير مناهج التربية الإسلامية التي تعلم التوحيد ونواقضه، وتعليم أفراد المذهب الشيعي الفقه الجعفري في مدارسنا، والطامة الكبرى في المطالبات التوصية بإلغاء تجريم قانون التّشبُه بالآخر والسماح لهم بتأسيس جمعيات خاصة بهم، وهذه بعض التوصيات والمطالبات في التقرير المقدم لمجلس حقوق الإنسان.

أين أنتم من سجناء «غوانتنامو» الكويتيين المسلمين إن كنتم حقا تطالبون بحقوق الإنسان، أين أنتم من حقوق المسلمين المدنية والسياسية في دول الغرب؟! التي منها سويسرا وفرنسا، فلقد تجردتم من إنسانيتكم بهذه المطالبات والتوصيات التي تعتبر وصمة خذلان للحقوق الإنسانية.

إن حرية الاعتقاد مكفولة، وهي مخفية بما يعتقد به الإنسان، وله مطلق الحرية بممارستها في عقر داره، وأغلب ما جاء في التقرير من توصيات ومطالبات مخالفة للشريعة الإسلامية، ونحن ذكرنا سلفا ان الحقوق الإنسانية التي تعارض وتخالف الشريعة فهي ليست بحقوق إنسانية، إن مطالبات تلك الجمعية الحقوقية لهي نزق وخرق للحقوق الإنسانية، وهي علة ترجعنا إلى عصر التخلف بعد ما أصبحت الثقافة المجتمعية بحقوق الإنسان في نهوض وارتقاء ملحوظين، جاءتنا تلك الجمعية التي يقال إنها حقوقية بمطالبات تهين كرامة الجنس البشري، وتجردنا من خصوصيتنا الإنسانية كمسلمين، ونحن أمة المبادئ الرفيعة والمثل العليا.



منى فهد العبدالرزاق الوهيب

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي